لوحا خشب علي بركة ماء.. هذا هو حال المعدومين في عشش عزبة خير الله, فالاسم لا يمت لواقع المنطقة بأي صلة. . فلم يمر خير منذ زمن علي هذه المنطقة ومجرد التجول في طرقات هذه التجمعات السكنية, تكشف عن حالة من التردي علي جميع المستويات. ولم تخل بقعة علي أرض عزبة خير الله من ماسأة, فزوايا المنطقة تملأها القمامة, والحشرات تتطاير في كل مكان, والأفاعي تسكن جحور العشش المهدمة, وبرك المياه تغرق كامل المنطقة. العمل الروتيني اليومي لعدد كبير من سكان المنطقة يقوم في الأساس علي التجول في شوارع القاهرة وتفحص أكوام القمامة لجمع ما يمكن الاستفادة منه لاحقا, ثم الانتقال للأعمال المنزلية, وفرز محتويات القمامة, واستخلاص قطع البلاستيك منها, لبيعها لمصانع إعادة تدوير القمامة, فلم تعد عوائد بيع قطع البلاستيك تكفي حاجة الأسر, فالأطفال يعملون في سن السابعة في أعمال النجارة وورش الرخام, ب35 جنيها أسبوعيا. التقينا منصورة عشري, إحدي سيدات المنطقة, التي حدثتنا وهي مشغولة في جمع أجولة القمامة في انتظار عودة زوجها للبدء في فرز قطع البلاستيك, فقالت: المجاري تطفح يوميا خاصة في فصل الشتاء, حيث تغرق المنطقة بالكامل, وتتحول إلي برك. أم نادية.. ذكري مأساوية تحمل في طياتها قصة حياة امرأة ولدت في هذه الأجواء ليحمل الشارع الرئيسي بالعزبة اسمها, يقسم الشارع طول العزبة شرقا وغربا, يحتوي سوقا ومدرسة بإمكانات ضحلة, وإضاءة الشوارع منعدمة ومطالب إصلاحها ضرب من الخيال, إلا من بعض الإضاءة التي يضعها الأهالي علي واجهات منازلهم, إن جاز التعبير فهي في الأصل عشش. والبنية التحتية عمرها يتعدي العقدين, نفذت بجهود ذاتية, حالتها تشبه أوصاف نجيب محفوظ في رائعة أولاد حارتنا مع زيادة الكثافة السكانية وانعدام الخدمات, باستثناء مواصلات خاصة تربط العزبة بالسيدة عائشة والعتبة, ويغيب عن العزبة بالرغم من الورش والأعمال الحرفية الأمن والخدمات الصحية والبيئية, ومع مرور الأيام تتفاقم الأزمة حد التناهي.