حسن مصطفي.. واحد من عمالقة زمن الفن الجميل, ظل لسنوات طويلة ملء السمع والبصر في السينما وعلي خشبة المسرح, أما الآن فلا نراه إلا في بعض الأدوار التليفزيونية التي ربما لا تليق بحجمه الفني الكبير. حديث ذو شجون عن الماضي والحاضر في الحوار التالي معه. * حسن مصطفي.. صاحب التاريخ الفني الطويل أين هو الآن؟! ** أنا في بيتي أتمتع بصحة جيدة والحمد لله مازلت قادرا علي العطاء والإبداع والتمثيل وحفظ الأدوار ولا ينقصني شيء. * إذن لماذا لا نراك علي الساحة الفنية بالقدر الكافي أو المتوقع؟ ** والله لا أعلم.. ربما لإنني لم اعتد في حياتي علي ان أسعي وراء عمل أو دور.. حتي في بداياتي عندما كنت لا أقول سوي جملة واحدة في الفيلم حتي في ذلك الوقت لم أسع إلي عمل.. عمري ما رفعت سماعة التليفون علي منتج أو مخرج كي أقول له أنا هنا. * وما العيب في أن تسعي لعمل علاقات جيدة ما دام هذا من متطلبات المهنة؟ ** أنا علاقاتي طيبة بالجميع علي المستوي الإنساني ولا أري عيبا فيمن يسعون وراء الأدوار فكثيرون يفعلون ذلك لكن هناك أيضا من هم مثلي لا يجيدون السعي وراء الأدوار, فلكل واحد طبيعته. * في رأيك.. لماذا لا يسعي المنتجون والمخرجون إليك برغم تاريخك الفني؟ * لأن الزمن اختلف.. ولكل زمن رجاله.. والجيل الجديد حاليا يعرف بعضهم بعضا ويختارون بعض وهذا من حقهم.. لكن في نفس الوقت أري أن مهمة المنتجين والمخرجين الجدد هي أن يستعينوا بالجيل الأقدم الذي مازال قادرا علي العطاء والاستفادة بخبراتهم الكبيرة التي بلا شك ستضفي فائدة علي العمل ككل.. لذلك يجب عليهم أن يسعوا وراءنا لا ان نسعي نحن وراءهم! *ربما يكون البعض من عمالقة الزمن الجميل لهم شروط خاصة أو قاسية للتعاون؟ ** غير صحيح.. أنا واحد من الناس لا أقوم باشتراط أي شيء خاص ما دمت مقتنعا بالعمل منذ البداية وما دمت أتعامل مع ناس يحترمونني ويحترمون تاريخي. * ما هي شروطك لكي تقتنع بالعمل أصلا؟ ** أنا تعودت أن أنظر إلي العمل بعيون المشاهد وأحكم عليه ك مشاهد أولا ولا أشترط أن يكون دوري محوريا لأنني أقدر إختلاف الزمن لكنني اشترط ان يكون محترما وأن يكون العمل كله ذا قيمة وليس سطحيا.. بعد كل هذا أبدأ في التفاوض علي أجري واسمي بما لا يتعارض مع قيمتي كفنان والحمد لله أنني لم أتعرض حتي الآن لمحاولات بخس فكل الذين يطلبونني يعلمون قدري جيدا. * هل هذا المبدأ هو ما دعاك لقبول ضيف الشرف في أفلام من بطولة ياسمين عبدالعزيز وغادة عادل؟ ** نعم.. وعلي فكرة تجربة العمل مع الشبان أسعدتني جدا فأنا لم أعمل إلا مع المتميزين منهم فياسمين عبدالعزيز تتمتع بخفة ظل طبيعية وغادة عادل تقدم أفلاما لها محتوي فني ثقيل. * ومن الذين تحب أن تعمل معهم في الفترة القادمة؟ ** كثيرون: هنيدي وحلمي وهاني رمزي وغيرهم فكلهم جيدون ومعظمهم طلع علي ايديا مثل هنيدي الذي قدم معي البخيل وأنا ومحمد سعد اشتغل معايا مسرح زمان وكلهم أحب أن اتفرج عليهم وأن اعمل معهم ايضا. * كل الذين ذكرتهم كوميديانات.. هل تري فرقا بين كوميديا الأمس وكوميديا اليوم؟ ** نعم اجد فرقا شاسعا زمان كانت الكوميديا تعتمد علي الموقف أما الآن فالكوميديا معظمها كوميديا قافية وإفيهات والفرق كبير طبعا * برغم أنك قدمت التراجيديا.. إلا أنك تحسب علي الكوميديانات.. هل أنت موافق علي هذا التصنيف؟ ** أنا لا أحسبها بهذه الطريقة لإنني لا يفرق معي تراجيديا أو كوميديا, كل الذي يهمني هو الدور الجيد لكن إذا تساوت الجودة فبالتأكيد أفضل تقديم الكوميديا. * برغم صعوبتها المعروفة؟!! ** هي بالفعل أصعب من التراجيديا.. لكن أنا بعد كل هذه السنوات من العمل والخبرة لم يعد هناك شيء صعب علي فأنا استطيع تقديم أي شيء بمنتهي السهولة. * مادمنا نتحدث عن الكوميديا.. فلابد أن أسألك عن المسرح الذي لم تقف علي خشبته منذ أكثر من عشرة أعوام... لماذا؟ ** أنا عندي تاريخ في المسرح واسمح لنفسي أن أقول أن أحدا لم ولن يقدم مثله!! لكن أين هو المسرح وفي السنوات الأخيرة للأسف لا يوجد.. زمان كان هناك أكثر من خمسة عشر مسرحا في القاهرة تعمل في نفس الوقت.. وكان العظماء أمثال رمسيس نجيب يحضرون العروض بأنفسهم لإختيار المواهب وتبنيها وكانت الصحافة تشجع هذا.. أذكر ان رئيس تحرير الكواكب في الخمسينيات كان يصر علي حضور كل العروض بنفسه ثم يقوم بالكتابة عن الممثلين واحدا واحدا!! لكن الآن لم يعد هناك مسرح قطاع خاص اللهم إلا ما يقدمه سمير غانم.. أما عادل إمام فهو حالة خاصة خارج المنافسة لإنه يحب المسرح ويعيشه ويقاوم حتي آخر لحظة. * لكن مسرح القطاع العام بدأ ينتعش في الفترة الأخيرة.. لماذا لا تشارك به؟ ** هذا صحيح فالدكتور أشرف زكي يقوم بمجهودات خارقة لإنعاش مسرح الدولة حتي يضيء أنواره مرة أخري لكن بالرغم مما يقوم به فمازال هناك الكثير لأن الموضوع ليس بسيطا فثقافة الناس قد تغيرت إلي ثقافة الوجبات السريعة, حتي الكتابة للمسرح لم تعد جيدة وبرغم تفاؤلي الدائم أقول أنه مازال الوقت مبكرا لكي تحدث نهضة في المسرح. * هل تتلقي عروضا مسرحية وترفضها.. أم أنك لاتتلقاها من الاساس؟ ** بصراحة.. لا أتلقي حاليا عروضا مسرحية.. لكنني حتي لو تلقيت فإنني سأقدم شروطي بلا أي تنازلات فالمسرح هو الشيء الوحيد الذي لا أقبل بأي تنازلات بشأنه لإنني أصلا خريج مسرح وفنان مسرحي وبعد كل ما قدمته علي خشبة المسرح لن أسمح أن أقدم الآن شيئا يجعل الناس يقولون الراجل كبر وخرف! لذلك فمن حقي أن يكون النص جيدا والاخراج علي أعلي مستوي وأن أعرف من الذي سيمثل معي وكيف سيكون أجري.. كل شيء من الألف للياء أتحقق منه قبل أن أعود للمسرح.. * ما الذي تعتبره أفضل عمل قدمته في تاريخك المسرحي؟ ** سيدتي الجميلة بلا نقاش أو جدال, فهي ليست أفضل عمل مسرحي قدمته, لكنها أفضل عمل مسرحي قدمه المسرح المصري علي الاطلاق فهي ماسترسين المسرح المصري, لإن هذه المسرحية اجتمعت لها كل عوامل النجاح من ابطال عباقرة مثل فؤاد المهندس وشويكار.. واخراج واستعراضات وموسيقي وكل التفاصيل كانت علي أعلي مستوي. * شاركت في خمسة أعمال تليفزيونية في العام الأخير.. هل كان ذلك تعويضا عن غياب السينما والمسرح؟ ** الحمدلله الذي رحمنا بوجود هذا التميز في الأعمال الدرامية! فهي إلي حد ما تبقي الفنان علي صلة بفنه لكنها ابدا لا تستطيع التعويض عن السينما ولا الاقتراب من بريقها!! لان المسلسل التليفزيوني الواحد عبارة عن عشرين ساعة من الممكن أن يشعر المشاهد خلالها بالملل أو يتوه في التفاصيل, أما السينما فهي فن التكثيف والتركيز.. وفي أقل من ساعتين من الممكن أن يتم التأثير في الجمهور أكثر من العشرين ساعة. * أخيرا.. لماذا لم تقدم مع زوجتك الفنانة ميمي جمال دويتو سينمائيا مثلما فعل الكثير من الفنانين الأزواج؟ ** أنا طول عمري لم أتعمد التمثيل معها ولا عدم التمثيل معها إذا تم ترشيحها معي أكون سعيدا وإذا لم يتم ترشيحها احترم رؤية المخرج فنحن مرتبطان بالزواج.. لا بالفن!