لايمكن القطع بأن عنصرية الغرب ضد الإسلام تنطلق فقط بسبب أعمال ارهابية هنا وهناك أعلن تنظيم القاعدة مسئوليته عن ارتكابها, كما أن المحللين الذين يزعمون بتنامي كراهية المسلمين بعد تفجيرات11 سبتمبر2001 وبسببها يبتسرون الأحكام ويحصرونها في فترة محدودة جدا.. فالمسألة لها جذور عميقة في الوعي الأوروبي تعود لقرون.. أسهم في ترسيخها مفكرون وزعماء وقادة ورجال دين متطرفون ربطوا بين الإسلام( دين السلام) وبين الإرهاب لدوافع استعمارية, ولدواعي الصراع بين الحضارات, ولخوف شديد من سهولة انتشاره في أوروبا وأمريكا إلي الحد الذي دفع الكثير من الاوروبيين للتحذير من اسلمة أوروبا علي المدي البعيد, وهو ما عبرت عنه صحيفة الصنداي تايمز تلجراف البريطانية في تحقيق نشرته أخيرا انتهي إلي أن خمس سكان أوروبا( الاتحاد الأوروبي) بدوله ال27 سيكونون من المسلمين في عام2050 في إشارة تحذيرية من الخطر القادم!! حيث أكدت الصحيفة( في لهجة لاتخلو من التحريض) أن السياسيين الغربيين أخفقوا في مواجهة تحديات ما وصفته ب القنبلة الديموغرافية الإسلامية في الغرب, إشارة إلي معدلات تزايد المسلمين وخطورتها علي المجتمعات الغربية المسيحية. (الإسلامفوبيا) ليست مجرد خوف من الإسلام, ولكنها هيستريا وتيار قوي وعنيف تؤيده الكثير من الصحف ووسائل الإعلام ليس في بريطانيا وحدها, ولكن في كل الدول الأوروبية, وتتناوله دراسات أكاديمية وأبحاث ومؤتمرات وتقارير أمنية واستراتيجية, هو خوف أشبه مايكون بالخوف من الجيوش النظامية المدججة بأحدث أنواع الاسلحة, وربما يزيد عليه بكثير وهذا الخوف المرضي من الإسلام, ومن الوجود الإسلامي المتمثل في ملايين المهاجرين الأتراك والمغاربة والجزائريين والمصريين والباكستانيين والبنجلاديشيين وغيرهم الذين لايمكن تجاهل وجودهم في أوروبا منذ عقود, هو الذي يدفع المؤسسات الأوروبية لمناقشة الموضوع علي أعلي المستويات, وإلي تغيير قوانين الهجرة وتصعيب الحصول علي تأشيرات الدخول, وتحويل الحصول علي الجنسية الأوروبية بالنسبة للمسلمين إلي موضوع أشبه بالمستحيل, وهو الذي يقف حجر عثرة أمام انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي, وهو ما يفسر كيف وقفت أوروبا والغرب كله موقف المتفرج من حرب التطهير العرفي التي مارسها الصرب والكروات إزاء مسلمي البوسنة حتي ينتهي الصرب من إبادة أكبر عدد ممكن منهم فيما يمكن اعتباره جريمة القرن العشرين الكبري. (الإسلاموفوبيا) هو الذي يفسر الان إجراءات التمييز ضد مسلمي أوروبا أنفسهم, ويبرر كل حوادث العنف والقتل للمسلمين في القارة العجوز ولانكون مبالغين إذا أضفنا أن تدنيس نسخ من القرآن الكريم ومحاولات حرقه وتمزيقه في أكثر من عاصمة أوروبية وفي عدد من الولاياتالأمريكية وفي إسرائيل, وكذا الإساءة إلي الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في الصحف وبعض الادبيات المتطرفة في النرويج والدنمارك, وإعادة نشر هذه الرسوم المسيئة في كثير من الجرائد الأوروبية دعما لموقف صحف الدنمارك وتخفيفا من الانتقادات التي تعرضت لها بسبب نشرها لتلك الرسوم, ما هي إلا مظاهر للتعبير عن الاحتقان الغربي تجاه الإسلام والمسلمين, وشكل من أشكال التعبير المتطرف عن تصفية حسابات غريبة لاتمت للموضوعية والشفافية بأية صلة. وربما يكون هذا مادفع مركز سواسية لحقوق الانسان ومناهضة التمييز لتأكيد أن الأوضاع المأساوية التي يحياها المسلمون في الغرب وصلت الي درجات غير مسبوقة وفقا لتقارير صادرة عن الاممالمتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية, حيث أكدت أن ثلث المسلمين يتعرضون لتمييز ممنهج وعنصري في أوروبا وأمريكا, فقد عرض المركز تقريرا بعنوان( المسلمون في الغرب.. حقوق ضائعة وكرامة مهدرة) لأوضاع المسلمين في الغرب, والانتهاكات التي يتعرضون لها ودور وسائل الإعلام في نشر التمييز والعنصرية ضد الإسلام والمسلمين بتشويه صورة المسلمين بالاتهامات الباطلة التي تربط بين الإسلام والارهاب والرجعية والتطرف والعدوانية, ثم بالتحريض علي شن هجمات عليهم ومنعهم من الحصول علي حقوقهم, وهي الحملة التي وصلت لذروتها في الولاياتالمتحدة فعطلت بناء مسجد بالقرب من مركز التجارة العالمي, واوقفت بناء آخر في فرنسا, بل والدعوة الي منع بناء المساجد نهائيا في الغرب, ثم المناداة بجعل يوم11 سبتمبر يوما عالميا لحرق المصحف الشريف!! فيما نشر الموقع الالكتروني لصحيفة كل العرب في بريطانيا نص عبارات عنصرية وضعتها صديقة( كيت ميدلتون) خطيبة الأمير وليام ولي عهد بريطانيا جاء فيها تحت عنوات( لا للمسلمين) علي حسابها في( تويتر) واسمها إيما سايل حيت قالت: انتهيت لتوي من درس مدته ساعتان لإطلاق النار. وحصلت علي المؤهلات التي تمكنني من استخدام المسدس في شرق لندن للمساعدة في التصدي للقادمين الي المملكة المتحدة بصورة غير قانونية مؤكدة انها علي استعداد الي استخدام سلاحها ضد سكان شرقي لندن الذين غالبيتهم من الباكستانيين والبنغاليين والهنود ومعظمهم من المسلمين. ورغم إبلاغ شرطة سكوتلاند يارد الي الادعاء الملكي تقول فيه ان الملف الذي كان قد فتح في حق الآنسة سايل في اعقاب تلفظها بهذه العبارات العنصرية قد اغلق الا انها اكدت وفي رسالة ثانية علي حسابها في الفيس بوك قالت قام أحدهم بإبلاغ الشرطة عن عبارات عنصرية تلفظت بها.. هاهاها. لا اعتقد ان استخدام مسدسي في التصدي للقادمين غير الشرعيين الي المملكة المتحدة شيء عنصري ابدا وقال محقق في اسكوتلاند يارد ان شرطة كنزنجتون وتشيلسي حققت في العبارات العنصرية ولم يتم اعتقال احد اما في العشرين من الشهر الجاري فقد حضرت سيدة الي مقر الشرطة في العاصمة وتم التحقيق معها بحذر شديد. فيما قام المحققون بالاتصال بالادعاء الملكي الذي افضي بان لاتكون هنالك أي تحركات اخري في الموضوع. كما لاتزال معاناة المسلمين من الاعتدادات المتتالية علي الأفراد, والمؤسسات والجمعيات الخيرية, وطلاب المدارس والجامعات, والحجاب, والنقاب ترتفع أصوات استغاثتها, ولكن دون جدوي من قبل المؤسسة الرسمية, والحكومية البريطانية. ففي الوقت الذي تحاك فيه المكايد للمسلمين علي يد اليمين المتطرف, وتقام حملات التظاهر ضد الوجود الإسلامي, قام موقع أخبار المسلمين البريطاني بنشر مقال حول تجاهل الحكومة البريطانية لاستغاثة المجتمع الإسلامي من الاعتداءات الوحشية المتكررة والمتصاعدة, في الفترة الاخيرة, وخصوصا عقب احداث11 سبتمبر, ودعاوي الحرب علي الارهاب, وبرنامج حماية البريطاني, لتعقب المتطرفين علي حد زعمهم ودور الاعلام الخبيث في تشويه المسلمين, والربط كذبا وزورا بين المسلمين والارهاب. إضافة إلي إرداف التقارير المعدة حول التطرف والارهاب بصور الملتحين والمنتقبات, والمساجد, في نوع من استثارة العامة علي الإسلام والمسلمين, والعمل علي تشويه صورة المسلمين في بريطانيا وغيرها من البلدان الغربية, بصرف النظر عن جنسية أولئك المسلمين. فقد أكد أحمد فيرسي الصحفي بموقع أخبار المسلمين ببريطانيا, والذي لايزال يعمل في رصد وقائع الاعتداء والاضطهاد ضد المسلمين ببريطانيا منذ20 عاما أن الحكومة البريطانية لاتزال تواجه تلك الاعتداءات بسلبية شديدة, وعدم اهتمام بالمطالبة بسن تشريع لتجريم الكراهية الدينية. وقد أشار الي ارتفاع معدل الاعتداءات التي تقع علي المسلمين الي قرابة عشر حوادث شهريا, أو نحو ذلك, تشمل الهجمات النارية علي المساجد والمؤسسات الدينية والتعليمية والاعتداءات علي المحجبات والمنتقبات, وغير ذلك من الوقائع العدائية, التي يتجاهل أكثرها وسائل الإعلام وليس هذا فحسب, بل ترفض الشرطة الاعتراف بهذه الجرائم البشعة, وإدراجها تحت مظلة الكراهية الدينية. وفي المانيا التي شهدت اغتيال الصيدلانية المصرية مروة الشربيني والاعتداء علي زوجها الاكاديمي علوي علي تشكلت منظمة عنصرية متطرفة أشبه ما تكون بمنظمة كلو كلاكس كلان المعروفة اختصارا ب ك. ك. ك الأمريكية تحارب المهاجرين الي ألمانيا علي قاعدة انتمائهم العنصري والديني. وتدعي هذه المنظمة برو كولنProkoln ورغم الجرائم التي ترتكبها من احراق المجمعات السكنية أو قتل المهاجرين الملونين أفرادا وجماعات, تتم بصورة سرية, الا انها قررت هذه المرة الخروج الي العلن. فقد دعت المنظمة الي عقد مؤتمر في مدينة كولن بهدف مكافحة الأسلمة وسبق لهذه المنظمة أن عارضت السماح للمسلمين الألمان( المنحدرين) في معظمهم من أصول تركية( ببناء مسجد في مدينة كولن. وحتي بعد بناء المسجد حاولت عناصر من المنظمة تدميره. ويكاد لايمر يوم الا ويتعرض المسجد الذي يعتبر اية في فن العمارة الاسلامية الي اعتداء بشكل أو بآخر. كما يتعرض المصلون الي الاساءة والاعتداءات يأتي هذا التحرك السلبي الخطير ضد المسلمين بعد مؤتمر الحوار الدولي الذي دعت اليه المملكة العربية السعودية والذي عقد في مدريد. وكان قد شارك فيه أكثر من200 رجل دين وعالم يمثلون مختلف الأديان والعقائد بما في ذلك الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي, ومجلس الكنائس الأمريكي وأسقفية كانتربري ومجلس كنائس الشرق الأوسط, اضافة الي ممثلين عن اليهود والسيخ والهندوس والبوذيين والشنتويين, وكذلك ممثلون عن المذاهب الاسلامية المختلفة.