أثارت الخلافات التي شهدتها انتخابات نادي القصة الأخيرة لاختيار إدارة جديدة للنادي تساؤلات مهمة حول ما يقدمه هذا النادي الذي تعاقب علي رئاسته قامات كبري بحجم طه حسين وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي ونجيب محفوظ لفن القصة ومدي اتصاله بالواقع الثقافي الآن, لذا توجهنا بهذا السؤال لعدد من كتاب القصة من اجيال مختلفة بحثا عن تفسير للعزلة التي يعيشها النادي منذ30 عاما علي الأقل. في البداية يقول الكاتب الكبير سعيد الكفراوي نادي القصة هو منتدي من المنتديات الثقافية المصرية التي أنشئت منذ سنوات ورأسها توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف السباعي وغيرهم من الكتاب العظام, وهو احد الكيانات الثقافية التي تجاوز عمرها60 عاما, وكانت له مصداقية, خاصة عندما كان يرأسه السباعي المتصل بالسلطة كان يصدر مايسمي بالكتاب الذهبي الذي عرف من خلاله عدد من الكتاب الكبار الآن, وانتعش النادي في هذه الفترة, وبعد أن اغتيل السباعي همش النادي ولم تعد له مصداقية كما كان, وعاني من عدم التواصل مع اجيال كثيرة خرجت عليه وتيارات كتابة جديدة هو لم ينشغل بتبنيها والاهتمام بها, فانعزل في دائرة ضيقة. ويشير الكفراوي الي ان النادي لا يزال يصدر مجلة وصفها ب الفقيرة كما يري أن ندواته الاسبوعية مكرسة لاعمال مختلف علي قيمتها الفنية وحسب الكفراوي يجب أن يكون النادي معبرا حقيقيا لإكتشاف النصوص الجيدة, لكن كيف يحدث هذا ومازالت تديره ذهنيات تقليدية؟ويواصل صاحب ستر العورة حديثه مؤكدا انه في وقت من الأوقات حلمنا ككتاب ان نحصل علي جائزة النادي لكن الآن لم يعد احد مهتما بها إلا الكتاب صغار الموهبة. ويري الكفراوي أنه في ظل وجود كتاب قصة شباب موهوبين ويتفق علي موهبتهم الإبداعية عدد كبير من النقاد وجمهور القراء كان لابد أن نعرف أين هم من النادي وماذا يقدم لهم. وللاجابة عن السؤال أكد الكاتب الطاهر شرقاوي الحائز علي جائزة ساويرس الأدبية وصاحب خمس مجموعات قصصية ان النادي قدم له ككاتب جاء حديثا للقاهرة, دعما في معرفة الوسط الثقافي في بداية مشواره ويقول واظبت علي الذهاب اليه عندما جئت للقاهرة, لكن للأسف لا أذهب اليه الآن, ولا انكر اني استفدت منه ككاتب في البدايات لكن في هذه الايام اعتقد أن اعضاء النادي ليس لديهم دعم وكل الانشطة التي تقدم للشباب بالجهود الذاتيةويقترح الشرقاوي توقيع اتفاق بين النادي والجامعات لإقامة انشطته في تجمعات ترعاها الجامعة, مؤكدا ان هناك حلولا كثيرة يستطيع بها النادي اقامة روابط مع شباب الكتاب وتواصلا مع الكتاب عموما.غير ان الكاتب محمد عبدالنبي الفائز بالمركز الأول بجائزة ساويرس هذا العام ايضا في اجابته عن نفس السؤال فضل ان يبدأ حديثه بذكر مشهد من فيلم رومانتيكا للفنان أشرف عبدالباقي والمخرج زكي فطين عبدالوهاب مؤكدا أنه عندما قام بطل الفيلم الفانتازي الساخر بخطف سائح أمريكي طالب المسئولين بتفجير معهد فنون مسرحية أولا ومن بعده نادي القصة ويري عبدالنبي ان هذا المشهد دال في الاشارة الي واقع نادي القصة الآن, اذ توجد كيانات عريقة مازالت قائمة ولكنها خاوية من الداخل, وهي حسب وصفه مجرد مسميات كبيرة, نظرا لأن أسلوب الادارة به شيء من الروتينية, وكما يتابع عبدالنبي: نادي القصة في نظري هو ناد اجتماعي لعواجيز الكتابة, فاصداراته تتصف بالغرابة وندواته منفصلة عما يحدث في الواقع الثقافي, كأن الزمن لديهم سرمدي هدفه الخلود. أما القاص محمود عبدالوهاب فيعتقد بدوره ان نادي القصة لايقدم شيئا يذكر للواقع الثقافي الحالي حتي ندواته التي يعقدها لا تسلط الضوء علي عمل يستحق الالتفات له ويقول: أعتقد أن المشكلة تكمن في الإدارة لأنها تحتاج أن تبذل مجهودا أكبر من ذلك, وتحتاج لأن تنشط أكثر في تواصلها مع وسائل الإعلام ودور النشر, لأن اصدارات النادي لانسمع عنها ولا توجد طريقه لتوزيعها وليس لها وجود بالمكتبات.ومن ناحية أخري لم تأت أراء أعضاء النادي وبعض الفاعلين به بعيدة عن رأي شباب الكتاب إذ قال الكاتب قاسم مسعد عليوة أعتقد أن نادي القصة في حاجة الي دفعة قوية للأمام لتنشيط أدائه الفترة المقبلة, مؤكدا ان حالة الركود التي عاشها النادي سببها الخلافات التي نشبت بين أعضاء مجلس ادارته في فترات متقاربة, غير أنه يؤكد في المقابل ان النادي انجز بعض المهام منها المحافظة علي اصدار مجلة القصة بعد أن توقفت الهيئة العامة للكتاب عن اصدارها, وايضا تدشين موقع الكتروني للنادي, وتأسيس مكتبة خاصة بمقره, لكن كل هذا لا يساوي طموحات الاعضاء ولا تليق بناد عريق مثل نادي القصةوطالب عليوة بتثوير العمل في النادي علي جميع الأصعدة, كي لا يتوقف عند اقامة الندوات الاسبوعية فقط, وينفتح علي افاق القصة محليا واقليميا وعالميا, كما تساءل عليوة عن مصير مؤتمر القصة الذي نظمه النادي مرة واحده ثم توقف قائلا: لماذا لا يعيد النادي نشاط المؤتمرات, وايضا تبني الموهوبين من كتاب القصة ودعا النادي لإجتذاب الجيل الجديد من الكتاب فعدد اعضاء النادي يقارب250 عضوا وهذا عدد قليل جدا بالقياس الي كتاب القصة في مصر منتهيا الي القول: يجب ان يتحرر النادي من فكرة الابنية التنظيمية ويعمل بحرية اكبر.ويري قاسم ان النادي لن يواجه في الفترة المقبلة مشكلة التمويل فمبلغ التمويل الذي يتلقاه من وزارة الثقافة كان لا يتعدي1000 جنيه, لكنه اصبح الآن100 الف جنيه سنويا, وهذا المبلغ يجب أن يدار بشكل صحيح وحنكة كي تكفي مستلزمات وانشطة النادي التي تعاني هي الأخري, اذ ان الكتب التي يصدرها النادي يعجز النادي عن تسويقها, ومجلة القصة فصلية ولا توزع ولاتغطي نفقاتها, اذا لابد من إدارة رشيدة واعضاء نشطاء يستطيعون توفير مصادر اخري للدعم.واتفق معه الناقد د. مدحت الجيار مؤكدا أن النادي كان مجرد تابع ولم يقدم جديدا ولم يصنع حدثا, وعطل المؤتمر الذي اقامه مرة واحدة بعد نجاحه تآمر عليه مجموعة من الأعضاء لإفساده, أيضا الدعم يهدر إذ كان يمكن أن يصرف علي اشياء تجعل من النادي علامة لامعة في الوسط الثقافي.لكن الكاتب الكبير يوسف الشاروني الذي ترأس النادي من2001 الي2006 ثم رئيس شرف له كان له رأي مختلف متسائلا في البداية: هل المطلوب من النادي اكثر مما يقدمه الآن؟ ويجيب لسنا وزارة ثقافة, فالنادي يقوم بدوره في متابعة القصة والرواية والنقد ايضا, ونشر مطبوعات شهرية بمتوسط10 كتب, واقامة ندوة اسبوعية مؤكدا ان مايهمنا( أي اعضاء النادي) هو القصة بمعناها الواسع, وهناك ايضا مسابقات وجوائز للقصة والرواية المنشورة, واهتمامنا يمتد للأقاليم فالانتخابات الأخيرة شهدت حضورا قويا لأقاليم مصر من المنيا وبني سويف وغيرهما, ونحن ايضا جهة ترشيح لجوائز الدولة والجوائز العربية منها جائزة العويس التي رشحني لها النادي وفزت بها في2007, ونقدم بقدر المتاح أنشطة دائمة. وعبر الشاروني عن أمله في أن يقدم المجلس الفائز في الانتخابات الأخيرة نشاطا جديدا, لأن النظام الذي يسير عليه النادي باق من ايام احسان عبدالقدوس ويوسف السباعي ويحتاج الي شيء من التجديد.