إجراءات مسئولي المرور منذ أيام تمثلت في إيقاف رخص قيادة32 شابا وحبسهم لقيادتهم سياراتهم بسرعة جنونية وثبوت تعاطيهم المواد المخدرة فوق محور26 يوليو بمثابة بادرة رآها الكثيرون حازمة للحد من ظاهرة حوادث الطرق التي تعتبر مصر واحدة من الدول صاحبة المعدلات الأعلي بها حسب احصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء والتي تم اعلانها خلال المشاركة في إحياء اليوم العالمي لذكري حوادث الطرق الذي نظمه الاتحاد النوعي للسلامة علي الطرق بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة. وسجلت الإحصائيات الرسمية وقوع22793 حادثة سيارات في مصر عام2009 بنسبة زيادة قدرها8,9% علي عام2008 وكان نصيب الطرق السريعة وحدها5014 حادثة بنسبة22% من إجمالي حوادث الطرق في مصر كما سجل شهر أغسطس2229 حادثة بنسبة9,8%. ولما أحتل العنصر البشري المرتبة الأولي ضمن أسباب حوادث الطرق بنسبة68% يليه انفجارات الإطارات بنسبة21% فقد تجلت أهمية إجراء رجال المرور الأخير في إطار الحد من الحوادث المميتة والمتكررة فوق محور26 يوليو ليكون بمثابة تجربة جديدة لتحجيم المشكلة وبخاصة من الشباب الذين يقومون بقيادة سياراتهم تحت تأثير المخدرات وفق تصريحات مصدر مسئول بمديرية أمن محافظة6 أكتوبر الذي أكد أنه في نفس المهمة المشار اليها تم ضبط16 سيارة تسير عكس الاتجاه قبل صعود المحور الحيوي معرضة بذلك حياة الكثيرين للخطر مشيرا إلي انه تقرر تطبيق الحد الأقصي للغرامة عليهم وقدرة3000( ثلاثة آلاف) جنيه لكل سيارة بالإضافة إلي الاستمرار في الحملات والتوسع فيها لتشمل جميع الطرق السريعة لضبط المدمنين والمتهورين الذين يعرضون حياة الأبرياء للخطر ويتسببون في زيادة معدلات حوادث الطرق. وأشار المصدر إلي أنه سيتم اجراء تحليل فوري لعينات الدم لقائدي السيارات المخالفة للتأكد من تعاطيهم المخدرات من عدمه موضحا ان النيابة العامة أمرت بايقاف رخص الخاصة بمن ثبت تعاطيهم لمدة عام كامل وانه في حالة تكرار ثبوت التعاطي خلال القيادة للمرة الثانية يتم ايقاف رخص القيادة لهم نهائيا. قليل من الانضباط المواطنون من جانبهم اكدوا أن مثل هذه الإجراءات الضبطية والرقابية ستكون فاعلة في التقليل من الحوادث بشرط تفعيلها كثيرا وأن يتم تطبيق العقوبة علي الجميع دون تمييز فتقول بريهان أحمد سكرتيرة باحدي الشركات الخاصة ان معظم الحوادث تتم نتيجة الاستهتار في القيادة خصوصا من فئتي الشباب أصحاب السيارات الفارهة وسائقي الميكروباص لذلك يجب أن تتناسب العقوبة مع كل فئة حيث أن تحصيل الغرامات المالية قد يجدي مع سائقي الأجرة لكنه لن يكون مؤثرا مع أصحاب السيارات الفارهة. وطالب محمود ياسين طبيب بضرورة تشديد العقوبة علي مسئولي تسلم الطرق ضاربا المثل بان الطرق القديمة أفضل حالا من الحديثة والتي يتم انشاؤها حاليا بالإضافة إلي خطورة اجراءات اقامة مطبات صناعية غير مخطط لها علميا بالطرق السريعة والكباري الأمر الذي يزيد من احتمالات الحوادث بشكل كبير. وتشدد سناء رمضان( محامية) علي ضرورة تحري الدقة قبل منح رخص القيادة بحيث لا يحصل عليها إلا من هو قادر علي القيادة بأمان وان تراعي نفس الدقة عند التجديد وذلك بدون تمييز بين شخص وآخر أيا كان لضمان ان من يجلس خلف مقعد قيادة اي سيارة ويسير بها في الشارع لا يمثل خطورة علي الآخرين. وطالب حسن عبد الله موظف بضرورة مراقبة جودة الإطارات المستخدمة وغيرها من الأدوات وقطع غيار السيارات للتقليل من حجم المشكلة. ضد الاستثمار البشري ولأن لغة الاقتصاد هي الأعلي والأكثر فاعلية في التعرف علي حجم المشكلة والآثار المترتبة عليها فقد بدأ الدكتور سمير مصطفي رئيس الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية رؤيته من زاوية ان من يقوم بالقيادة في الغالب من الشباب ومن في سن العمل وفي ظل ارتفاع معدلات حوادث الطرق وما يصاحبها من وفيات ومصابين من الموارد البشرية العاملة فهو يشير إلي مايسمي تقصير عمر الاستثمار البشري بما انفق عليهم وما يتوقع ان ينتجوه ليضاف للناتج القومي الإجمالي بالإضافة إلي ارتفاع تكلفة علاج المصابين ونفقات العجز الكلي أو الجزئي. ويشير إلي أن ارتفاع معدلات حوادث الطرق هو افصاح نهائي عن وضع يتكون من عدد كبير من المركبات يتدفق علي شبكة طرق عاجزة في أوقات كثيرة من اليوم عن استقباله وهو ما يؤدي إلي الازدحام الشديد فيكون يوم العمل قصيرا ومختزلا والانتاجية النهائية للعامل اقل. وأوضح أن المعدلات المرتفعة لحوادث الطرق بالإضافة إلي ترتيب القاهرة في المركز ال17 ضمن أكثر25 مدينة إزدحاما في العالم يعطي إحساسا للقادم من الخارج بالإرتباك والإحساس بالخطر وغيره من العوامل غير الجاذبة للاستثمار فضلا عن التأثيرات المباشرة علي السياحة مطالبا بإعادة النظر في إدارة المرور وبخاصة في المدن الكبري والعمل بشكل فاعل في تطبيق اللامركزية الإدارية للمحافظات لتخفيف الضغط عن العاصمة. وأشار مصطفي إلي دراسة تطبيق مخطط الأقاليم الإقتصادية المصرية السبعة مثل اقليمالقاهرة الكبري وشمال الصعيد وجنوبه وشرق الدلتا وغربها وإقليم القناة بحيث تكون أحزمة تنموية سواء زراعية أوصناعية أو سياحية بما يحقق التنوع الإقتصادي لمصر كلها والوصول إلي التكامل التنموي بمايستتبعه من حل لمشكلات كثيرة وتحقيق مستقبل أفضل. وتقول الدكتورة يمنة الحماقي أستاذة الإقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس ووكيلة اللجنة الإقتصادية بمجلس الشوري إن حوادث الطرق من المشكلات الكبيرة في مصر التي لها تأثيرات سلبية علي السياحة مما يعد معوقا امام الإستفادة من الامكانات السياحية الهائلة والطموح الذي يستهدف الوصول إلي22 مليون سائح خلال السنوات العشر القادمة بدلا من12 مليونا حاليا. وتضيف أنه رغم ان هناك تقدما كبيرا في شبكة الطرق في مصر خلال السنوات الماضية فإننا مازلنا نحتاج وبشدة لضوابط صارمة لتطبيق قوانين المرور في الشارع المصري لاتفرق بين شخص وآخر يرتكب المخالفات فإذا كان65% من الحوادث بسبب أخطاء بشرية فإن ذلك لعدم وجود الجدية والصرامة في التصدي للمخالفين فتكون النتيجة الوضع الحالي من النزيف العنيف لحوادث الطرق ومايستتبعه من آثار تدميرية نفسية وفاقد إقتصادي للضحايا والمصابين. مشكلة الطرق وعلي صعيد الطرق وشرايين النقل البري في مصر يبدأ الدكتور علي عبد الرحمن.. الإستشاري الهندسي ورئيس جامعة القاهرة الأسبق.. حديثه بتأكيد أن عددا كبيرا من الطرق في مصر لايفي بالمواصفات القياسية العالمية للسرعات المختلفة للمركبات وبخاصة عند المنحنيات. وبسؤاله عن كيفية حدوث ذلك في ظل الرقابة المفترضة من الجهات الرسمية أكد عبد الرحمن علي إمكانية حدوث بعض المخالفات في التنفيذ والتسلم وغيره بالإضافة إلي عدم الإهتمام بإجراءات الصيانة المطلوبة مع الوقت والإستخدام والتي من الضروري أن تتم بشكل دوري سواء سنويا أو كل خمس سنوات علي الأكثر. وكشف عبدالرحمن عن ظاهرة خطيرة تتمثل في مراعاة خفض تكاليف الإنشاء في ضوء الحاجة إلي إنشاء مسافة أطول من الكيلومترات من الطرق وبخاصة في المناطق الجديدة والبعيدة الأمر الذي يؤدي الي وضع مواصفات فنية أقل تتدهور بسرعة في ظل سوء الاستخدام وإهمال الصيانة مطالبا بمراقبة تنفيذ المواصفات القياسية وفق الميزانيات المرصودة والإكتفاء بخطة متدرجة في ظل محدودية الإمكانات المادية مع الإهتمام بجودة ومواصفات الإنشاء بشكل صارم. وشدد عبد الرحمن علي ضرورة رفع كفاءة الطرق الحالية لتتناسب مع المواصفات المطلوبة وأن تكون الصيانة الدورية للطرق منهج عمل محددا وواضحا خاصة مع إعتبارها وسيلة مهمة للتنمية المطلوبة للوطن سواء لمجتمعات جديدة أو لحركة النقل والزراعة والصناعة وغيرها من مجالات الإقتصاد المتعددة. دون المواصفات العالمية وبدوره يؤكد الدكتور عماد عبد العظيم استشاري الطرق والكباري بجامعة عين شمس علي أن التصميم الهندسي المروري لعدد كبير من الطرق في مصر لايتفق مع المواصفات القياسية العالمية وبخاصة علي المحاور الخارجية المستقيمة نتيجة فساد في التنفيذ والتسلم بالإضافة إلي أخطاء إنشائية للطرق الداخلية في المحافظات نتيجة النزول بالمواصفات وتقليل سمك طبقة الاسفلت ومادة البيوتامين التي تعد العامل الرابط للخرسانة الأسفلتية بهدف زيادة المسافة المرصوفة من الطريق الأمر الذي يؤدي لسرعة التآكل وزيادة الحوادث. ويشير الدكتور عماد عبد العظيم إلي أن90% من البنية التحتية تمت بدون تخطيط مما كان سببا في هدم وإعادة بناء الطرق أكثر من مرة بالإضافة إلي الانهيارات الأرضية التي تحدث بين الوقت والآخر مؤكدا أن عمليات الإنشاء للطرق والإنشاءات التحتية يتم إسنادها للمقاولين بالأمر المباشر وأن بعض المقاولين يقومون بإسنادها من الباطن لمقاولين أخرين أقل كفاءة وبسعر متعاقد عليه قد يرتفع وقت التنفيذ نتيجة متغيرات الأسعار العالمية للمواد المستخدمة وتكون النتيجة مواصفات أقل بمالها من سلبيات. ويري ان جميع الطرق تخالف الاشتراطات الواردة في الكود المصري لتصميم وتنفيذ الطرق الحضرية والخلوية الصادر عن مركز بحوث الإسكان والبناء التابع لوزارة الإسكان محملا المسئولية عن ذلك للجهات المشرفة علي التنفيذ ومقترحا الاهتمام باعمال رفع الكفاءة