البعض يريد مصر تكفيرية تفجيرية والبعض الآخر يريدها علمانية جاحدة للإسلام والدين وشريعته وفرائضه. البعض يريدها موطنا مختارا للتطرف الديني ومأوي للإرهابيين من كل حدب وصوب والبعض الآخر يريدها وطنا للتطرف العلماني واللاديني وموطنا مختارا لكل من يتطاول علي الشريعة ويريد هدم الإسلام. البعض يريدها داعشية دموية تكفر الحاكم والجيش والشرطة وتصطدم بهم بين الحين والآخر.. وآخرون يريدونها منحلة عابثة ماجنة تبيح الشذوذ والزنا والانحلال.. وتحارب الفضيلة والحجاب والحياء. البعض يريدها علي فكر الخوارج تسعد بتكفير الخلائق أكثر من سعادتها بهدايتهم.. وتقسو عليهم أكثر مما ترحمهم.. والبعض الآخر يريدها علي طريقة المرجئة حيث لا يضر مع الإيمان ذنب.. وأن فرعون موسي مؤمن.. وأن الصالحين كالعابثين.. والمؤمنين المسالمين كالمجرمين الفاسقين.. وأنه لا حرج علي المثليين إذا طالبوا بحقوقهم في مظاهرات علنية عابثة. لقد نسي البعض أن مصر هي من أول البلاد التي دعت لتوحيد الله.. فقد كان سيدنا إدريس وهو من أنبياء الله الذين ذكرهم القرآن أول من دعا للتوحيد علي ضفاف نهر النيل.. ليطهر النهر والضفاف ومصر كلها بهذه الدعوة المباركة. ونسي أن مصر هي التي احتضنت الكريم بن الكريم بن الكريم نبي الله يوسف بن يعقوب بن إبراهيم.. وجعلته وزيرا يتصرف في خزائنها كيف يشاء. وهي التي احتضنت نبي الله إسرائيل نفسه وهو سيدنا يعقوب.. ومعه أولاده وأسرته. وهي التي ربت أعظم أنبياء بني إسرائيل موسي وهارون عليهما السلام. وهي التي استقبلت من قبل نبي الله سيدنا عيسي وأمه العذراء البتول مريم عليهما السلام بعد فرارهما من جنود الرومان وعتاة اليهود الذين أرادوا قتلهما. ونسي أنها البلد الذي صاهر النبي صلي الله عليه وسلم.. فقد تزوج من مارية القبطية أي المصرية فجعلت هذه المصاهرة لمصر والصعيد وملوي بالذات نسبا ومصاهرة مع نبي الإسلام العظيم. ونسي أنها استقبلت آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم حتي يقال إن السيدة زينب وأسرتها نزلوا أول ما نزلوا في مصر ضيوفا علي بيت أحد الأقباط المصريين.. حبا وكرامة لآل بيت النبي صلي الله عليه وسلم. وقد عرض الخليفة الأموي يزيد بن أبي سفيان علي السيدة زينب وآل البيت أن يعودوا إلي المدينة أو مكة فرفضوا واختاروا مصر بلد الأمان والخير والمودة.. ولكي يبتعدوا عن الصراعات السياسية المحتدمة وقتها ولا يكونوا طرفا فيها أو يستغلوا من أطراف فيها. هذه هي مصر التي يريد البعض تحويلها إلي مستقر لأفكار القاعدة وداعش أو يحولها إلي مدرسة للرقص الشرقي.. فتأتي الراقصات زرافات ووحدانا من كل حدب وصوب لا ليتعلموا الدين والأخلاق, ولكن ليتعلموا ويعلموا الرقص الشرقي.. وما أدراك ما الرقص الشرقي وما أدراك ما مقدماته وتوابعه ومناهجه التي يعرفها الجميع. إن الذين يريدون مصر متطرفة يمينا أو يسارا أو يستغل ما صنعته بعض التيارات التكفيرية والتفجيرية من تكفير وتفجير ليصم الإسلام نفسه وأئمته العظام بكل سوء سيفشلون لا محالة. مصر يا سادة لن تكون مفرطة ولا مفرطة.. ولا في خريطة الإفراط والتفريط.. أو الغلو أو التقصير.. أو التشدد في الدين أو جحود الأديان. مصر لن تكره بناتها علي الحجاب ولن تدعوهن أيضا لخلعه. ولن تقدس أئمة الإسلام ولن تنجسهم أو تبخسهم حقهم.. فهي تدرك تماما إذا كان قول الصحابي ليس حجة قول ما سواه حجة.. ولا يعني عدم عصمته وقداسته أنه منجس ومبخس.. أو لا يؤخذ من أقواله أو يتطاول عليه السفهاء والحمقي. يا سادة مصر لن تقتدي بالمتشددين المغالين أو تقتدي بالراقصات ومدرسة(5 موااااااه). ولن تقدس الحكام ولن تكفرهم أو تخرج عليهم بالسلاح. لن تسقط النحو العربي ولا لغة القرآن ولا سيبويه.. كما أراد الفقيه الفرانكفوني بل ستحيي لغة القرآن وستبجل سيبويه وتعظمه وتتعلم منه ومن كل من خدم العربية مثل العقاد والمازني وصادق الرافعي وطه حسين وغيرهم. البعض يريد مصر كارهة لغير المسلمين والآخر يريدها كارهة للصحابة والعلماء وأئمة الإسلام.. ومصر لن تكره أحدا.. وستحب الجميع وستبذل الحب والخير والهداية للجميع.. وستكون نقطة التقاء للناس لا نقطة افتراق لهم. البعض يريد مصر دائرة دوما بين التفجيرات والاغتيالات من جهة وبين الإعدامات والسجون والتعذيب من جهة أخري.. ولكن مصر لن تقع في هذه الثنائية البغيضة وستنجو منها.. وستهرب منها إلي وقف العنف ووقف الإعدامات أيضا.. فلا يموت أحد من أبنائها.. إنها تحتاج لحياتهم جميعا.. وعطائهم جميعا. فالمخلصون الصادقون المحبون لمصر لا يريدونها أن تعيش دوما حالة اليتم لأطفالها ولا الترمل لزوجاتها ولا التثكل لأمهاتها.. يريدون الفرحة للطفل والزوجة والأم.. فمتي يسعد الجميع ويأتلفون وتذوب الجراح وينسون صراعات السياسة وأحقادها. مصر ستحب الأديان وفي الوقت نفسه ستقبل علي الحياة العصرية تأخذ من طيباتها المباحة وتسعد بنعم الله الطيبة الحلال التي أتاحها للناس جميعا. مصر ستجمع بين ثوابت الإسلام وتكون فيها في صلابة الحديد ومع متغيراته في مرونة الحرير.. وسترفض التكفير والإلحاد وستدوس علي المفجرين والمنحلين.. وستكون دوما موطنا للعلم والعلماء والسماحة والتراحم والتواد ولن تكون موطنا لتكفيري أو داعشي أو للغلاة من القاعدة أو الميليشيات الشيعية المختلفة التي تقتل وتذبح وتفجر ولن تكون أيضا موطنا للعاهرات والمومسات أو مكانا للابتذال والتسفل أو موطنا لغسيل الأموال الحرام. مصر لن تكون دكتاتورية بحجة فشل الديمقراطية ولا فوضوية يحط رحاله فيها كل عملاء الاستخبارات العالمية وتغزوها الأموال المحرمة, أو تعمل في مشروعاتها الأموال المغسولة من تجارة المخدرات أو السلاح أو الرقيق الأبيض. مصر ستكون وطنا للفضيلة والخير والبر والسلام والعلم والحياء والخلق الكريم والأدب الراقي.. والتقدم الصناعي والزراعي والتقني.