يخطئ من يعتقد أو يردد- سواء بسلامة نية أو بسوء قصد- أن مشاركة مصر عسكريا في التحالف الداعم لليمن الشقيق ضد ارهاب الحوثيين جاء من أجل حماية الأمن القومي لدول الخليج الشقيقة فقط. فرغم أن حماية أشقائنا تعهد والتزام تاريخي وقومي لمصر الا أن المؤامرة علي اليمن ومضيق باب المندب الذي يتحكم في حركة التجارة العابرة لقناة السويس هي جزء من مؤامرة مباشرة علي مصر واستقرارها وجزء من سيناريو تطويق مصر من جميع الجهات علي حدودها سواء بالارهاب القادم من الجبهة الشرقية أو من الغرب أو حتي من الجنوب عبر الحدود الممتدة التي تستخدم لتهريب السلاح والارهابيين. حصار باب المندب والتحكم فيه والسيطرة عليه يعني السيطرة علي الملاحة بالبحر الأحمر بواسطة الحوثيين- إحدي الأذرع العسكرية والسياسية لايران بالمنطقة- وهو بمثابة اعلان حرب مصير ووجود علي مصر تستلزم من مصر الرد العسكري الاستباقي فورا حتي لا يحقق فرس ايران أحلامهم الوهمية ومخططاتهم الشيطانية بالمنطقة التي أصبحت تفوق مؤامرات الكيان الصهيوني. ان قرار مصر الحكيم والجرئ بالمشاركة بقواتها الجوية والبحرية- والبرية اذا تطلب الأمر- في هزيمة المؤامرة الايرانية الارهابية في اليمن التي يلعب فيها الحوثيون دور مخلب القط هو بمثابة رسالة للعالم أجمع ولكل القوي الدولية أن مصر استردت عافيتها وعادت لدورها الاقليمي الذي كتب عليها بحكم التاريخ والجغرافيا ورسالة أيضا تعلن فشل المؤامرة الكبري التي كانت تهدف لزعزعة استقرار مصر واخراجها من المعادلة العربية والاقليمية. وسبق هذه الخطوة أيضا- الضربة الجوية المركزة علي مخازن أسلحة وذخائر ومراكز تدريب داعش في ليبيا في منتصف فبراير الماضي لتؤكد أن مصر قادرة وعازمة علي حماية أمنها القومي ليس داخل حدودها فقط ولكن داخل كل أقليمها العربي والأفريقي والشرق أوسطي والعمل علي أكثر من جبهة في توقيت واحد وبنفس الجاهزية. والحقيقة أن أمن مصر القومي علي مدي التاريخ يبدأ من تركيا في الشمال حتي منابع النيل جنوبا ومن المحيط غربا للخليج شرقا وأن أمن البحر الأحمر الذي تمر منه حركة التجارة الدولية العابرة لقناة السويس هو جزء أصيل ورئيسي من الأمن القومي المصري لن تسمح فيه مصر لأي قوة مارقة باللعب في هذه المنطقة. وأيضا فإن مؤامرة الحوثيين وانقضاضهم علي الشرعية ومؤسسات الحكم في اليمن بدعم عسكري وسياسي ايراني جزء من المخطط الايراني الشيطاني الكبير الذي يسعي لتطويق الدول العربية السنية واختراقها وزعزعة استقرارها من الداخل عن طريق استغلال الأقليات الشيعية في هذه الدول. ولأن مصر قلب العروبة النابض وحصن الاسلام السني المعتدل في المنطقة وفي العالم لن تسمح لهذه المؤامرة بأن تنتقل لليمن ثم لدول الخليج العربي بالكامل بعد أن نجحت للأسف في تدمير العراق. ومن منطلق الرؤية السياسية الثاقبة لمصر واستيعابها لأبعاد المخطط الذي يستهدف المنطقة بكل حلقاته وسيناريوهاته جاءت دعوة الرئيس السيسي لتأسيس قوة عسكرية عربية مشتركة لمواجهة هذه المؤامرات وللتدخل السريع في المناطق الملتهبة في الوطن العربي لانقاذ الشعوب من عواقب الحروب والارهاب وانقاذ الدول من التفتيت والتفكك وهو ما أقرته القمة العربية الحالية. وربما يكون تشكيل القوة العربية المشتركة بداية حقيقية لعودة العمل العربي المشترك بطريقة فاعلة مثلما حدث في حرب أكتوبر المجيدة التي شهدت التعاون العربي السياسي والعسكري في أفضل صوره..وعلي العرب أن يستفيدوا من أخطاء الماضي ولا يكرروا تجربة انسحابهم من الهيئة العربية للتصنيع في السبعيينيات لأنه لابديل لمواجهة المؤامرات الدولية الآن سوي بالقوي العربية المشتركة.