المواطنة هي المساواة القانونية والواقعية الكاملة لجميع المواطنين في ادارة شئون المجتمع والتمتع بما فيه من حقوق, واداء ما يفرضه من واجبات دون اي تمييز بسبب النوع او الدين او اللون او العرق او الوضع الطبقي, او غير ذلك من اشكال التمايز بين ابناء الوطن الواحد. وتدور تلك المواطنة حول اربع من القيم الرئيسية هي: اولا: قيمة المساواة التي ينبغي ان تجسدها المبادئ الدستورية التي تنص علي حقوق متساوية وكاملة لجميع ابناء الوطن دون اي تمييز, كما ينبغي ان تجسدها القوانين المختلفة والتي ينبغي ان تعاقب علي كل فعل او اجراء يتضمن تمييزا بين المواطنين علي اي اساس اما القيمة الثانية فهي قيمة المشاركة, فحيث ان الوطن شركة فينبغي ان يكون للمواطنين جميعا اسهم متساوية في تلك الشركة, كما ينبغي ان تشجع القوانين والسياسات المشاركة الوطنية في مختلف شئون الوطن السياسية عبر تكوين الاحزاب وغيرها من الاشكال السياسية وغيرها من انواع المشاركات المدنية والاهلية كتأسيس الجمعيات الاهلية والنقابات, والمشاركة في مختلف اوجه العمل العام والقيمة الثالثة هي: قيمة الحرية اذ ينبغي ان يشعر المواطنين جميعا بحقهم الكامل في الحرية السياسية وحرية الرأي والتعبير والمعتقد وحرية العبادة, وحرية الاجتماع, وغيرها من الحريات الجماعية والفردية. اما القيمة الرابعة فهي:المسئولية اذ ينبغي ان تتوزع المسئوليات الاجتماعية كالتجنيد الاجباري مثلا علي المواطنين جميعا, كما ينبغي ان يشعر المواطنون جميعا بحقهم في القيام بالاعباء التي تتطلبها حياتهم الاجتماعية وتدور حول قيمة المسئولية شعور المواطنين بمسئوليتهم عن ادارة شؤون المجتمع ومراقبة مختلف مؤسساته التشريعية والتنفيذية, وغيرها من المسئوليات. هذه هي المواطنة كما تعرفها الادبيات السياسية فكيف يمكن ان تتحقق المواطنة في التعليم ينبغي التسليم بان المواطنة في التعليم المواطنة ابعاد التعلم الثلاثة. البعد القيمي او الوجداني او الاتجاهاتي بما يعني الانتماء للوطن والاستعداد للبذل والتضحية في سبيله, والحفاوة بتاريخه وتراثه ورموزه, وتقدير الدور الذي بذله رواده وابطاله ومفكروه, والشعور بعمق عاطفة الاخوة الوطنية-- بصرف النظر عن الاختلافات سابقة الاشارة اليها- واحترام الدستور والقانون, والايمان بمستقبل افضل علي ارضه, اما البعد الثاني للمواطنة فهو البعد المعرفي: الذي ينبغي ان يتضمن معارف عن الوطن جغرافيته واقاليمه وتركيبته السكانية والعرقية والدينية, وتاريخه, وابرز احداث ومنعطفات وقادة ذلك التاريخ, كما ينبغي ان يتضمن المعرفة بالنظام السياسي واليات عمله ومؤسساته والدستور والقانون الذي يحكمها, والمعرفة بالاحزاب السياسية واتجاهاتها وصحفها وقادتها, والمعرفة بمؤسسات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وكيفية تكونها واليات عملها, وواجباتها تجاه المواطنين, والمعرفة باهم القضايا والمشكلات الوطنية كالفقر وانخفاض مستوي المعيشة وحالة التعليم والبيئة, وتدني المشاركة السياسية والمجتمعية وضعف الاهتمام بالعمل العام, ومشكلات المراة, والمهمشين والاحياء العشوائية وعمالة الاطفال والادمان والبطالة والتطرف, وغيرها من مشكلات تخص تكوينات مختلفة من السكان ولكنها تعتبر تحديات وطنية في المقام الاول. كما ينبغي ان تتضمن المعارف المواطنية معارف حول التحديات المستقبلية, والتحديات الخارجية, ودور الوطن في الصراعات الدولية والاقليمية. يبقي البعد الثالث للمواطنة وهو البعد المهاري او السلوكي: اذ ينبغي ان يتدرب المواطن او الطالب علي قراءة القانون والدستور ومناقشتهم مع الاخرين, وعلي سماع نشرات الاخبار ومناقشة ماجاء بها من قضايا تهم الوطن, وعلي استخراج بطاقة الانتخاب, ومهارات الترشح للمجالس المختلفة ومهارات التصويت وتكوين جماعات الدعوة والضغط, ومخاطبة المؤسسات التنفيذية والتشريعية, ومهارات متابعة التنفيذيين والتشريعيين, ومهارات الاتصال مع الاخرين, ومهارات التعبير عن الرأي والدفاع عن المواقف واحترام الاراء المخالفة تلك هي ابعاد المواطنة الثلاثة. فماهو موقف التعليم منها. هل يدعمها وينميها, ويفسح لها المجال في نظمه وخططه ومناهجه وانشطته, فيزيد المواطنين تماسكا وانتماءا وولاء لوطنهم. ام انه ينبذها ولايوليها ما تستحق من عناية واهتمام, مما يؤدي في النهاية الي تكريس الطائفية وانكفاء كل اصحاب عقيدة او عرق او ثقافة مغايرة علي ذواتهم والي داخلهم واتخاذ الطائفة بديلا عن الوطن. ويؤدي ايضا الي ضعف الولاء والانتماء, وعدم الثقة في المستقبل, والبحث عن حلول فردية للمشكلات, اسهلها الهجرة الي الخارج بحثا عن وطن افضل اظن انه قد آن الاوان للبحث في الاسس التي يقوم عليها نظامنا التعليمي وفلسفته ومناهجه وادواته وادارته وانشطته ودرجة ايمان القائمين عليه بأهمية ان يرسخ تعليمنا المواطنة والانتماء الوطني قبل ان نستيقظ علي مذبحة جديدة