أساليب التربية التقليدية مقصورة علي تنمية مهارات اتخاذ القرار, لأنه لا يوجد ما يبرر الافتراض بأنهم يستطيعون أن يصبحوا صانعي قرار مهرة بالاعتماد علي أنفسهم, فإن تعليمهم مهارات اتخاذ القرار وتدريبهم علي ممارستها تبدو غاية في الأهمية دون شك, لا سيما في عصر لم تعد الاختيارات فيه محصورة بين أبيض وأسود فقط, بالإضافة إلي كونه عالما, إن عملية اتخاذ القرار هي التزام بمسار عمل معين, والتزام بالتغيير كلما تطلب الأمر ذلك سواء كان الفرد مسئولا في مؤسسة, أو طالبا في المدرسة, بحيث يؤثر ما يتخذ من قرارات علي مسلكه ومستقبله العلمي والعملي, وتتوقف عليه أمور حياته في كل المجالات, إذا فإن الاهتمام باتخاذ القرار سواء علي الصعيد الشخصي أو العملي يمثل أهمية وطنية في حياة الفرد. ويعرف اتخاذ القرار بأنه تقرير شيء, أو محاولة للوصول إلي حكم في موضوع من الموضوعات أو مشكلة من المشكلات, يتم الوصول إليه من خلال الدراسة المتعمقة وجمع المعلومات المرتبطة بالموضوع, وتحليلها والمفاضلة بين عدد من الاختيارات المتاحة أمامك, أي أنه عملية تفكير مركبة تهدف إلي اختيار أفضل البدائل أو الحلول المتاحة للفرد في موقف معين من أجل الوصول إلي تحقيق الهدف المرجو. وتتطلب عملية اتخاذ القرار استخدام الكثير من مهارات التفكير العليا مثل, التحليل والتقويم والاستقراء والاستنباط, وبالتالي فهي تصنف ضمن عمليات التفكير المركبة مثلها مثل التفكير الناقد والتفكير الإبداعي وحل المشكلات. إن العوامل التي تؤثر في عملية اتخاذ القرار كثيرة من أهمها العوامل الشخصية, أي التكوين الشخصي لمتخذ القرار, حيث تمثل النواحي السيكولوجية والدوافع والقدرات والإمكانات الذاتية عنصرا حاسما في اتخاذ القرار, والعوامل الاجتماعية والثقافية والحضارية وهي تمثل البيئة التي تتخذ فيها القرارات, وتؤثر تأثيرا كبيرا في نوعية القرارات التي يمكن اتخاذها وتوقيت اتخاذ القرار, حيث يعد الوقت المتاح أمام متخذ القرار من العوامل المؤثرة في القرارات المتخذة, حيث تعد عملية اتخاذ القرار عملية عقلية معقدة, ولذلك فهي تحتاج إلي الوقت الكافي لتحليل المشكلة وتطوير البدائل واتخاذ القرار المناسب, والعمل الفريقي إذ يعد إشراك الآخرين في اتخاذ القرار من العناصر المهمة في اتخاذ قرارات حكيمة. إن تنوع التفكير استراتيجية مهمة تساعد علي اتخاذ القرارات الأفضل من خلال التفكير بطرق غير معتادة, ومن أوجه مختلفة, حيث تساعد علي فهم كل ما هو متعلق بالقرار, وذلك من خلال تناوله مناظير مختلفة تسمح بالتعمق في فهم المشكلة أو القضية المطروحة وتوجيه الانتباه إلي مناطق التفكير المختلفة تنقل الفرد من ممارسة التفكير الآلي إلي ممارسة التفكير المتعمد المدروس, وبالتالي التوصل إلي القرار المناسب. إن اتخاذ القرار من العمليات التي نقوم بها عدة مرات يوميا إلا أننا قد لا نتوقف عندها كثيرا, ولكن عندما تواجهنا مواقف صعبة ومعقدة فإننا نحتاج إلي طريقة تفكير منظمة تساعدنا علي اختيار القرار الأفضل, ويرتبط اتخاذ القرار بطرق تفكير الفرد متخذ القرار, لأنها عملية عقلية معقدة, وكذلك تعكس القرارات طرق تفكير أصحابها, وهناك علاقة وثيقة بين اتخاذ القرار وأخطاء التفكير, فمثلا عندما يواجه الفرد مشكلة جديدة وتكون له تجربة سابقة في موضوع مشابه, فإنه قد يتخذ القرار نفسه الذي اتخذه في المرة الأولي, رغم تغير الظروف المحيطة, وذلك لأنه يستسهل اللجوء إلي القرارات الجاهزة في حل ما يواجهه من مشكلات جديدة, حتي لا يجهد تفكيره, وهنا يقع في خطأ التعميم, وأحيانا قد يتأخر الفرد في اتخاذ القرار في وقته المناسب, ولا يعطي الأمر الاهتمام الكافي, وهنا يقع في خطأ التهوين, وأحيانا أخري قد يتخذ الفرد قرارا بسرعة شديدة دون أخذ فترة زمنية تتناسب مع دراسة العواقب التي تنجم عن القرار, والتي قد تكون وخيمة, ويقع الفرد هنا في خطأ النتائج المتسرعة, وقد يتخذ الفرد قراراته دون الاستفادة من خبرات الآخرين اعتقادا منه بأنه الأقدر والأصح دائما في كل شيء, وأنه لا يخطئ أبدا وأنه يفهم أكثر من الآخرين, ويقع هنا في خطأ التفرد أو الاستثناء والعجب بالذات. أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس