أصبح مستقرا في الادبيات الاقتصادية والسياسية أن الدولة في ظل نظام السوق والاقتصاد الحر تضطلع بثلاثة أشكال من الرقابة: أولها علي مستوي الاقتصاد الكلي من خلال السياسات المالية والنقدية, بهدف رفع مستوي العمالة والتشغيل وتخفيض البطالة وضمان الاستقرار في مستوي الاسعار وكذلك تحقيق التوازن الخارجي في ميزان المدفوعات واستقرار اسعار الصرف وزيادة الناتج المحلي الاجمالي وثانيا تعمل الدولة علي ازالة الآثار السلبية الناجمة عن التفاعل الحر غير المقيد لقوي السوق ويشمل منع الاحتكارات ومنع الاتفاق غير المشروع بين المنتجين لاستغلال السوق عن طريق التصرفات الاحتكارية وسد الفجوة بين المنفعة العامة والمنفعة الخاصة وتحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق إعادة توزيع الدخل من خلال نظام فعال للضرائب بحيث يقع العبء الأكبر علي اكثر الممولين قدرة علي الدفع ونظام فعال للمصروفات العامة بحيث يعود النفع الأكبر علي اكثر المواطنين استحقاقا وثالثا الوظيفة التنظيمية وفيه تقوم الدولة بتوفير الخدمات الاساسية في مجالات التعليم والصحة. غير أنه في سياق الهيكل السياسي والحكومي السائد في حينها وكذلك تركيبة القوي السياسية في المجتمع, من الأحزاب واتحادات العمال والنقابات المهنية والمجتمع المدني, كانت تلك التركيبة السياسية وما اصابها من التواطؤ بين كبار المسئولين في السلطة التنفيذية وبين أعضاء السلطة التشريعية في مجلسي الشوري والنواب مرتعا خصبا لارتكاب كل أشكال الفساد المالي والإداري والسياسي والتشريعي, مما ترتب عليه أن اصبح الفساد مستتبا ومستحكما غير ان اللوم يقع علي الرأي العام الذي تقبل الفساد وتعاطف معه بل واستمرا الكثيرون الانخراط فيه. وقد بدأت الحكومة في إصدار قانون رقم3 لسنة2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية, وقانون رقم(67) لسنة2006 بشأن حماية المستهلك ونظرا لأن تلك التشريعات فاسدة ولا تنطوي علي اي حماية حقيقية للمواطنين وأنتجتها سلطة تشريعية باطلة. إنني أوجه نداء في ظل غيبة المجالس النيابية التي ينبغي أن تراقب أداء الحكومة الحالية, ومن منطلق الرقابة الشعبية المباشرة من الشعب صاحب الولاية الرقابية علي أداء الحكومة وعلي أداء رئيس الجمهورية المعين شخصيا, أن تسرع فورا في إعادة عرض قانون حماية المستهلك وقانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية, من خلال الوزراء المعنيين( وزير التجارة والصناعة والاستثمار ووزير التموين) علي الجديد وعرض تقرير تفصيلي علي الإعلام المصري عن المخرجات النهائية للجهازين في حماية المواطنين خلال فترة تقارب(9 سنوات) حيث انه قد ورد في الفصل الثاني من الدستور في باب المقومات الاقتصادية مادة(27) يهدف النظام الاقتصادي إلي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية, بما يكفل معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي, ورفع مستوي المعيشة, وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة, ومنع الممارسات الاحتكارية, مع مراعاة الالتزام المالي والتجاري والنظام الضريبي العادل, وضبط آليات السوق, وكفالة الأنواع المختلفة للملكية, والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة, بما يحفظ حقوق العاملين يحمي المستهلك وفي المادة(211) ضرورة منع الممارسات الاحتكارية. إنني اناشد هيئة الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات بإعادة التقييم الموضوعي لأداء جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار من حيث نشاطه الفعلي. عضو المجالس القومية المتخصصة [email protected]