الكثير من الأمراض تصيب الأطفال في الصغر وغالبا تكون هذه الأمراض بكتيرية أو فيروسية, ولكن الجديد هو انتشار ما يعرف ب حساسية القمح والسيلياك فهما رغم تشابه الأعراض والمادة المسببة للمرضين وهي الجلوتيت التي توجد في القمح الذي يعتبر من أساسيات الغذاء في مصر والشعير والشوفان إلا ان فترة العلاج تختلف فحساسية القمح تحتاج إلي سنوات باتباع حمية صارمة خالية من حبوب القمح التي لا تخلو منتجات السوبر ماركت منها أو حتي مشتقاتها مثل الخبز والشيبسي والكاتشب والشيكولاته واللانشون والسناكس وبعض انواع المربات والأجبان الشفاء, بينما السيلياك يحتاج إلي نفس الحمية ولكن للأبد وهي المرحلة المتأخرة من حساسية القمح بسبب ضمور الأغشية المخاطية المبطنة للأمعاء مما ينتج عنه فقدان قدرتها علي امتصاص البروتينات والعناصر المغذية كالحديد والكالسيوم بخلاف تكوين أجسام مضادة قد تسبب عند البعض علي المدي الطويل أوراما سرطانية. فمعاناة هؤلاء المرضي ليست في اتباع الحمية الصارمة بقدر المأساة التي يواجهونها في البحث عن الطعام البديل للقمح خاصة ان جميع انواع المعجنات لاتخلو منها, في ظل ندرة المنتجات الخالية للجلوتين وان وجدت تكون اسعارها مرتفعة ولاتناسب المستوي المعيشي لمعظمهم, الوضع يمثل مأساة بكل المقاييس في ظل عدم الاهتمام بتلك الفئة التي اتضح لي انها ليست بقليلة علي الإطلاق وان هناك الآلاف ممن يعانون منها, بعد ظهور عشرات الصفحات التي لايقل المشتركين بها عن1000 مريض سيلياك أو حساسية القمح. والسؤال الذي يطرح نفسه هو أين دور كل من مركز البحوث الزراعية والمعهد القومي للتغذية في توفير الغذاء المناسب لتلك الفئة وبأسعار معقولة لحمايتهم من جشع التجار ؟.. في البداية تقول الدكتورة مها ابو ذكري استاذ طب الأطفال بمستشفي أبو الريش ان المرض يصيب أكثر من9000 مصري, كما انه ينبغي التفرقة بين مصطلحي حساسية القمح والسيلياك فحساسية القمح نوع من الحساسية المفرطة تجاه الطعام كحساسية البيض أو اللبن أو الشيكولاته أو السمك وغيرها وفي الغالب يصاب بها الأطفال الصغار ويلزم اتباع حمية خالية من القمح لفترة قد تصل إلي عدة سنوات حتي تتحسن حالتهم ويبدأوا بعد ذلك في تناول وجبات القمح بالتدريح حتي تعتاد أجسامهم عليها, بينما يعد السيلياك مرض مناعي وحساسية ضد مادة الجلوتين التي توجد في حبوب القمح والشعير ونبات الجاودر والشوفان ويصاب به الإنسان في أي مرحلة عمرية. وتشير إلي ان كلا من حساسية القمح والسيلياك يتشابهان في أعراضهما وخطورتهما مثل الإسهال أوالإمساك الشديد والذي قديصل إلي سنوات ولايستجيب للعلاج وإنتفاخ شديد ومستمر في البطن يشبه انتفاخ القولون العصبي وهشاشة عظام أي يكون المريض من السهل تعرضة للكسور وقصر القامة وهو أخطر الأعراض خاصة في فترة المراهقة وتأخر في البلوغ بخلاف الكساح والآلام المزمنة في البطن وقيء وغثيان وإجهاض متكرر عند المتزوجات وأنيميا لاتستجيب للعلاج, لافتة إلي انه ليس بالضرورة ان تجتمع جميع الأعراض عند مريض السيلياك أو حساسية القمح ولكن ذلك يرجع إلي رد فعل الأجسام المضادة داخل جسم الإنسان والتي تختلف من شخص إلي آخر ولكن كل هذه الأعراض يجب ان ينتبه لها الجميع لانها مؤشر لإصابتهم بمرض السيلياك. وأما عن تشخيص الإصابة فتقول ان تحاليل الدم والأجسام المضادة بالإضافة إلي المنظار هما القاعدة الذهبية للتأكد من الإصابه بالسيلياك, موضحة ان التشخيص المبكر في منتهي الأهمية لتجنب المضاعفات وإتباع حمية خالية من الجلوتين إلي الأبد تجنب المريض الإصابة بالآورام السرطانية أو الوفاة نتيجة سوء التغذية بسبب فقدان الجسم الكالسيوم والحديد بصور كبيرة جدا والعناصر المغذية كفيتامين ب وذلك نتيجة تكون أجسام مضادة تجعل الجسم يهاجم نفسه عند دخول مادة الجلوتين وهي حقيقة علمية بالإضافة إلي سهولة تعرضهم لمرض السكري والالتهابات التقرحية للقولون وإضرابات في الغدة الدرقية وارتفاع في أنزيمات الكبد في حالة عدم الالتزام بالحمية الغذائية. وأشارت إلي ان هناك دراسات وأبحاثا تجري حاليا في أمريكا علي أدوية تمنع إمتصاص الجلوتين في الجسم بعد تناوله ولكنها مازالت في مرحلة التجربة ولم يتم الإعلان عنها, مؤكدة انه ينبغي علي المصابين تناول أدوية تعوض نقص الكالسيوم والحديد وفيتامين ب المركب بعد تشخيص المرض لتعويض أجسامهم مافقدوه من ظهور الأعراض. وتقول ان دول شرق آسيا تسجل أقل نسبة في العالم بالإصابة بالسيلياك او حساسية القمح نتيجة اعتمادهم علي الأرز في نظامهم الغذائي مقارنة بالنسبة المرتفعة في مصر للإصابة بالمرض لان القمح يعد المصدر الأساسي للغذاء, كما تؤكد أن المرض انتشر بصورة كبيرة في مصر خلال الفترة الأخير بشكل غير معقول والسبب غير معروف ولكن هناك من يقول إن التعديل الوراثي علي نبات القمح كان سببا في انتشار المرض في كل دول العالم رغم ان دول أوروبا كانت تنفرد بهذا المرض وقليل ما يصاب به العرب!. وتضيف ان اكتشاف مرض السيلياك كان في الحرب العالمية الأولي عندما اصيب البعض بأعراضه وعند حدوث المجاعة أثناء الحرب ومنع دخول القمح تحسنت حالتهم, ومن هنا أكتشف السبب لان الأعراض كانت تعاودهم مجددا عند تناوله, مشيرة إلي ان العامل الوراثي أو الجيني يلعب دورا كبيرا في احتمالية الإصابة بالسيلياك وهو مؤشر للتشخيص, كما ان نسبة الحدوث عند أقارب الدرجة الأولي يكون أعلي. واما عن سبل الوقاية فتقول ان هناك عوامل مساعدة تمنع ظهور السيلياك مثل الرضاعة الطبيعية المطلقة في الشهور الستة الأولي وتجنب الأمهات اللبن الصناعي والأغذية التي تحتوي علي القمح أو الإفراط في تناول الأطفال للأغذية المحتوية علي القمح في أي عمر. وتقول الدكتورة هبه سعيد استاذ التغذية العلاجية بالمعهد القومي للتغذية أن الفترة الأخيرة شهدت ظهور حالات كثيرة مصابة بالسيلياك أو حساسية القمح نتيجة زيادة وعي الأطباء بالمرض, حيث تتردد علي عيادة التغذيةيوميا حالة جديدة مصابة بالسيلياك أو حساسية القمح,لافتة إلا ان هناك خلطا يحدث لدي الناس بين السيلياك وحساسية القمح فالاثنان مختلفان في طول فترة العلاج لذا لابد من زيارة طبيب مختص يستطيع التعامل مع الحالة. واما عن دور التغذية العلاجية فتقول ان المختص يقوم بتحديد حمية غذائية محددة في السعرات الحرارية والمغذيات علي حسب تقبل المريض ووزنه وعمره وحسب إحتياجات جسمه بالإضافة إلي كونها خالية تماما من الجلوتين بخلاف قائمة بالممنوعات من المنتجات التي قد تحتوي علي الجلوتين وتوجد في السوبر ماركت مثل بعض انواع الشيكولاته والأجبان ومشروبات الشعير واللانشون والنقانق وحتي التصرفات الغذائية كنوع من التثقيف الغذائي للمعرفة بأنواع الغذاء المسبب للحساسية لمساعدة المصابين علي تحسن حالتهم واختفاء الأعراض الكلاسيكية وإعادة نمو الأطفال. وتوضح أن هناك بدائل من الطبيعة لدقيق القمح خالية من الجلوتين مثل دقيق الذرة ودقيق الأرز ونشا الذرة كبديل لنشا القمح وهي موجودة بكثرة في السوبر ماركت بخلاف وجود شركات توضح علي منتجاتها كلمة خالية من الجلوتين, كما ان هناك شركة عالمية المانية تبيع منتجاتها في الهايبرات الكبيرة خالية تماما من الجلوتين مثل الدقيق والكيك والسناكس ولكن أسعارها مرتفعة جدا ولا تناسب محدودي الدخل, بخلاف ان المركز القومي للبحوث الزراعية يبيع منتجات قليلة جدا مثل خبز الذرة ولكنها ليست في متناول الجميع لبعد المكان وسوء المنتج الذي لايفضله الكثير من حيث الطعم والشكل. وعن تحسن الحالات فتقول أن ظهور التحسن يكون من3 إلي6 أشهر مع اتباع حمية صارمة وعدم تناول الجلوتين حتي ولو بكميات صغيرة لانه يزيد من تدهور الحالة لكونه يساعد علي تكوين أجسام مضادة بمجرد دخوله إلي المعدة ومن الممكن ان يتسبب في استمرار معاناة الأمعاء من آثاره رغم اختفاء الأعراض. وعن دور معهد التغذية في توفير الغذاء للمصابين بالسيلياك وحساسية القمح فتشير إلي وجود مشروع جدي لإعداد وجبات غذائية لهم من خبز و كيك ومكرونة وحتي اللانشون خالي من الجلوتين في المعهد بسعر تكلفة الدقيق والذي سيتم شراؤه من احدي الشركات, إضافة إلي تشكيل عدة معارض لتعليم الأمهات كيفية صناعة المأكولات والمعجنات دون استخدام دقيق القمح لتوفير احتياجات أولادهم وحمايتهم من أغذية السوبر ماركت التي لاتخلو الغالبية العظمي منها من الجلوتين أو حتي الألوان الصناعية والمواد الحافظة التي قد تحتوي علي الجلوتين ولا يتم كتابتها ضمن مكونات المنتج. وتقول ولاء عبدالحميد طبيبة أطفال وأم لأربعة أطفال في عمر الزهور يعانون من حساسية القمح المفرطة انها عانت الكثير من أجل التوصل إلي تشخيص صحيح لحالة أطفالها الذين كانوا يعانون من قصر القامة وعدم زيادة الطول مقارنة بعمرهم والنحافة وآلام في البطن مستمرة, وبعد عرضهم علي الطبيب شخص حالتهم علي انها حساسية ألبان, وبالفعل تم منعهم من منتجات الألبان وكل مايحتوي عليها لمدة عامين, ولكن مع استمرار الأعراض لجأت إلي إرسال صور تحاليل الدم والأجسام المضادة إلي مستشفي للأطفال بأمريكا وتم تشخيص الحالة بأنها حساسية قمح وطلبوا منها التأكد بعمل منظار علي المعدة والأثني عشر للأطفال الأربعة وكانت النتيجة إيجابية. وتقول ان البحث عن منتجات خالية من الجلوتين يحتاج إلي ساعات طويلة في السوبر ماركت نظرا لعدم توافرها بكثرة, كما ان بعض الهايبرات الكبري التي تبيع منتجات خاصة بحساسية القمح تسعر المنتجات حسب رغبتها الشخصية كنوع من الاستغلال دون مراعاة الحالة المادية للأسر, وان ذلك جعلها تلجأ للاكتفاء الذات وعمل المعجنات والخبز بنفسها داخل المنزل أو بمساعدة أحد الشيفات الذي يعمل بمجال التغذية العلاجية.