من فضل الله علي الأمة الإسلامية أن جعل في أيام الدهر نفحات تغفر فيها الزلات وتجاب فيها الدعوات وكانت أفضل نفحة في أيام العام هي نفحة يوم عرفة الذي يتجلي فيه المولي تبارك وتعالي فيغفر للحجيج ولمن استغفر لهم الحجيج فقد أقسم المولي عز وجل بيوم عرفة وقال في كتابه الكريم والفجر وليال عشر, وأكد العلماء أن المقصود بالفجر هو يوم عرفة وسماه أيضا المشهود في قوله تعالي وشاهد ومشهود وسمي بعرفة لآن الحجاج فيه يتعارفون ويتراحمون فوق جبل عرفات رغم اختلاف ألسنتهم وجنسياتهم ولغاتهم وألوانهم. في البداية يوضح الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر أن وقفة عرفات من أفضل الأيام عند الله حيث يباهي الله ملائكته بالحجيج الواقفين بعرفة فيقول هؤلاء عبادي جاءوا شعثا غبرا أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم, ويوم عرفة هو اليوم الذي يجتمع فيه المسلمون لأداء مناسك الحج وعمادها الوقوف بعرفة, ويستحب صيام هذا اليوم لغير الحاج لقوله صلي الله عليه وسلم صوم عرفة أحسبه يكفر ذنوب السنة الماضية كما يستحب في يوم عرفة للحاج وغيره أن يكثر من الدعاء وذلك لأنه ختام أيام الطاعة لقوله صلي الله عليه وسلم ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه الأيام العشر فقال أصحابه حتي الجهاد يا رسول الله فقال: حتي الجهاد إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء. مما يؤكد استحباب الإكثار في هذه الأيام من الصوم والصدقات وبحسبان أن العمل فيهن أفضل من غيرهن من الأيام وقد كان صلي الله عليه وسلم يحرص علي الاجتهاد في العبادة في هذه الأيام العشر ومنها يوم عرفة والذي يذكرنا بحجة الوداع حيث جمع الناس يوم الجمعة في يوم عرفة وفضل ذلك علي الحجيج لما ورد في السنة أن الله تعالي يضاعف الحسنات للحجيج ويغفر لهم ذنوبهم قبل انفراطهم من الموقف ولهذا ذكر العلماء أن اجتماع يوم عرفة يوم الجمعة فضل عظيم لمن يؤدون مناسك الحج في هذا العام, مشيرا إلي أن يوم الأضحي يوم النحر ويوم الصدقات والفداء ويستحب استحبابا مؤكدا ذبح الأضاحي وغيرها في هذا اليوم وتوزيع لحومها علي الفقراء والمساكين والمحتاجين والأقارب ويكون ذلك بعد الانتهاء من أداء الصلاة ولهذا فلا يجوز أن يذبح أضحيته قبل صلاة العيد ومن فعل ذلك فلم يضح لقوله صلي الله عليه وسلم أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر ومن فعل ذلك أصاب السنة, ومن لم يفعل فإنها هو طعام قدمه لأهله كما يستحب في هذا اليوم. ويضيف الدكتور عادل المراغي إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية أن من فضل الله علي الأمة الإسلامية أن جعل لها في أيام الدهر نفحات تغفر فيها الزلات وتجاب فيها الدعوات, وافضل نفحة في أيام العام نفحة يوم عرفة الذي يتجلي فيه المولي تبارك وتعالي فيغفر للحجيج ولمن استغفر لهم الحجيج, ومن فضائل هذا اليوم أن الله أقسم به في القرآن الكريم لقوله والفجر وليالي عشر قال المفسرون هو يوم عرفة كما أقسم به وسماه بالمشهود في قول تعالي وشاهد ومشهود, فالشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة, وسمي بعرفة لأن الناس يتعارفون فيه ويتآلفون فيه ويتراحمون علي اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأشكالهم وجنسياتهم فيقفون علي صعيد عرفات وأعدادهم تربو علي5 ملايين حاج, أتوا من كل فج عميق لاداء الشعائر والمشاعر والشعور بلباس واحد ونداء واحد يدعون ربا واحدا وهكذا هو الإسلام لا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي, ومن فضائل هذا اليوم أن من صامه كفر الله له ذنوب سنتين فمن لم يستطع أن يشارك الحجاج في نفحات المكان شاركهم في نفحات الزمان لقوله صلي الله عليه وسلم وكادت الشمس أن تغرب ما رؤي الشيطان في يوم هو فيه أحقر ولا أصغر ولا أدحر من يوم عرفة لما يري من تجلي الله عز وجل بالرحمات فمن حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له ما تقدم من ذنبه, فإذا غفر الله للصائم والواقف بعرفات, ذنوبهم حق لهم أن يفرحوا ويشكروا نعمة الله بالأضحية حيث إنها شكر وإدخال السرور علي المسلمين ولونا من ألوان التكافل وشعيرة من شعائر الإسلام والأضحية سنة عند العلماء وواجبة عند أبي حنيفة والوقل بالوجوب علي القادر المستطيع المقيم لحديث من وجد سعة ولم يضح فلا يقرب مصلانا وسميت أضحية لأنه تذبح وقت الضحي ووقتها بعد صلاة العيد إلي ثالث أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر, وسميت بذلك لان العرب كانت تشرق اللحم حتي تحتفظ بها فتضعه تحت أشعة الشمس كوسيلة من وسائل حفظ اللحوم, وتكون الأضحية من بهيمة الانعام وهي الضأن والماعز والآبل والبقر, ولا تكون من غيرها, ويشترط فيها أن تكون سليمة من العيوب فلا يصح في الأضحية المعيبة بأي عيب حيث يغفر لصاحبها مع أول قطرة دم تنزل منها وتقسم إلي ثلاثة أقسام كما قال ابن عباس لقوله تعالي فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتز, والقانع هو الصديق والجار, ولو كان من غنيا والمعتز المحروم الذي يتعرض للسؤال وقبل االأضحية تأتي شعائر صلاة العيد وهي سنة مؤكدة حرص عليها النبي صلي الله عليه وسلم لأنها شعيرة من شعائر الدين, وتؤدي في الساحات وفي الفضاء ومن خلالها يحتفل المسلمون بمغفرة الذنوب علي عرفات لإخوانهم الحجيج, وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم من عادته أن يعجل بصلاة العيد حتي يتسني له أن يذبح أضحيته لقوله تعالي فصل لربك وانحر ومن أحكام صلاة العيد أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يأمر بالاغتسال لها والتطيب وكان يلبس أجمل الثياب ويمشي إلي المصلي وكان يأتي من طريق ويعود من طريق آخر لأن الهدف من ذلك ومن الأعياد هو إدخال السرور علي الأصدقاء والأقارب والجيران حيث كان صلي الله عليه وسلم يدعو خطبته إلي التوحد وجمع شمل المسلمين باعتبار أنهم أخوة بل وصل الامر إلي أن الأخوة الإنسانية لقوله صلي الله عليه وسلم كلكم لآدم وآدم من تراب بينما يؤكد الدكتور عبدالرحمن نصار إمام وخطيب بأوقاف الاسكندرية أن صوم يوم عرفة لغير الحاج سنة ويكفر ذنوب سنة ماضية وسنة آتية وذلك لفضل هذا اليوم عند الله حيث إن الحج عرفة فهو يذكر بيوم القيامة فلا فرق بين أبيض وأسود, وكانت قريش في الجاهلية تخصص لنفسها موقفا معينا باعتبار آنهم أهل البيت فنزل القرآن وألغي هذا الاميتاز في الحج, قال تعالي ثم أفيضوا من حيث أفاض الناسفكان إلغاء الامتيازات الخاصة في الحج لأنه يذكر بالدار الآخرة فجاءت الآيات تتحدث عن الحج في سورة سميت بالحج ولكن وسط الحديث عن الآخر حيث بدأت السورة الكريمة بقوله تعالي يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم وهي العبادة الوحيدة التي لها زمان ومكان محددين ما يدل علي امتيازها عن سائر العبادات لأن أهم ما يترتب عليها مغفرة الذنوب لقوله صلي الله عليه وسلم من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وقوله أيضا والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ومن أهم آثار الحج أن تظهر علي الحاج أثاره بعد عودته من أمارات التقوي في حسن الجوار وتحري الحلال