احتفل البيت الفني للمسرح بذكري ميلاد عميد الادب العربي طه حسين باقامة عرض خاص لمسرحية دعاء الكروان التي استوحتها الكاتبة رشا عبد المنعم من روايته الشهيرة وقامت بإخراجها في اولي تجاربها مع الاخراج المسرحي الراقصة كريمة بدير من انتاج الفرقة القومية للعروض التراثية بمسرح الغد, وعقب العرض عقدت ندوة نقدية شارك فيها د.رفيق الصبان واحمد عبد الرازق ابوالعلا ود.محمد زعيمة ومدير فرقة الغد المخرج ناصر عبدالمنعم. اهتم الناقد رفيق الصبان بالقاء كلمة عن طه حسين قبل التطرق للعرض المسرحي المستوحي من روايته قال فيها ان عميد الادب العربي هو صانع جيله ولولا وجوده لما وجد هذا الجيل فهم اولاده, تعلموا علي يديه كيف يمكن ان تكون الكلمة لؤلؤة وشهابا, وان الحضارة ليست مغلقة علي نفسها وانما تمتد لحضارات اخري تتعلم منها وتضيف اليها, واستطاع الي جانب توفيق الحكيم ان يكون النافذة التي فتحت اذهاننا علي العالم الغربي, دون التخلي عن طابعنا العربي الاصيل, وارتقيا باللغة العربية وصنعا لها مكانة خاصة. اما العرض المسرحي دعاء الكروان فقد اختلفت الاراء حوله بين النقاد حيث اشاد رفيق الصبان بالحالة التي قدمتها المخرجة والكاتبة وعلق علي سؤال تردد علي مسامعه يستنكر تقديم رواية دعاء الكروان بالاداء الحركي واعتبره سؤالا مغلوطا لانه لابد من تقديم الاعمال الادبية في اطار مختلف عندما تطرح في عمل فني يعبر عن رؤية جديدة والا تحول الي نماذج مكررة ليس لها معني وهو ماتعلمناه من اعمال شكسبير ومسرحياته التي تحولت الي باليه ومايم وعرائس ومقطوعات موسيقية وغيرها من الاشكال الفنية. واشار الي ان عرض دعاء الكروان جمع بين كاتبة ملهمة ومخرجة تعرف خبايا الجسد البشري بحكم خلفيتها السابقة كراقصة باليه وراقصة اولي في فرقة وليد عوني للرقص الحديث واستطاعتا معا صنع حالة تدافع عن المرأة بشكل اساسي وهو ماظهر بوضوح في دور الام المختلف عن الام في رواية طه حسين ومشهد المواجهة مع الخال والمرأة التي تظهر اعلي السلم شاهدة علي الاحداث واكد د. زعيمة ذلك قائلا ان النص الادبي موجود في الكتب ويمكن قراءته وبالتالي لا توجد جدوي من تقديمه في شكل كلاسيكي دون طرح رؤية جديدة, واضاف ان أهم مايميز العرض هو اتفاق المعدة والمخرجة علي استبعاد مناطق من الرواية لتفادي الخوض في مقارنة مع الفيلم السينمائي الذي تناولها, بداية من تكنيك الكتابة القائم علي الحكي والتقطيع في المشاهد, واستخدام اللغة الحركية والتعبير بالجسد, ومما يميزه ايضا الاتفاق الشديد مع فلسفة الفرقة القومية للعروض التراثية التي تعتمد علي تناول التراث بشكل معاصر والدخول في جدل معه. وعلي الجانب الاخر انتقد احمد عبدالرازق ابوالعلا العمل في عدة نقاط رغم اشادته بعدد من المناطق الايجابية فيه, وبدأ حديثه بالاشارة الي الرؤية الدرامية التي قدمتها رشا عبدالمنعم للرواية مضيفا ان كاتبة الرؤية الدرامية ابتعدت عن فكرة الفيلم تماما وحصرت الرؤية في الحب والرغبة وعلاقة الانسان بالجسد, واعتبرها رؤية قاصرة, لأن الحب جزء منه الرغبة, بينما الفكرة الأولي في الفيلم أكثر ثراء. واضاف ان العرض اغفل الادوات التعبيرية الخاصة بالمسرح وكيفية التعبير عن المعني بحركة الممثل والكلمة وركز بشكل اساسي علي حركة الجسد, الا انه اشاد بمشهدين الاول المواجهة بين الخال والام واخر يمزج بين الخال والمهندس في الرد علي اتهامات المرأة, وقال انه رغم التأثير الذي تركه العرض لدي المشاهد الا انه تاثير لحظي لايدوم طويلا وهذا له علاقة من جانب اخر بغياب السياق الاجتماعي والارتباط بين العرض والبيئة المصرية في جزء كبير من الاحداث, ووجود حالة من التغريب في بعض الاحيان خاصة مع لجوء المغنية في العرض الي الغناء الاوبرالي المتداخل مع العديد رغم طبيعة العمل الفنية المختلفة. وعلقت كريمة بدير مخرجة العرض علي الاشارة الاخيرة بأن الدمج بين الغناء الشعبي و الميتزو سوبرانو او السوبرانو مرتبط بمعلومة وهي ان هذا الصوت يعتبر أعلي درجة يمكن أن يصل إليها صوت المرأة وهو درجة الصرخة لذا فهو يمثل صرخة المرأة ويصاحبه صوت الغناء الشعبي للرجل الصعيدي المتبع للعادات والتقاليد فهي تصرخ للخروج منه. واعتبر ناصر عبد المنعم السوبرانو ترديدا للحالة التي تقدمها كريمة في العرض واضاف انه كمخرج يري العرض في مشهدين اساسيين وهما المواجهة بين الأم والخال, وكيف تم اختزال الشرف في غشاء البكارة علي لسان الخال, بينما تجاهل انه فقد بعدم توفير الحماية لهؤلاء النسوة, والمشهد الثاني يتعلق بفكرة الفقر, الذي لولاه ما كانت هذه الأحداث. واعترض د. زعيمة علي بعض ملاحظات ابوالعلا مشيرا الي ان مشاهد المواجهة بين الام والخال ونساء العمل مع الخال والمهندس تطرح فكرة البحث عن المدان والولي والولية من المسئول عن الحماية ومن السبب في السقوط, بينما دافع الصبان عن صناع العرض قائلا انه لايجب ان تهاجم مخرجة في تجربتها الاولي بهذه القسوة والا تخلت عن ابداعها واعترض الحضور علي ذلك بان المشاهد العادي لايعرف اذا كانت تجربة اولي أم لا وانما يبحث عن المتعة والعمل الجيد.