ارتفاع أسعار الذهب في مصر: زيادة ملحوظة بجميع الأعيرة    استقرار أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 11 يونيو 2024    أسعار الحديد والأسمنت اليوم 11 يونيو.. عز يتراجع والاستثماري ب 38 ألف    تصويت الكنيست لصالح تمديد إعفاء الحريديم من التجنيد يعمق الانقسام في إسرائيل    انتشال عدد من الشهداء من تحت أنقاض منازل استهدفها الاحتلال بمدينة غزة    الدفاع الروسية: بدء مناورات نووية تكتيكية مشتركة مع بيلاروسيا    موعد مباراة منتخب مصر القادمة في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    عبد العال: تغييرات حسام حسن تأخرت كثيرًا أمام غينيا بيساو    حالة الطقس في مصر: ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة    أحدهم مجهول الهوية.. مصرع 3 أشخاص وإصابة 2 آخرين في حادث سيارتين بأسيوط    تراجع محدود في أسعار الفراخ اليوم 11 يونيو.. والبيض مولع    شغل في القاهرة.. بحوافز وتأمينات ورواتب مجزية| اعرف التفاصيل    بث مباشر.. طلاب شعبة الأدبي بالثانوية الازهرية يستكملون الامتحانات اليوم    للإطمئنان على صحته.. آمال ماهر تشارك محمد عبده في دويتو غنائي عفوي    حكم الشرع في ارتكاب محظور من محظورات الإحرام.. الإفتاء توضح    دراسة ترصد زيادة كبيرة في معدلات تناول المكملات اللازمة لبناء العضلات بين المراهقين في كندا    ذاكرة الكتب.. كيف تخطت مصر النكسة وبدأت حرب استنزاف محت آثار الهزيمة سريعًا؟    استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة 8 آخرين في الضفة الغربية    واجهة المكتبات    هل يجوز الاضحية بالدجاج والبط؟ عالم أزهري يجيب    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    مصطفى كامل يتعرض لوعكة صحية خلال اجتماع نقابة الموسيقيين (تفاصيل)    زيلنسكي يصل إلى برلين للقاء شولتس    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد احنا موجودين عشان نقف جنب بعض    ضياء السيد: تصريحات حسام حسن أثارت حالة من الجدل.. وأمامه وقتًا طويلًا للاستعداد للمرحلة المقبلة    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    إيلون ماسك يهدد بحظر استخدام أجهزة "أبل" في شركاته    احتفالا بعيد الأضحى، جامعة بنها تنظم معرضا للسلع والمنتجات    التجمع الوطني يسعى لجذب اليمينيين الآخرين قبل الانتخابات الفرنسية المبكرة    صحة الفيوم تنظم تدريبا للأطباء الجدد على الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة    تعليق ناري من لميس الحديدي على واقعة تداول امتحانات التربية الوطنية والدينية    بعد 27 عاما من اعتزالها.. وفاة مها عطية إحدى بطلات «خرج ولم يعد»    إنتل توقف توسعة مصنع في إسرائيل بقيمة 25 مليار دولار    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي لوقف دائم لإطلاق النار في غزة    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    الحق في الدواء: الزيادة الأخيرة غير عادلة.. ومش قدرنا السيء والأسوأ    زكي عبد الفتاح: منتخب مصر عشوائي.. وما حدث مع شوبير جريمة    تحذير عاجل ل أصحاب التأشيرات غير النظامية قبل موسم حج 2024    «جابوا جون عشوائي».. أول تعليق من مروان عطية بعد تعادل منتخب مصر    أحمد عبدالله محمود: «الناس في الشارع طلبوا مني أبعد عن أحمد العوضي» (فيديو)    إخماد حريق داخل حديقة فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. إبراهيم فايق يوجه رسالة ل حسام حسن    إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    رئيس خطة النواب: القطاع الخاص ستقفز استثماراته في مصر ل50%    بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    هل خروف الأضحية يجزئ عن الشخص فقط أم هو وأسرته؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    الاستعلام عن حالة 3 مصابين جراء حادث مروري بالصف    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    «شيلنا من دماغك».. نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    مصر ضد غينيا بيساو.. قرارات مثيرة للجدل تحكيميا وهدف مشكوك فى صحته    أخبار 24 ساعة.. الحكومة: إجازة عيد الأضحى من السبت 15 يونيو حتى الخميس 20    أستاذ اقتصاد: حظينا باستثمارات أوروبية الفترة الماضية.. وجذب المزيد ممكن    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية عصر التوافق والتسامح السياسي مع تنظيم الإخوان غير الشرعي؟؟
نشر في الأهرام المسائي يوم 28 - 11 - 2010

في مطلع السبعينيات وضع الرئيس الراحل أنور السادات الأساس لمشهد سياسي مصري مغاير‏,‏ بتحقيق توافق سياسي شفهي مع قادة‏'‏ تنظيم الإخوان غير الشرعي‏',‏ بمقتضاه
يعود التنظيم من الشتات ليمارس نشاطه داخل مصر‏,‏ دون صدور قرار سياسي أو إعادة توفيق النظام لأوضاعه القانونية غير الشرعية‏,‏ أهليا منذ نهاية الأربعينيات‏,‏ وسياسيا منذ منتصف الخمسينيات‏.‏
وعلي مدار سنوات عصر السادات نهض التنظيم بأوضاعه‏,‏ وتمكن من استعادة نشاطه باستراتيجية وضعته علي الخريطة السياسية كطرف أساسي وداعم للدولة في مواجهة المعارضة السياسية‏,‏ غير أنه‏,‏ وبنهاية السبعينيات‏,‏ نكص عن عهده للسادات‏,‏ وخرج عن خطوط الاتفاق بالانضمام للمعارضة الحزبية في مناهضتها اتفاق كامب ديفيد‏,‏ بعد استشعار‏'‏ التنظيم‏'‏ دخول النظام في صدام مباشر مع ظاهرة الإرهاب والعنف‏,‏ وجذري مع كل ألوان الطيف السياسي المصري‏.‏
صدام‏'‏ التنظيم‏'‏ ونكوصه بعهده واتفاقه مع السادات في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات‏,‏ سرعان ما تحول إلي فرصة جديدة مع رغبة الدولة المصرية بإعادة ترتيب الأوضاع السياسية الداخلية وصياغة المشهد السياسي وفقا لقواعد وأسس وعلاقات مغايرة لما كانت عليه‏,‏ تضع أساسا لمستقبل مختلف‏,‏ وتعيد ترتيب الأولويات‏,‏ وتفتح المجال لاستعادة الحالة السياسية التعددية في البلاد‏.‏
نجح‏'‏ التنظيم‏'‏ في مواصلة سياسة التواجد المؤثر عبر تحالفات سياسية متنوعة‏:‏ تارة مع حزب الوفد‏,‏ وتارة أخري مع حزب العمل‏,‏ وعبر أداء اقتصادي غير معتاد في التركيبة السياسية‏,‏ مكنه من الحلول ضمن المعادلة السياسية الاقتصادية المؤثرة‏,‏ وجعل منه طرفا أصيلا في المعادلة لا يمكن تجاهله أو تجاوزه‏,‏ خصوصا وأن قيادات‏'‏ التنظيم‏'‏ المتتالية حافظت بمهارة شديدة‏,‏ وبأداء انتهازي متفوق علي علاقاتها مع الدولة مستفيدة من دروس الماضي البعيد في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‏,‏ والماضي القريب في عهد الراحل أنور السادات‏.‏
لكن ما ميز‏'‏ التنظيم غير الشرعي‏'‏ في السنوات العشر الأخيرة طموح متزايد للسيطرة علي المشهد السياسي‏,‏ واستثمار ما جري خلال ما يزيد علي عشرين عاما من التواجد الداخلي والعلاقات الخارجية المؤثرة للحلول بديلا عن كل الأطراف السياسية‏,‏ والصعود كبديل سياسي للدولة الوطنية المصرية‏,‏ ووضع أساس بناء الدولة الدينية‏.‏
وساعد‏'‏ التنظيم‏'‏ علي الانطلاق لآفاق الطموح الجديد علو نجمه محليا وإقليميا ودوليا‏,‏ مقابل تراجع واضمحلال لمكونات التيارات السياسية المصرية المختلفة‏,‏ مع رغبة من بعض المكونات السياسية في التحالف معه برؤية انتهازية لتعويض خسائرها المتوالية بين الرأي العام‏,‏ كما ساعده علي ذلك شروع بعض من المحسوبين علي النظام المصري في التعامل معه‏,‏ وفقا لمنطق يمنع الصدام الجذري‏,‏ ويكتفي بما يمكن تسميته‏'‏ سياسة شد الأذن‏'‏ علي مراحل متفاوتة‏.‏
ويفسر ذلك عودة‏'‏ التنظيم غير الشرعي‏'‏ تدريجيا للتواجد علي الساحة السياسية من خلال الانتخابات التشريعية‏,‏ واعتماده في جزء من رؤيته السياسية علي تأهيل المجتمع كله للتصادم مع الدولة بكل هيئاتها وأجهزتها‏,‏ وخلق حالة من الاستعداء للمشهد السياسي المصري‏,‏ وصياغة وجدان المصريين بزعم الدفاع عن الدين لخلق حالة تكفيرية بشكل غير مباشر في المجتمع‏,‏ ولعل توسيع دائرة المشاركة في الانتخابات البرلمانية خلال عشر سنوات بصورة لافتة للنظر يدعم الحديث عن تأهيل‏'‏ التنظيم‏'‏ داخليا لحالة انقلابية علي الجميع‏.‏
الفارق بين نهاية السبعينات و‏2010,‏ أن التنظيم في الحالة الأولي اصطف بين صفوف الأحزاب السياسية التي كانت متواجدة بقوة‏,‏ كما أنه كان ينقلب علي تعهده مع السادات في أوضاع سياسية لم تكن مؤهلة ليصبح‏'‏ التنظيم‏'‏ القوة الأولي والوحيدة علي الساحة السياسية‏.‏ أما المرحلة الحالية فإن التنظيم يتحرك في إطار محلي وإقليمي مختلف‏,‏ ووفقا لرؤية وأهداف متباينة لا تهدف من ورائها للانقلاب علي إتفاق مع النظام السياسي وفقط‏,‏ وإنما هو انقلاب علي المجتمع كله‏.‏
في هذا السياق يأتي البلاغ المقدم من الحزب الوطني إلي النائب العام ضد‏'‏ التنظيم‏'‏ باعتباره تنظيما غير شرعي يعمل بالمخالفة للدستور والقانون‏,‏ ويرشح أعضاءه وأنصاره للانتخابات‏,‏ ويمارس الدعاية بجلاء وبوضوح وعلانية‏,‏ وهو ما يعد مخالفة قانونية ودستورية تستوجب التعامل معها والتحقيق في شأنها‏,‏ لإعلاء كلمة القانون في المجتمع‏.‏
بداية‏,‏ فإنها المرة الأولي التي يقدم فيها الحزب الوطني علي مثل هذا الإجراء‏,‏ وهو يمثل عنفا قانونيا غير مسبوق‏,‏ وتعامل يهدف إلي اجتثاث التنظيم من جذوره‏,‏ وليس التعامل مع الظواهر الانتخابية وتداعياتها‏,‏ وهو إجراء يخرج من إطار المواجهات السياسية الوقتية‏,‏ إلي تعامل له رؤية واستهدافات مستقبلية‏,‏ سوف تظهر تفاعلاتها بصورة أكثر وضوحا مع تداعيات الإجراء وما سيترتب عليه خلال الأسابيع المقبلة‏.‏
لقد اعتاد التنظيم منذ مطلع السبعينات‏,‏ ومع صيغة التوافق السياسي التي أبرمها السادات‏,‏ علي أن يتعامل مع الدولة بمفهوم‏'‏ القطعة قطعة‏',‏ وتجاوز الأزمات المتفجرة بإبرام اتفاقات وتقديم تعهدات لتجاوز الأزمات‏,‏ وساعده علي ذلك منطق تسامح سياسي أقرته الدولة المصرية مع الجميع منذ العام‏1981,‏ غير أنه في هذه المرة سيجد نفسه في أغلب الأحوال أمام منطق مختلف واستهداف مغاير‏.‏
السادات الذي أبرم الاتفاق مع‏'‏ التنظيم‏'‏ لمواجهة خصومه السياسيين من الناصريين واليسار‏,‏ رفض وبشدة إعادته لأوضاع قانونية‏,‏ أو منحه الترخيص القانوني بإعادة إشهار الجمعية الأهلية‏,‏ أو حتي ترخيص إصدار صحيفته‏,‏ واكتفي بأن يسمح له بالتواجد وممارسة النشاط بما فيها إصدار مجلة‏'‏ الدعوة‏'‏ دون أوضاع قانونية رسمية‏,‏ وهو الطلب الذي حاول قادة‏'‏ تنظيم الإخوان غير الشرعي‏'‏ وقتها الحصول عليه غير أنهم فشلوا في ذلك لإصرار السادات علي الرفض‏.‏
صيغة التوافق السياسي غير المعلن أو المكتوب والقائم منذ عصر السادات‏,‏ والذي خضع لبعض المتغيرات أخرجته من صيغة‏'‏ التوافق السياسي‏'‏ وأخضعته لمضمون‏'‏ التسامح السياسي‏'‏ يواجه عاصفة عاتية‏,‏ بعد أن أظهر التنظيم عزما وتصميما غير مسبوق علي الانقلاب ضد الدولة بكل مكوناتها وعناصرها‏,‏ لإزالة ركائزها المدنية وتحويلها إلي دولة دينية في إطار تصور إقليمي نجح في بعض الأراضي العربية ومازال يجاهد محاولا النجاح في البعض الآخر‏.‏
ليس مستبعدا أن نشهد في القريب مواجهة قانونية علي مستوي مختلف مع‏'‏ تنظيم الإخوان غير الشرعي‏',‏ وهي مواجهة تستهدف إعادة الاعتبار لدولة القانون واحترام نصوص الدستور‏,‏ وتضع في الوقت ذاته الأساس لمرحلة مختلفة تكون فيها الشرعية للمرجعية الأساسية للدولة الدستور وليس لتوافقات سياسية هنا أو هناك‏,‏ ربما تنجح في مرحلة لكنها تضع أساسا لإرباك الحالة السياسية في مرحلة أخري‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.