ظلم الإسلام من أهله ومن غير أهله, ظلم من أهله بجهلهم به, وظلم من غير أهله بالتجني عليه, وليس أدل علي جهل بعض المسلمين بالإسلام, وظلمهم له, من شعار الإسلام هو الحل وهذا الجهل أسفر عن نتائج خطيرة, وظالمة في حق الإسلام, لا يتحمل وذرها, إنما الجاهلون به, والذين لبسوا عباءة الإسلام, عدوانا, وظلما, وافتراء, هم الآثمون, الظالمون, وحسبنا الله ونعم والوكيل. فقد ادعي بعض المسلمين الذي وصلوا إلي سدة الحكم تطبيق الشريعة الإسلامية, وأسفرت هذه التطبيقات البعيدة عن الإسلام, عن نتائج خطيرة في حق الإسلام والمسلمين, والدليل علي ذلك ما يجري في السودان من تمزيقه, وما يجري في أفغانستان, من قتل للمسلمين, وهتك أعراضهم, وتيتيم أولادهم. هذه التطبيقات بعيدة عن الإسلام, وصاحبه عليه الصلاة والسلام, وظالمة للإسلام, والمسلمين. إن أحكام الشريعة الإسلامية, تنقسم إلي أحكام لا مجال لإعمال العقل فيها, مثال الصلاة والصوم والزكاة والمقدرات الشرعية, وأحكام مجال لإعمال العقل, وهذا التقسيم بإجماع العلماء, يراجع في ذلك كتب أصول الفقه, مثل الإحكام في أصول الأحكام, والموافقات, وذكر ذلك الإمام محمود شلتوت, رحمة الله عليه, في كتابه الفتاوي. ومن الأحكام التي تعتمد علي العقل, نظام الحكم, فقد جاءت الشريعة الغراء بأحكام عامة كالعدل والمساواة بين المواطنين, لا فرق بينهم بسبب اللون والجنس أو الدين, والشوري, وتركت تفاصيل نظام الحكم لإعمال العقل, تبعا للظروف, واختلاف الأزمنة والأمكنة, والدليل علي ذلك, ان اختيار رئيس الدولة اختلفت طريقة اختياره, فقد ترك سيدنا رسول الله, صلي الله عليه وسلم, المسلمين, دون أن يحدد خليفة بعده, وجاء سيدنا أبوبكر, وحدد سيدنا عمر للخلافة, وسيدنا عمر حدد ستة من الصحابة لكي يختار المسلمون من بينهم خليفة, وهذا الاختلاف في تحديد الخليفة نابع من أنه متروك لإعمال العقل, وليست هناك قاعدة ملزمة للاختيار, إلا توافر شروط تجعل المختار صالح للإمامة. ومن المجالات التي يجب إعمال العقل فيها مجال العقوبات في الإسلام, فالقاعدة العامة أن تحديد الجرائم وعقوباتها متروك للحاكم المسلم, والدليل علي ذلك ما جاء في كتاب الله, وسنة رسول الله, صلي الله عليه وسلم, من جرائم ليست لها عقوبات إنما متروكة للحاكم, ليحدد العقوبة تبعا لظروف الزمان والمكان, مثال ذلك ويل للمطففين سورة المطففين. والشريعة الغراء حددت بعض العقوبات لجرائم قليلة جدا لحكمة بالغة, ودليل علي إعجاز الشريعة. ومن مجالات إعمال العقل, التنمية الاقتصادية, وتحديد أرزاق الجند, وتعيين الوزراء, ومختلف مجالات السياسة والاقتصاد. وباب اعمال العقل متسع, يجب علي المسلمين اعمال عقولهم في الحياة, وقد ورد عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم أنتم أعلم بشئون دنياكم. وإذا عدنا إلي من يرفع شعار الإسلام هو الحل, نقول إن نظام الحكم, والتنمية الاقتصادية, ومختلف المجالات السياسية والاقتصادية, هي مجالات لإعمال العقل, وإذا وقعت من العقل أخطاء, لا يتحمل وذرها الإسلام, فعلينا ان نقول, إننا أخطأنا, وأخطأت عقولنا, فقد دعت الشريعة, إلي العلم, والتنوير, وإعمال العقل. ليست هناك عقيدة دعت أصحابها إلي التنوير, والتسلح بالعلم, وإعمال العقل, إلا الإسلام, وليست هناك عقيدة ظلمت من أصحابها كالإسلام, فقد جانبوا التنوير, ونحو العلم والعقل جانبا, فأخطأوا, ودمروا البلاد, وخربوا الديار, وأهلكوا الزرع والضرع, وحملوا الإسلام أخطاءهم. فلا يجب ان نقول الإسلام هو الحل, بل نقول, الإسلام يدعونا في مجال الاقتصاد والحكم, والسياسة, إلي التنوير, والتسلح بالعلم, واستخدام العقل, وهذا إعجاز, ودليل عظمة الإسلام ورفعته. أما القول بأن الإسلام هو الحل, علي إطلاقه, فهو خروج علي مبادئ الإسلام, وما فرضه علينا في مجال الحكم والسياسة, وظلم للإسلام, والله أعلي وأعلم.