تراجم الرجال العظماء من العلماء والأدباء والوزراء والحكام والأمراء وقادة الجيوش وغيرهم, كانت واحدا من الآداب العربية المزدهرة سبقت بها الحضارة العربية ما سواها وما تلاها من الحضارات. هذا الأدب يتراجع و يكاد يتلاشي في ثقافتنا وأكاد أقول إنه لا وجود له في صحافتنا الثقافية وصحافتنا المتخصصة, ناهيك عن الصحافة العامة. في حين أنه مزدهر في الصحافة الأوروبية والأمريكية ولأنني أكثر اهتماما واعجابا بالصحافة البريطانية علي وجه التحديد فانني كل يوم ازداد ارتباطا بها حيث أنهل من خدماتها المتميزة, ومنها ما أسميه أدب التراجم أو صحافة التراجم التي تقدم معلومات وقصصا وتغطيات ممتازة لرموز في البرلمان, في البيزنس, في العلوم, في الثقافة, في الفنون, يأتي أكثرها تحت مسميات تتشابه عند فكرة أو عنوان موجز: رجل في الأخبار أو اسم في الاخبار. عندما كنت محررا مبتدئا في جريدة الوفد في سنواتها الأولي كان الاستاذ المرحوم لمعي المطيعي يكتب سلسلة عظيمة تحت عنوان هذا الرجل من مصر وكان رئيس التحرير الثاني لجريدة الوفد المرحوم استاذنا جمال بدوي صاحب ثقافة تاريخية موسوعية تمكنه من تقديم كتابات ممتازة من هذا النوع الخاص. وربما يكون المسلسل الذي يكتبه الدكتور مصطفي الفقي في الصفحة الأخيرة من المصري اليوم له صلة بسنوات طويلة عاشها في بريطانيا ثم في عواصم أوروبية أخري جعلته علي احتكاك وثيق بتقاليد الصحافة الانجليزية العريقة في باب تراجم الرجال, طبعا هذا بالاضافة إلي ثقافته الواسعة وملاحظاته العميقة وخبراته المتنوعة. أكتب هذه المقدمة بين يدي الكتابة عن المهندس أمين سامح فهمي وزير البترول, الصورة الانطباعية السريعة عنه هي أنه مهندس كفؤ, وزير نشيط, وطني مخلص, دمث ومهذب الاخلاق, لكن سامح فهمي من الناحية الصحفية المهنية يمثل حالة إنسانية فريدة تمتزج فيها الثقافة مع السياسة مع الخصائص الفردية والفضائل الشخصية. وغدا نستكمل.