قد لا يعرف الكثيرون من محبي السينما أن أرثر بن بدا اخراج فيلم' القطار1964' الشهير من بطولة نجم تلك الفترة برت لانكستر في باريس, و لكنه تم استبعاده بطلب من لانكستر و أسند الفيلم إلي جون فرانكنهيمر. في عام1967 قدم أرثر بن تحفته الشهيرة التي أصبحت أحدي كلاسيكيات السينما( بوني و كلايد), و الذي يحكي عن عصابة سرقة البنوك الشهيرة في الولاياتالمتحدةالأمريكية و التي تزعمها( بوني باركر) و زوجها( كليد بارو) و قد ذاعت شهرتهم في الولاياتالمتحدةالأمريكية في الثلاثينيات آبان الأزمة الاقتصادية العظمي. و قد حقق الفيلم شهرة واسعة في العالم و حقق إيراد وصل إلي70 مليون دولار في حين أن الفيلم تكلف مليونين و نصف المليون فقط, وقد خرج الفيلم في قلب أحداث الانتفاضات الطلابية ضد حرب فيتنام ليصبح الفيلم رمزا للغضب ضد قوات البوليس. وقد كان تناول أرثر بن لقصة بوني و كلايد كشخصيتين أسطورتين مشابه لشخصية روبن هود, يسرقون الأغنياء ويعطون الفقراء, رمزا لهجوم الفقراء ضد الرأسمالية وهي تسحل فقراءها بأزمتها الاقتصادية الكبري. في عام1969 يقدم فيلم( مطعم أليس) ليتحدث عن جيل الشباب الرافض لخوض حرب فيتنام و لكن دون الخوض مباشرا في الموضوع لأن الرقابة كانت علي أشدها فيما يخص حرب فيتنام, حيث كانت ثورة الشباب وحركة الهيبز في عنفوانها. في عام1970 قدم( الرجل الصغير الكبير) مع ممثل شاب يدعي ديستان هوفمان لينقل علي شاشة السينما ولأول مرة جريمة أباده السكان الأصليين من الهنود الحمر من قبل الرجل الأبيض عبر قصة طفل أبيض تمت تربيته من قبل قبائل الشايين الهندية, وهو ما لم يكن أمر محبوبا في السينما الأمريكية التي كانت لا تقبل أي نقد للرجل الأبيض ناقل الحضارة للمتوحشين من السكان الأصليين. ولقد فتح فيلم( الراجل الكبير الصغير) الباب لأفلام جاءت لصالح الهنود الحمر و لعل من أهمها بعد ذلك فيلم( العسكري الأزرق1971). يقدم بعد ذلك الفيلم البوليسي مع( حركات ليلية1975) من بطولة ممثل كان قد أعطي له الدور المساعد في فيلم بوني وكلايد وحقق نجاحا منقطع النظير.... جين هاكمان, حيث جسد شخصية لاعب الكرة الأمريكية السابق الذي يصبح مخبرا خاصا. في عام1976 يعود من جديد لأفلام الوسترن مع فيلم( مقاطعات ميسوري) ليقدم فيلم من أفلام الغرب الأمريكية والتي قد تبدو للبعض تقليدية, ولكن من كمية العنف والدم في ذلك الفيلم أراد أن يبين مقدار العنف الذي بنيت عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ بداية نشأتها, فبعد أن قدم العنف ضد الهنود هاهو يقدم العنف بين السكان من البيض بعضهما البعض. الفيلم قدم قصة سارقي الجياد في الغرب الأمريكي, وإعدامهم من قبل أصحاب قطعان الجياد من خلال مباراة تمثيلية بين عملاقين من عمالقة السينما... مارلون براندوا وجاك نيكيلسون.( الأصدقاء الأربعة)1981 فيلم عن مهاجر يوغسلافي في الولاياتالمتحدةالأمريكية و الصعاب التي يواجها بين المجتمع الجديد الذي نشأ فيه و التراث الذي يسيطر علي والده القادم من يوغسلافيا الذي مازال يحن لوطنه الأم, في حين يقع ابنه في حب زميلته جورجيا التي يقاسمه حبها صديقان من أصدقائه. الفيلم حاول رصد معاناة مهاجرين أوروبا الشرقية للولايات المتحدة, ولكنه عاد لفترة شباب الستينيات والهيبز والثورة علي سلطة الإباء. في فيلم الهدف يقدم لنا مغامرة بوليسية علي خلفية من الجاسوسية والحرب الباردة تنقلنا من باريس لبرلين مع جين هكمان في دور العميل السابق في المخابرات المركزية. في قتلي الشتاء1986 ومن خلال إطار بوليسي يقدم لنا التحول في شخصية عادية تضطرها الظروف لأن تصبح قاتلة, مع وجود نماذج أخري لفتاة تبتز أختها فتؤجر قاتل أجير لقتلها. ذخرت أفلام أرثر بن بالكثير من العنف ولكنه ليس عنفا مجانيا, بل يراد به إظهار عنف المجتمع الأمريكي... فلنا أن نتذكر المشهد الختامي في فيلم بوني و كلايد حيث تم تصوير مقتلهم بالتصوير البطيء ليكون أول مشهد عنف مصور بالتصوير البطيء في تاريخ السينما,( قبل فيلم سام بكنباه' الصحبة المتوحشة'), وجاء مقتل روبرت ريدفورت في( المطاردة) كمحاكاة لمقتل الرئيس كينيدي. أرثر بن واحد ممن مهدوا لسينما أمريكية مختلفة تجسدت عناصرها بعد ذلك في السبعينيات من القرن الماضي. [email protected]