ثروة مصر من الشباب لاتقدر بثمن ولكنهم دائما في انتظار الفرص المناسبة لإظهار مواهبهم وابداعاتهم وهو ماأثبته شباب الفنانين في مشروع تنمية الحرف التراثية الذين استطاعوا أن يقوموا بدور الوسيط بين الحرفيين في القري والمحافظات وبين الخبراء الأجانب الذين جاءوا من فرنسا خصيصا لتطوير المنتجات التراثية.. ففي مزيج رائع بين التاريخ والتكنولوجيا استطاعوا بمشاركة الخبراء الأجانب وحرفييي ورشة خان الحلي في خان الخليلي صناعة جهاز ذاكرة للحاسب الآلي علي جعران المصري القديم المحفور علي جدران المعابد الفرعونية وان يحتل مكانا متميزا في الاسواق. الأهرام المسائي ذهب اليهم واستطلع آراءهم وكانت كالتالي: ياسر الشافعي خريج كلية الفنون التطبيقية دفعة2006 قسم مجوهرات يروي تجربته قائلا أنه استقبل تليفونا من أحد أساتذته في الكلية ليخبره بأنه قد تم اختياره ضمن مشروع تنمية الحرف التراثية في مجال الحلي والاكسسوارات بناء علي تميز مشروع تخرجه وشعر بأنها فرصة عمره خاصة وأنه سيكون' الوسيط' بين الخبراء الأجانب وصغار الحرفيين في المحافظات مما سيكسبه خبرة كبيرة تجمع بين خبرة الحرفيين الأصليين والخبراء الأجانب ليعطوا لنا فكرة عن احتياجات الأسواق الأجنبية. وأوضح ياسر أن تجربة الخبراء الأجانب كانت متميزة لأنها ساهمت في مزج التكنولوجيا الجديدة بالأصالة المصرية وذلك بصناعة جهاز الذاكرة الصغير'flashmemory' علي شكل جعران مصري قديم من الفضة والأحجار الكريمة مؤكدا أنه لاقي نجاحا باهرا في السوق. كما ساهم الخبراء الأجانب في تخفيض تكلفة المنتجات التراثية فعلي سبيل المثال الأطباق الفضية التي كانت تباع كتحف مستقلة أصبحنا نمزجها مع الزجاج بحيث تكون حواف الطبق فضية والباقي من الزجاج الخالص ومن ثم تكون قابلة للاستخدام اليومي بمنظر جميل وأنيق. وأعرب ياسر عن حزنه العميق بسبب قرب انتهاء تعاقده في مركز تحديث الصناعة ضمن مشروع تنمية الحرف التراثية حيث إن مدة العقد6 أشهر فقط وهي مدة البرنامج ويتمني أن يستمر هذا المشروع والتوسع فيه حتي يحقق أهدافه ونغزو العالم بمنتجاتنا مؤكدا أنه مازال هناك العديد من الأفكار التي لم تنفذ حتي الآن. أكرم اللبودي مصمم شاب حاصل علي بكالوريوس فنون تطبيقية ومتخصص في صناعة السجاد والكليم ظل يبحث طويلا عن وظيفة ترضي طموحه وتتناسب مع تخصصه حتي التحق بمركز تحديث الصناعة ليشارك في المشروع ويعمل بالمركز منذ سنة تقريبا الا ان حاله لا يختلف كثيرا عن حال باقي المصممين فما زال حلم التعيين يراوده ويحلم بلحظة الاستقرار في العمل وبسؤاله عن التجربة قال' استفدت كثيرا من هذه التجربة حيث اتاحت لي فرصة جيدة للتعرف علي التصميمات الجديدة رغم متابعتي للتصميمات العالمية عبر الانترنت و أهم ما يميز هذه التجربة هو التفاعل مع الواقع العملي مع حرفيين توارثوا المهنة عبر الاجيال واعتادوا علي تصميمات محددة الا انها تفتقد الي الدراسة فمثلا كانوا يدموجون بين التصميم الفرعوني والاسلامي وهذه اول الصعوبات التي واجهتنا فبدأ الخبراء بتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم مع توصيل أهم ما تحتاجه السوق الاوروبية من كفاءة ودقة لانه اذا شعر المشتري بعدم الاتقان لن يعود مرة اخري مضيفا انهم كانوا يمثلوا حلقة الوصل لتقريب وجهة النظر بين الطرفين.. وجود مصممين من نفس البلد يعطي احساسا بالامان والمصداقية لهم و كان ضروريا لنجاح هذه التجربة خاصة ان التصميمات العلمية تكلفتها مرتفعة. محمود صفوت أصغر مساعدي المصممين الأجانب فهو خريج كلية الفنون التطبيقية دفعة2009 قسم خزف وكان مساعدا لأكثر من خبير أجنبي أثناء اقامتهم في مصر موضحا أن الخبراء الأجانب قالوا عن الحرفيين المصريين: إن لديهم إمكانات كبيرة وأيد ماهرة كثيرة ولكنهم يفتقدون المرونة والابتكار فمنتجاتهم لم تطور منذ ان تعلموها وليس فيها أي تجديد ولذلك كانوا يركزون علي محاولة كسر نمطية المنتجات التراثية المصرية. وأضاف أن مشروع تنمية الحرف التراثية يعد من أهم المشروعات التي ينبغي الاهتمام بها مؤكدا أنها اذا تم تسويقها بشكل صحيح سيكون لها تأثير إيجابي كبير علي الحرفيين وعلي التنمية الاجتماعية والاقتصادية في مصر. ونفي صفوت وجود أي تخوفات لديهم من المنتجات الصينية المقلدة مؤكدا ان المنتجات التراثية المصرية تمثل قيمة تاريخية قبل أن تكون سلعة عادية ولكننا نحتاج إلي مزيد من التطوير وقال إنه يتمني استكمال العمل في مشروع تنمية الحرف الذي تتبناه وزارة التجارة وعبر عن حزنه الشديد لقرب انتهاء موعد تعاقده مع مركز تحديث الصناعة في هذا المشروع.