علم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن أهل العراق قد رموا أميرهم بالحصباء( الحصي) فخرج غضبان فصلي فسها في صلاته, فلما سلم قال: اللهم إنهم قد لبسوا( خلطوا) علي فألبس عليهم, وعجل عليهم بالغلام الثقفي, يحكم فيهم بحكم الجاهلية, لايقبل من محسنهم, ولا يتجاوز عن مسيئهم. كان سيدنا عمر يقصد الحجاج بن يوسف الثقفي الذي لم يكن قد ولد بعد.. وكان حاكما ظالما تولي إمارة العراق في عهد عبد الملك بن مروان وابنه الوليد وتوفي سنة95 ه بينما سيدنا عمر توفي سنة23 ه. * سيدنا عمر أول حاكم يطلق عليه أمير المؤمنين وقد قبل هذا اللقب علي مضض حتي لا يقول الناس خليفة خليفة رسول الله.. أبطأ علي الناس يوم الجمعة وعندما دخل المسجد اعتذر إليهم قائلا:( حبسني غسل ثوبي هذا.. ولم يكن لي ثوب غيره) وكان يقصد انه انتظره حتي يجف.. وأصابه ألم فوصف له عسل النحل وفي بيت المال عكة( وعاء صغير) منه.. فقال للناس: إن أذنتم لي فيها أخذتها وإلا فهي علي حرام.. فأذنوا له.. وهو الذي قال: عليكم بذكر الله فإنه شفاء وإياكم وذكر الناس فإنه داء. * وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو الأول بلا منازع في وضع أسس وقواعد الدولة الحديثة فهو أول من جمع رقاع آيات القرآن المسجلة علي جلود وعظام وغيرها من الصحابة ووضعها في بيت السيدة حفصة ابنته وتعتبر أيضا أمه لأنها أم المؤمنين وكان يسمي مصحف حفصة.. وكان سيدنا عثمان بن عفان بعده أول من كتبه في مصحف واحد وليس في رقاع متعددة وبهذا الرسم أي بهذه الطريقة من الكتابة والتي اشتهرت باسم( الرسم العثماني).. وسيدنا عمر هو أول من دون الدواوين( أنشأ الوزارات) فأنشأ بيت المال( وزارة الخزانة) وكان تمويلها من الزكاة التي يدفعها المسلمون والجزية التي يدفعها أهل الذمة( كل من لا يدين بالإسلام) وأعفي منها الشيوخ والنساء والأطفال وجعلها( تصاعدية) فجعل علي الأغنياء ثمانية وأربعين درهما و24 لمتوسطي الدخل و12 للفقراء.. وأعفي المحتاجين بل قدم لهم المال والرواتب التي تحفظ لهم الحياة الكريمة. وقال اكتبوا الناس علي منازلهم ليأخذوا حقوقهم من بيت المال.. فبدأوا ببني هاشم أهل النبي صلي الله عليه وسلم ثم اتبعوهم بأبي بكر وقومه ثم عمر وقومه.. فرفض سيدنا عمر هذه اللائحة وقال لهم: ابدأوا بقرابة النبي صلي الله عليه وسلم الأقرب فالأقرب حتي تضعوا عمر حيث وضعه الله. كتب سيدنا عمر إلي حذيفة أن اعط الناس أعطيتهم وأرزاقهم.. فكتب إليه قد فعلنا وبقي شييء كثير.. فكتب إليه سيدنا عمر انه فيئهم( خيرهم) الذي أفاء الله عليهم ليس هو لعمر ولا لآل عمر, اقسمه بينهم. * وسيدنا عمر أول من وضع التاريخ الهجري وأول من سن قيام شهر رمضان وأول من عاقب علي الهجاء وضرب في الخمر ثمانين جلدة.. وأول من حرم زواج المتعة لحديث سمعه عن النبي صلي الله عليه وسلم وأول من نهي عن بيع أمهات الأولاد من العبيد بعد إنجابهن وأول من جمع الناس في صلاة الجنازة علي أربع تكبيرات وأول من حمل الطعام من مصر إلي الحجاز في الاسلام كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام من قبل وأول من أوقف في الإسلام( الأوقاف) بتحديد مال معين لخدمة معينة.. وهو أول من عين القضاة في الأمصار وحرص علي استقلال القضاء وأول من مصر الامصار( انشأ المدن) مثل الكوفة والبصرة والشام والفسطاط بمصر والموصل.. ونور المساجد بالقناديل حتي ان سيدنا عليا قال: نور الله علي عمر في قبره كما نور علينا في مساجدنا.. وهو أول من أسس جيشا نظاميا لحراسة الحدود مكونا من ثلاثين ألف فارس.. واقرض من بيت المال وانشأ دار ضيافة للغرباء وجعل للقيط نفقة كما أنشأ دارا لسك العملة وانشأ دارا للتموين( الدقيق والزيت والسمن). * وإذا كان سيدنا عمر قد تولي الخلافة سنة13 ه ففي كل عام بعدها كانت له انجازات ضخمة ومن أشهر فتوحاته: في14 ه فتحت دمشق وحمص وبعلبك والبصرة وفي سنة15 ه فتحت الأردن وكانت فيها موقعة اليرموك وفيها مصر( انشأ) سعد بن ابي وقاص الكوفة وفي سنة16 ه فتحت الأهواز والمدائن بإيران وحدثت موقعة القادسية فصلي سعد الجمعة في إيوان كسري وفتحت تكريت وبيت المقدس وقنسرين وحلب وانطاكية وقرقيسياء وفي هذا العام تمت كتابة التاريخ الهجري.. وفي عام17 ه زاد سيدنا عمر في المسجد النبوي وفيه كان القحط بالحجاز( عام الرمادة) وفي سنة18 ه فتحت جند نسابور وحلوان وكان فيها طاعون عمواس( مدينة بالشام) وفتحت الرها ونصيبين والموصل وفي سنة19 ه فتحت قيسارية وفي سنة20 ه فتحت مصر سلما ودول المغرب وتستر( بإيران) وفيها هلك قيصر عظيم الروم وفي سنة21 ه فتحت الإسكندرية عنوة ونهاوند وبرقة وفي سنة22 ه فتحت اذربيجان والدينور وهمذان وطرابلس المغرب والري وعسكر وفي سنة23 ه تم فتح كرمان وسجستان ومكران بفارس وفي هذا العام تم استشهاده. * لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين علي الحق لايضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلي قيام الساعة صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان سيدنا عمر أحد هؤلاء.. وكان من أعظم جنود الله ورسوله.. أراد ان يسجل السنة ولكنه رفض.. وقال: إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا, فأقبلوا عليه وتركوا كتاب الله.. * جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم بالمدينة وفد من قريش بعد هزيمة أحد علي رأسهم سفيان بن حرب وعكرمة بن ابي جهل قبل إسلامهم ونزلوا علي رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول وقد اعطاهم المصطفي صلي الله عليه وسلم الأمان وكان معهم من المنافقين عبدالله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن ابيرق وقالوا للنبي وعنده سيدنا عمر بن الخطاب: ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزي ومناة وقل: إن لها شفاعة ومنفعة لمن عبدها ونحن ندعك وربك.. واغروه بالمال وهددوه أيضا بالقتل.. فشق ذلك علي النبي.. فقال سيدنا عمر بن الخطاب: ائذن لي يارسول الله في قتلهم فقال النبي: إني قد اعطيتهم الأمان.. فقال سيدنا عمر: اخرجوا في لعنة الله وغضبه.. فنزل وحي السماء مؤيدا لموقف سيدنا عمر في قوله تعالي: يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما. صدق الله العظيم