فان جوخ يمسك لسانه, يريد أن يقطعه أيضا, كما قطع آذنه لمحبوبته التي كانت أعجبت بها, ولكن لمن سيقطع لسانه هذه المرة ؟! ألامرأة أخري أحبها إنه لايجيد حديث الحب إلا بالرسم وبالنحت والتشكيل علي الحجر.. هل تري هذه المرأة الأخري قد ضاقت بلسانه العاجز عن كلمات الغزل فأرادت قطعه انتقاما منه..؟!.. أو ماذا..؟! فجأة وهو يقف أمام المتحف الشهير يري لصا ممسكا بلوحته الشهيرة( زهرة الخشخاش) متسللا نحو الظلام, هذه اللوحة التي قد حدد عالمنا المجنون ثمنها الآن بأكثر من خمسين مليون دولار, رغم أنه باعها ولوحات آخري بعدة بنسات فقط منذ أكثر من مائة عام ليتناول طعام العشاء, ومات محروما جائعا فقيرا..!! توقف عن فكرة قطع لسانه, راح يصرخ ويصرخ دون أن يسمعه أحد من البشر, فالحراس نائمون, وأيضا أجهزة الانذار خرساء, وكاميرات المراقبة غافية, ماذا يفعل الآن, لينقذ لوحته الشهيرة من يد اللص..؟1 جري خلفه, أمسك به أخبره أن هذه اللوحة هو صاحبها, ضحك اللص ساخرا: إنها مقلدة.. صرخ فيه: بل هي اللوحة الأصلية, بعد أن فحصها خبراء الآثار ورأوا شرخا غير مرئي بالعين, بل يري بالميكروسكوب, ويدل ذلك علي أنها الأصلية. قال اللص والذي يبدو أنه خبير في الآثار: بل إن هذا الشرخ اللامرئي أحدثه لصوص خبراء في الأثار بعد أن سرقوا اللوحة الأصلية وأعادوا هذه اللوحة المقلدة, لينتهي البحث عن اللوحة من قبل الإنتربول بعد الاعتماد بأن المتحف استعادها. تعجب فان جوخ من ذلك, وسأل: إذن لماذا سرقت اللوحة المقلدة.؟! قهقه اللص متعجبا من سذاجة هذا الفنان الشهير: وهل من سيشتريها يعلم أنها مقلدة..؟! مازال فاخ جوخ يمسك بياقة قميص اللص, ويحاول استعادة اللوحة منه, لكن اللص يدفع الفنان الشهير في صدره قائلا: أغرب عني أيها المجنون!! يسأله أليس ما تفعله حراما أيها اللص..؟! يرد اللص: ومن أنت حتي تتدخل فيما لا يعنيك..؟! قال: أنا صاحب هذه اللوحة المشهورة.. ألم تر صورتي من قبل.. أنا فان جوخ. يصرخ اللص: أنت نصاب مجنون.. إن فان جوخ مات منذ أكثر من مائة عام..!! بل هو أنا ايها اللص الحقير..!! خفت صوت اللص قليلا, وقال: حتي لو كنت أنت رغم أنني لا أصدقك فلن تأخذ اللوحة مني, فاللوحة الأصلية ليست معي..!! اترك اللوحة وإلا قتلتك..!! إذن أنت لص مثلي..!! كلا.. بل أنا فنان أصيل..!! بل أنت لو كنت حقا فان جوخ حشاش.. لم ترسم( زهرة الخشخاش) التي ترمز لكل ما هو مخدر..؟! أنا حينما أسرق هذه اللوحة, أكون كمصلح اجتماعي أو ديني, يجتث فكرة تدعو لهذا العبث والضلال..!! ( قولة حق يراد بها باطل) اترك اللوحة وإلا تمزقت..!! ولماذا تخاف عليها من التمزيق أيها اللص الفاجر..؟!.. لو كنت كما تدعي لمزقتها أنت..!! راح فان جوخ يصرخ ويصرخ ويصرخ, دون أن يسمعه أحد..!! تمكن اللص من فان جوخ أوقعه أرضا, ثم أخرج سكينا حادة, وقطع لسان الفنان المسكين الذي مازال يصرخ ألما. يحيي عبدالستار حسين الشرقية