أكد الرئيس حسني مبارك أن القضية الفلسطينية ستبقي مفتاح الأمن الإقليمي والطريق لحل باقي أزمات المنطقة وقضاياها. وشدد الرئيس مبارك- في كلمة القاها في الاحتفال الذي أقيم مساء أمس بمناسبة ليلة القدر- علي أنه' لم يعد من المقبول أو المعقول أن تراوح عملية السلام مكانها.. ما بين تقدم وانحسار.. وانفراج وانتكاس.. في وقت تستمر فيه معاناة الشعب الفلسطيني.. ما بين قهر الاحتلال وانقاسم قادته وفصائله'. وأعاد الرئيس مبارك التأكيد علي عزم مصر مواصلة جهودها لإحياء مفاوضات السلام ولإعادة توحيد الصف الفسطيني, وصولا لاتفاق سلام عادل ومشرف يحقق الأمن للجميع وينهي الاحتلال, ويضع الشرق الأوسط علي مسار جديد, ويقيم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية بمسجدها الأقصي وحرمه الشريف. وعلي الصعيد الداخلي, أكد الرئيس حسني مبارك مواصلة الإصلاح علي كل محاوره من أجل دولة مدنية حديثة ومجتمع ناهض متطور, مشددا علي ضرورة التصدي لقوي الإرهاب والتطرف, ومؤكدا أن مصر الأزهر ستظل حصنا حصينا للاسلام ورمزا لاعتداله ووسطيته وسماحته تمضي في طريقها نحو المستقبل حافظة لوحدة أبنائها من المسلمين والأقباط. ونبه الرئيس مبارك إلي أننا مقبلون علي المزيد من العمل الشاق نستعيد به معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة ونستكمل خلاله توسيع قاعدة العدل الاجتماعي, موضحا أن أولويتنا ستركز علي محاصرة البطالة وإتاحة المزيد من فرص العمل ومساندة الفقراء والبسطاء والمهمشين. وفيما يلي نص كلمة الرئيس حسني مبارك: - فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر..- العلماء الأجلاء..- ضيوف مصر الأعزاء..- الإخوة والأخوات.. نلتقي معا في رحاب شهر كريم وليلة مباركة.. اصطفي الله من الشهور شهر رمضان.. فيه نصر المسلمين في( بدر).. وفيه أيدنا بنصره علي أرض سيناء. واصطفي سبحانه من ليالي رمضان.. ليلة القدر.. فيها أنزل القرآن هدي للناس.. ليخرجهم من الظلمات إلي النور.. وفيها يفرق كل أمر حكيم. يسعدني في هذه المناسبة العطرة.. أن أتوجه بالتهنئة إلي شعب مصر.. وشعوب أمتنا العربية والإسلامية.. وجالياتها في مشارق الأرض ومغاربها. كما يسعدني أن أرحب بضيوف مصر من العالمين العربي والإسلامي.. وأن أتوجه بالتحية لرجال الأزهر الشريف.. الذين يحرصون دائما علي أن يأتي احتفالنا بهذه الليلة المباركة.. مستلهما لمسيرة ماض عريق.. وموصولا بحاضر الأمة الإسلامية ومستقبلها. - العلماء الأجلاء.. - الإخوة والأخوات.. تمر بنا ليلة القدر.. فنتمعن في قضايا الوطن.. وقضايا منطقتنا وأمتنا, نتوقف أمام أحوال عالمنا الإسلامي.. فنواجه مقارنة لا مفر منها.. بين ماضي المسلمين وحاضرهم.. وما يطرحه المستقبل من آمال وتحديات. تتوالي علي عالمنا الإسلامي هجمات شرسة.. تستتر وراء حرية الرأي والتعبير والصحافة.. تشوه صورة الإسلام وتعاليمه.. تتجاسر علي مقدساته.. وتغذي المشاعر المعادية للمسلمين وجالياتهم. ومن المؤسف أن ينتقل هذا التطاول علي الاسلام من الغرب إلي بلداننا.. بإساءات يرتكبها بعض من أبنائنا.. ما بين طالب شهرة وطالب مال.. يؤذون مشاعرنا.. ويتطاولون علي الإسلام عن جهل أو افتراء. يأتي احتفالنا اليوم.. وعالمنا العربي والإسلامي في مواجهة أوقات صعبة.. يبدو فيه وكأنه مستهدف.. في هويته وأوطانه واستقلال إرادته ومقدرات شعوبه.. ما بين ما يحدث في أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان والسودان والصومال.. ومخاطر جديدة تتصاعد نذرها بمنطقة الخليج.. تهدد الاستقرار.. وتضع الشرق الأوسط برمته في مهب الريح. ستبقي القضية الفلسطينية مفتاح الأمن الإقليمي بمنطقتنا.. والطريق لحل باقي أزماتها وقضاياها. لم يعد من المقبول أو المعقول أن تراوح عملية السلام مكانها.. ما بين تقدم وانحسار.. وانفراج وانتكاس.. في وقت تستمر فيه معاناة الشعب الفلسطيني.. ما بين قهر الاحتلال وانقاسم قادته وفصائله. لقد تواصلت جهود مصر لإحياء مفاوضات السلام.. ولإعادة توحيد الصف الفسطيني. وكما أكدت منذ أيام قليلة في واشنطن.. فإننا عازمون علي مواصلة جهودنا.. وصولا لاتفاق سلام عادل ومشرف.. يحقق الأمن للجميع.. ينهي الاحتلال.. يضع الشرق الأوسط علي مسار جديد.. ويقيم الدولة الفلسطينية المستقلة.. وعاصمتها القدسالشرقية.. بمسجدها الأقصي وحرمه الشريف. إننا في مصر واعون تماما لواقع عالمنا العربي والإسلامي.. ولما يطرحه من تحديات ومخاطر.. إلا أن إيماننا لا يتزعزع في قدرتنا علي مواجهتها والتعامل معها.. دفاعا عن قضايا وطنا وأمتنا.. واثقين في الله وتأييده ورعايته.. فلقد كان سبحانه معنا وإلي جانبنا في أوقات الحرب والسلام. - الإخوة والأخوات.. ستظل مصر الأزهر حصنا حصينا للاسلام.. ورمزا لاعتداله ووسطيته وسماحته. تمضي في طريقها نحو المستقبل.. حافظة لوحدة أبنائها من المسلمين والأقباط.. موقنة بأن الدين لله والوطن للجميع.. واعية لمخاطر خلط الدين بالسياسة.. راعية لمبادئ المواطنة.. وما ترسيه لكل أبنائها من حقوق وواجبات. يمضي شعبنا في صنع حاضره ومستقبله.. بثقة وعزم ويقين.. نعلم أن قوتنا في وحدتنا وتماسك مجتمعنا.. ونعي أن تحقيق طموحاتنا رهن بالتفافنا حول ما يجمعنا.. لا ما يفرقنا. نواصل الإصلاح علي كل محاوره.. من أجل دولة مدنية حديثة ومجتمع ناهض متطور.. نتصدي لقوي الإرهاب والتطرف.. ونصون مصالح الوطن أينما كانت. حققنا معا إنجازات عديدة.. اتسعت معها البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار.. ووضعت اقتصادنا علي الطريق الصحيح.. أتاحت لنا مواجهة أزمات عالمية حادة بمواردنا الذاتية.. ومكنتنا من الوفاء باحتياجات شعب تضاعف عدد سكانه.. أو يكاد.. خلال السنوات الثلاثين الماضية. صحيح أننا لانزال في مواجهة العديد من الصعاب والمشكلات والتحديات.. لكنها صعاب ومشكلات وتحديات مجتمع تتسع طموحات أبنائه وتطلعاتهم.. عاما بعد عام.. مجتمع يتغير.. شهد- ولايزال- تحولات عديدة.. وتسابق زيادته السكانية آماله وطموحاته وموارده. تلقي ضغوط هذه الزيادة السكانية بانعكاساتها علي كل نواحي الحياة.. في المساكن والمواصلات وخدمات الصحة والتعليم والأسعار وغيرها.. كما تلتهم أولا بأول ثمار ما نحققه من معدلات النمو والتنمية. إن ما نواجهه من حين لآخر.. من اختناقات في بعض السلع الغذائية.. ما هو إلا بعض تداعيات هذا الاختلال بين السكان والموارد.. ونحن- كغيرنا من الشعوب النامية- نواجه نسبة كبيرة من دخولنا للانفاق علي الطعام.. وعلينا أن نتذكر معاناة مواطنينا في طوابير الجمعيات الاستهلاكية خلال سنوات الثمانينيات.. حين كان تعدادنا لا يتجاوز(43) مليون مصري ومصرية.. كما أن علينا أن نتساءل عما ستكون عليه الحال.. عندما يتجاوز تعدادنا المائة مليون نسمة.. في غضون بضع سنوات. - الإخوة المواطنون.. لقد دعا الإسلام للتفكر والتدبر وإعمال العقل.. ونحن مقبلون علي المزيد من العمل الشاق.. نستعيد به معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة.. ونستكمل خلاله توسيع قاعدة العدل الاجتماعي. تظل أولويتنا محاصرة البطالة وإتاحة المزيد من فرص العمل.. ونضع نصب أعيننا مساندة الفقراء والبسطاء والمهمشين. لقد كان لنا في رسول الله الأسوة الحسنة.. نستلهم من سيرته العطرة ما يعيننا في حركتنا نحو المستقبل.. نعلي قيم الاجتهاد والإخلاص في العمل.. ويقدم كل منا عطاءه من أجل الوطن. أدعو الله في خشوع هذه الليلة المباركة.. أن يحفظ مصر بلدا آمنا.. وأن يوفقنا ويسدد خطانا.. إنه نعم المولي ونعم النصير. كل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته