حافظ المقاتلون الجهاديون في العراق على المناطق التي سيطروا عليها والتي وضعتهم على بعد اقل من 100 كلم من العاصمة، في وقت اكدت واشنطن انها تدرس "جميع الخيارات" لمساعدة بغداد التي ابدت انفتاحا على ضربات جوية اميركية. وفي خضم التطورات الامنية المتسارعة في هذا البلد، فرضت قوات البشمركة الكردية الخميس في خطوة تاريخية وللمرة الاولى سيطرتها بشكل كامل على مدينة كركوك المتنازع عليها بين العرب والاكراد بهدف حمايتها من اي هجوم محتمل، في تحرك من لم يتضح ما اذا كان جرى بالتنسيق مع بغداد. وقتل المصور الصحافي الكردي كامران نجم ابراهيم الخميس خلال اشتباكات غرب كركوك (240 كلم شمال بغداد) بين قوات البشمركة ومسلحين من "الدولة الاسلامية في العراق والشام" اصيب فيها ايضا 14 من عناصر الامن الاكراد، وفقا لمصدر امني. وكامران اول اعلامي يقتل في العراق منذ بدء هجوم تنظيم "الدولة الاسلامية" المباغت الثلاثاء. في هذا الوقت، فشل البرلمان العراقي في تامين النصاب اللازم لعقد جلسة يجري خلالها التصويت على اعلان حالة الطوارئ في البلاد. واخفق البرلمان الذي تعصف به الخلافات السياسية في عقد جلسته في وقت واصل مقاتلو تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" هجومهم حيث سيطروا على ناحيتي الضلوعية والمعتصم على بعد نحو 90 كلم من شمال بغداد، بحسب ما افاد الخميس مسؤولون. وجاءت سيطرة هؤلاء المقاتلين على الناحيتين بعد هجوم شنوه على مدينة سامراء (110 كلم شمال بغداد) التي تحوي مرقدا شيعيا ادى تفجيره في العام 2006 الى اندلاع حرب طائفية قتل فيها الالاف. الا ان القوات العراقية نجحت في التصدي لهم، وفقا لمصادر امنية. وقال ثائر محمد الذي يسكن في سامراء "هناك هلع بين المواطنين، والاقبال كبير على شراء المواد الغذائية والسكان يشعرون بالخوف". وتابع ان "الحركة محدودة في الشارع واكثر المواطنين يلازمون منازلهم، كما ان هناك صفوف انتظار طويلة امام محطات الوقود". والى جانب المناطق التي سيطروا عليها في نينوى وصلاح الدين وغرب كركوك، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة ان "مسلحين يستقلون اكثر من عشرين سيارة اقتحموا وسيطروا على ثلاث قرى في ناحية العظيم" (175 كلم شمال بغداد) الواقعة على الحدود بين محافظتي ديالى وصلاح الدين. وكان مقاتلو "الدولة الاسلامية في العراق والشام" نجحوا في التمدد جنوبا الاربعاء بعدما احكموا قبضتهم على مدينة الموصل في شمال العراق التي سيطروا عليها الثلاثاء. وقد تمكنوا من السيطرة على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين وبعض النواحي الواقعة الى جنوبها، بعدما سيطروا ايضا على مناطق غرب محافظة كركوك. وقال شهود عيان لفرانس برس اليوم ان شوارع مدينة الموصل (350 كلم شمال بغداد) هادئة لليوم الثاني على التوالي، وان المحلات بدات تفتح ابوابها، فيما الدوائر الرسمية لا تزال مغلقة. ووسط نجاح المقاتلين في التقدم نحو العاصمة، دعا ابو محمد العدناني احد ابرز قيادات تنظيم "الدولة الاسلامية" والمتحدث باسمه في كلمة نشرت على مواقع تعنى باخبار الجهاديين عناصر التنظيم الى مواصلة الزحف نحو بغداد وكربلاء والنجف. من جهتها، شنت القوات الجوية العراقية اربع غارات على الاقل مستهدفة مواقع يتحصن فيها المسلحون في تكريت وفقا لشهود عيان، بينما نشرت وزارة الدفاع شريط فيديو يظهر غارات جوية على مواقع للمسلحين في الموصل. ومع مواصلة الاسلاميين المتطرفين تقدمهم، تعهدت الولاياتالمتحدة تقديم مساعدة عسكرية للعراق لمحاولة وقف هجوم المقاتلين الذين تفوقوا على الجيش الذي دربته واشنطن وقدمت له التجهيزات وذلك بعد عامين ونصف العام على انسحابها العسكري من البلاد. واستبعدت واشنطن ارسال جنود الى العراق، لكن بغداد ابلغتها رسميا انها منفتحة على فكرة ضربات جوية لصد الهجوم الجهادي على اراضيها، حسب ما اعلن مسؤول غربي لوكالة فرانس برس. ومساء، اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ان فريقه للامن القومي يدرس "جميع الخيارات" في ما يتعلق بالعراق، موضحا ان "الرهان هنا هو ضمان الا يستقر الاسلاميون المتطرفون بشكل دائم في العراق او في سوريا ايضا". وطالب من جهته الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن "بالإفراج الفوري" عن حوالى خمسين تركيا محتجزين في القنصلية التركية في الموصل واستبعد تدخلا للحلف في العراق. وفي طهران، اكد الرئيس الايراني حسن روحاني ان ايران "ستكافح عنف وارهاب" المتمردين الجهاديين، من دون ان يذكر تفاصيل عن التحركات التي قد تقوم بها ايران لدعم جارتها الشيعية. كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان "انا قلق جدا من الوضع في العراق. فتقدم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام يشكل خطرا كبيرا على وحدة وسيادة الدولة العراقية اللتين تتمسك بهما فرنسا". واضاف ان تقدم المسلحين الاسلاميين امام جيش متقهقر "يشكل خطرا كبيرا على استقرار المنطقة بمجملها". وتابع ان "على المجتمع الدولي النظر في الوضع" فيما يجري مجلس الامن الدولي مباحثات في نيويورك حول اشتعال العنف في العراق منذ مطلع الاسبوع. وفي نيويوريك وعلى خلفية التصعيد في العراق، قفز سعر برميل النفط المرجعي الخفيف تسليم يوليو الى 106,53 دولارات، اعلى مستوى له منذ 18 سبتمبر 2013 لدى اقفال جلسة التداول، مسجلا قفزة من 2,13 دولار في سوق نيويورك (نايمكس).