تعد معدلات الادخار في مصر من أقل المعدلات علي المستوي العالمي وهو الأمر الذي يتناقض مع أهداف التنمية المنشودة حيث تشير الاحصائيات الي ان معدل الادخار في مصر لايتعدي14% من الناتج المحلي بينما وصل الي47% في الصين و37.1% في ماليزيا و35.1% في الهند, و28.9% في اندونيسيا, ورغم أهمية رفع معدلات الادخار كعنصر أساسي من عناصر النمو إلا أن هناك تحديات كثيرة تواجه زيادة حجم المدخرات المصرية أهمها التضخم وارتفاع اسعار السلع الرئيسية وثقافة الاستهلاك. في البداية يؤكد الدكتور محمد عبدالحليم عمر مدير مركز الشيخ صالح كامل الاقتصادي بجامعة الأزهر أن مصر تحتاج لزيادة معدل الادخار ليصل الي24% من الناتج المحلي علي الاقل لسد الفجوة بين معدل الادخار والاستثمار المطلوبة لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يتناسب مع طموحنا خلال الفترة القادمة إلا أن التضخم وارتفاع الاسعار الذي تعاني منه الاسواق في ظل ثبات معدل الدخل للأسر المصرية يعد من أهم المشكلات التي ينبغي حلها لرفع معدل الادخار. وأضاف أنه ينبغي العمل علي توجيه المدخرات العائلية الي الاستثمار المباشر من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويري الدكتور عاطف النقلي أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الحقوق جامعة الزقازيق ان طرح وسائل آمنة للاستثمار وذات عائد مجزي من أهم الخطوات التي تشجع المواطنين علي الادخار فالمدخر المصري في حالة انتظار وتشوق لهذه الأوعية الجادة التي يأمن فيها علي مدخراته حتي لا يقع المصريون مع نصابين ومدعين من شركات توظيف الأموال الذين يقدمون وعودا زائفة أعلي من سعر الفائدة بالسوق. أما الدكتور منير هندي أستاذ الاستثمار في كلية التجارة جامعة طنطا فأشار إلي أن مدخرات المصريين تتآكل بشكل ملحوظ نتيجة ارتفاع أسعار السلع الرئيسية خاصة وأن فائدة البنوك انخفضت الي8.25% مستبعدا حدوث اي ارتفاعات للفائدة خلال الفترة القادمة لأن زي ارتفاع للفائدة علي الودائع من شأنه رفع فائدة الاقراض وهو مالا يتناسب مع الوضع الحالي الذي تهدف فيه الحكومة الي تنمية الاستثمار. هذا الي جانب عدم وجود فرص استثمارية جيدة تساعد الأفراد علي ادخار جزء من دخلهم بهدف الاستثمار بدلا من توجيهه الي الاستهلاك اليومي في ظل زيادة فرص الاستهلاك بدءا من الموبايلات والادوات التكنولوجية والترفيهية. وأكد أهمية استثمار السيولة الضخمة الموجودة في البنوك المحلية والتي وصلت الي أكثر من770 مليار جنيه وتوجيهها الي تنمية الاستثمار والاقراض الصناعي بدلا من توجيهها الي القروض الاستهلاكية لشراء السيارات والادوات المنزلية حتي تحدث تنمية حقيقية للاقتصاد الوطني ورفع معدلات الفائدة علي الودائع. ومن ناحية أخري توضح الدكتورة رشا عوض الخبيرة الاقتصادية بمركز دعم اتخاذ القرار معدلات الادخار في مصر منخفضة للغاية مقارنة بباقي الدول بسبب الثقافة الاستهلاكية السائدة في المجتمع المصري والتي من أهم ملامحها. قوة تأثير العادات الاستهلاكية علي الانفاق الاستهلاكي حيث يقل الاستهلاك عن الدخل, ممايجعل الكثير من الأسر تعيش في أساليب حياة استهلاكية لا تتفق ومستواها الاقتصادي بالاضافة الي أن نسبة كبيرة من الأسر المصرية تكفي بالكاد احتياجاتها دون الاتجاه الي ادخار جزء من دخلها مع اقبال العديد من الأسر علي اقتناء الأجهزة التكنولوجية الحديثة للتعبير عن مستوي حياة أفضل, تدعمه كذلك النزعة الاستهلاكية المفرطة لأبناء الطبقة المتوسطة التي ينتمي إليها قطاع عريض من المجتمع المصري. فقد أشارت نتائج مسح القيم العالمي الذي أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري عام2008 إلي أن72% من الأسر بالعينة تكفي حاجاتها و5% تنفق من مدخراتها و17% تنفق من مدخراتها وتقترض من الغير, في حين ان6% فقط تدخر بعض المال. وزضاف أن من أهم أسباب ترسيخ الثقافة الاستهلاكية في مصر محدودية القنوات الادخارية المتاحة للمجتمع, والتي توفر حافزا للمجتمع المصري بمختلف توجهاته ورغباته إلي جانب انخفاض معدلات الفائدة علي المدخرات وتسجيل القيم الحقيقية لها معدلات سالبة بعد الأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم المرتفعة وتوجه الوحدات المصرفية العاملة إلي منح تسهيلات متزايدة مدعمة بحملات إعلانية منظمة تغذي الرغبة في اقتناء تلك السلع تدني معدل النمو السنوي للدخل الحقيقي مما دفع الأسر إلي الانفاق من مدخراتها, وزيادة استخدام بطاقات الأئتمان التي تصدرها الوحدات المصرفية العاملة.