نتحدث كثيرا عن الزيادة السكانية المطردة منذ سنوات طويلة, بل منذ عقود طويلة في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر, والرئيس السابق أنور السادات, و طوال عهد الرئيس حسني مبارك, وهي المشكلة التي حذر من تداعياتها الرؤساء الثلاثة وبالأمس نقلت بعض المواقع الإخبارية تصريح د.شحاتة محمد مدير الإدارة العامة للمتابعة بالمجلس القومي للسكان أن معدل الزيادة السكانية بلغ مولودا لكل18 ثانية و بمعني آخر مليونا و800 ألف نسمة سنويا. التحذيرات الرسمية تنبع من الصلة بين هذه الزيادة المهولة في عدد السكان حوالي20 مليونا في مطلع الستينيات إلي80 مليونا بعد40 عاما و بين التهام معدلات النمو من ناحية أخري, إلي جانب تأثير ذلك علي تلبية احتياجات السكان من خدمات و مستلزمات الحياة. لكن السؤال المطروح هنا.. هل الزيادة السكانية نعمة أم نقمة؟ وهوسؤال متكرر دوما بين مدرستين, الأولي تري أنها نقمة لأنها تلتهم كل معدلات النمو, بينما الثانية تري أنها نعمة لتوظيف كل هذه الطاقات البشرية في زيادة معدلات النمو. الحقيقة أنها مسألة محيرة للغاية, خصوصا أن تجارب البلدان الأخري تشير إلي النتيجتين في آن, حيث قررت دول عديدة مكافحة زيادة النسل للاستفادة من معدلات التنمية, بينما قررت أمم أخري مثل الصين والهند الاستفادة من الزيادة السكانية في زيادة معدلات النمو. المؤكد أن تجربتنا المصرية تؤكد توافر العنصر السلبي رغم ما يستخدمه الفريق الآخر للتدليل علي وجهة نظره, ففي مجتمع مثل مصر مع قلة الإمكانات و ضعف الخدمات تزداد معدلات الفقر و ضعف الاستفادة من الخدمات, وما يترتب علي ذلك من فرص توظيف الزيادة السكانية في رفع معدلات النمو. الأهم من كل ذلك أن المعدلات التي تم الإعلان عنها تمثل خطورة شديدة تتطلب تصورات غير تقليدية للتعامل معها, خصوصا في ظل توقعات بارتفاع معدلات الزيادة في المواليد, وهو ما يعني أنه لا سبيل للاستفادة من عوائد النمو في ظل هذا الوضع.المشكلة تتجاوز إجراءات رسمية أو تعديلات تشريعية,لأنها مشكلة ثقافة مجتمع أولا وأخيرا. [email protected]