لا تزال الصحف العالمية تسلط الضوء علي اتفاق الخطوة الأولي مع إيران بشأن برنامجها النووي حيث تعددت ردود الأفعال ما بين السلبية والتأييد الحذر وما بين الرفض الصريح وربما يكون هذا الاتفاق المبدئي خطوة قياسية لبناء الثقة وهو أمر متعارف عليه دوليا عند الدخول في مفاوضات. ووفقا لمعهد واشنطن لشئون الشرق الأوسط فإن الاتفاق في حد ذاته يوضح سياسات الرئيس الأمريكي باراك أوباما المتناقضة والتي يري حتي حلفاء أمريكا أنها مثيرة للجدل وغير مفهومة ومترددة في كثير من الأحيان وهذا ما تؤكده مواقفه المتغيرة في العراقوأفغانستان وليبيا وسوريا ومصر وأدي إلي تزايد حالة الكراهية تجاه الولاياتالمتحدة خاصة في الشرق الأوسط والمخيف أن يشجع اتفاق إيران الإدارة الأمريكية علي اتخاذ مزيد من القرارات الخاطئة والتنازلات الأمنية عند استرضائها لمعارضي الاتفاق. واقترح المركز أن يقوم أوباما بعدة خطوات لتحسين صورته في المنطقة ولتوفير نوع من المصداقية لدي حلفائه فيها ومنها إيجاد وسيلة لتدفق المعدات العسكرية بشكل كامل إلي مصر وهي الدولة الأقوي إقليميا وتعمل علي توازن المنطقة, وتدخل أوباما بشكل مباشر للتوصل إلي اتفاق مع أفغانستان, وزيادة عمليات التبادل الدبلوماسي رفيعة المستوي مع الحلفاء الإقليميين والعمل مع روسياوإيران للخروج بحل سلمي للأزمة السورية. من جانبها رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الاتفاق مع إيران يشير إلي بعد آخر وهو التخوف الأمريكي من امتلاكها أسلحة نووية رغم أنها لا تري في امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية أي تهديد مما يوضح سياسة النفاق والازدواجية التي تتسم بها واشنطن حيث أن العديد من المراقبين يقولون إن أسرائيل تلعب علي وتر المحرقة والاضطهاد ويري روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط أن الموقف الأمريكي تجاه الترسانة النووية لتل أبيب يأتي في إطار مصالحها وممارسة نفوذها الإقليمي في المنطقة عن طريق إسرائيل. وأضافت الصحيفة أنه حتي عندما اكتشفت المخابرات الأمريكية منشآت نووية في إسرائيل عام1960 وأصر القادة الإسرائيليون أنها للأغراض السلمية بكل بساطة لم يتم تكذيبهم من المجتمع الدولي كما فعلوا مع طهران والمعضلة بالنسبة لتل أبيب الآن هي تطوير إيران لسلاح نووي ما يشعرها بالتأكيد بأنها غير آمنة والغريب أن موقف اسرائيل كدولة نووية وحيدة في المنطقة هو وضع شاذ وقد قبله رؤساء أمريكا بدءا من نيكسون وحتي أوباما. وتناولت مجلة تايم الأمريكية أيضا في تحليلها علي الصفقة الموقف الإسرائيلي الرافض والذي يتصاعد بشدة حتي أن تل أبيب أوقفت التدريبات العسكرية المشتركة مع واشنطن التي تقوم بها بشكل روتيني لحين الانتهاء من الاتفاق والذي سيظل لمدة ستة أشهر وكأنها تضغط علي أمريكا وتستخدم معها كل الطرق الممكنة للي الذراع وخلال الأشهر الستة المقبلة, فإنه من المرجح أن تستمر إسرائيل وقوي عالمية أخري في المعارضة بل وستعمل إسرائيل علي استقطاب دول أخري. وتوقعت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية أنه علي مدي الأشهر الستة المقبلة فإن الولاياتالمتحدة سوف تضطر إلي اتخاذ بعض الخيارات الصعبة ومنها رفع العقوبات والعمل مع إيران بشأن قضايا الأمن الإقليمي ورسم خرائط لطهران لكي تعامل مثل أي عضو آخر في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ويجب علي صانعي القرار في واشنطنوطهران الذين يقودون العملية الدبلوماسية حماية أنفسهم سياسيا في وقت واحد من الهجمات التي سيقابلها اتفاق جنيف المقبل في الداخل والخارج. وأشارت الصحيفة إلي أن استمرار الاتفاق وخطة العمل علي هذا الطريق لها نتائج إيجابية ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدةوإيران ولكن أيضا للمنطقة بأسرها من الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا حيث أنه قد يؤدي إلي تغيير النماذج السابقة في العلاقات الدولية والإقليمية لتجنب تكرار الحروب المدمرة وأن العالم يحتاج إلي بنية جديدة للعلاقات بين الدول وتطوير المبادئ التي تضع الأساس لنظام دولي معاصر وفي الوقت نفسه فإن هذا يعني إعادة ترتيب أوراق المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي حيث إن التفاهم السعودي الإيراني يؤدي إلي قطع شوط طويل نحو تخفيف التوترات الطائفية وتعزيز التفاهمات الإقليمية الأوسع نطاقا التي من شأنها أن تسهم في الاستقرار الإقليمي. رابط دائم :