فيما سعي الدكتور محمد أبو شادي وزير التموين والتجارة جاهدا لضبط أسعار الخضر والفاكهة من خلال تطبيق قائمة الاسعار الاسترشادية وإلزام تجار التجزئة بها عن طريق تحرير محاضر للمخالفين. جاءت السوق لتهد الآمال العريضة التي وضعها وزيرالتموين للآلية الجديدة خاصة مع تجاهل التجار للقائمة الاسبوعية للأسعار بعد مرور نحو شهرين علي بداية تطبيقها: واستمرار البيع وفقا للاسعار اليومية التي تحددها أسواق الجملة حسب آليات العرض والطلب. ويدفع المواطن البسيط فاتورة تجاهل التجار للاسعار الاسترشادية ليلعب دور الضحية, الذي يعتبر دوره الابدي في صراع رجال الاعمال والتجار مع الحكومة. من جانبهم, أرجع خبراء الاقتصاد عدم التزام التجار بالاسعار الاسترشادية إلي غياب الدور الرقابي الرادع لأجهزة الدولة منها مفتشو ومباحث التموين وجهاز حماية المستهلك. وأكدوا أن محاولة الحكومة مواجهة انفلات اسعار الخضر والفاكهة باءت بالفشل, خاصة مع استمرار تجاهل التجار للاسعار الاسترشادية, مشيرين إلي أنه بالرغم من ذلك فإن التسعيرة الاسترشادية تعتبر لافتة جيدة من الحكومة للحد من ارتفاع الاسعار. وتباينت آراؤهم فيما يتعلق بتطبيق التسعيرة الجبرية فالبعض يري أنه آن الأوان لبدء تنفيذها في ظل جشع التجار في حين أكد البعض الآخر استحالة تطبيق مثل تلك التسعيرة في ظل سياسات السوق الحرة التي تحكمها آليات العرض والطلب وقال الدكتور محمد الفيومي العميد الاسبق لكلية التجارة جامعة الاسكندرية: فكرة التسعيرة الاسترشادية خطوة اولي ودائما لا تنجح الخطوات الاولي بنسبة100%, فهي تعد خطوة جيدة في حد ذاتها, فعلي مدي30 عاما ماضية لم نستطع ان نتفوه بالحديث عن الاسعار سوي في الخفاء بعيدا عن عيون الحكومة. واضاف ان التسعيرة الاسترشادية تعاني من عيوب ابرزها المعركة مع رجال الاعمال وكبار التجار, فلابد من معالجة تشوهات التسعيرة في هذا الوقت الحالي قبل فشلها بشكل تام ومن ثم تطبيق الحكومة للتسعيرة الجبرية. وقال: ان فشل التجربة يرجع الي عدم الرقابة من قبل وزارة التموين واجهزة الدولة, مشيرا الي ان اولي خطوات المعالجة تأتي من خلال السيطرة علي الاسواق بزيادة عدد مفتشي التموين, نظرا لان عددهم لا يتناسب مع الاسواق, ووضع مرتبات جيدة للمفتشين علي ضرورة التوصل لحلول عملية من اجل القضاء علي الخصومة بين التجار والدولة. واوضح الدكتور عبد المطلب عبد الحميد عميد مركز البحوث الاقتصادي- ان قرار التسعيرة الاسترشادية جاء خاطئا من البداية, لان محاولة تطبيقه محكوم عليها بالفشل لعدم القدرة علي ضبط الاسواق والسيطرة علي عددها وعدد التجار فيها, بالاضافة الي نقص عدد مفتشي التموين وتراخيهم عن مسئولية البحث في ظل استمرار العمل بالرشوة. واضاف ان البلاد تمر بحالة من الثورية تحتاج الي التأني في اتخاذ القرارات وطرحها علي اكثر من جهة, وهو ما لم تفعله حكومة الببلاوي لانها اتخذت قرار التسعيرة بعيدا عن مشورة كل الجهات. واشار الي عدم قدرة المجمعات الاستهلاكية علي توفير احتياجاتها من السلع لاحداث توازن في الاسعار بجانب ضعف قدرات جمعيات حماية المستهلك التي لا تملك الآليات الكافية لمواجهة جشع التجار وفوضي الاسعار غير المبررة. من جانبها أكدت زينب عوض الله استاذ الاقتصاد والمالية بحقوق الإسكندرية, أن المشكلة في تطبيق التسعيره الجبرية تتمركز في عدم وضع الحكومة اليات للالتزام بالاسعار المقررة من وزارة التموين بالتسعيرة وما يحدث هو مجرد تهديد لأن السوق حاليا تخضع لسياسة العرض والطلب ولا توجد رقابة محكمة علي السعر ومعايير الجودة. وأكدت موافقتها علي المقترح الذي يتيح ضخ25% من الصادرات بالسوق المحلية لزيادة المعروض وطرح مناقصات بين الشركات الخاصة لادارة المجمعات الاستهلاكية مع الاحتفاظ بملكية الدولة لها تحت اشراف جهاز الخدمة الوطنية, خاصة مع وجود3000 مجمع استهلاكي بمصر لايحظي بالاقبال من المواطنين بينما تصل أرباح السلاسل الكبري لنحو المليار و650 ألف جنيه سنويا. وأوضحت أن نظام التسعيرة الجبرية ليس الحل الامثل للسيطرة والقضاء علي غلاء الاسعار في ظل تطبيق سياسة السوق الحر, لافتة أنه من المستحيل أن يستجيب التجار لخفض الاسعار طالما أن عائد الربح أعلي من المقرر من الحكومة اضافة إلي عدم وجود رادع قوي يحكم الغلاء والذي يختلف من مكان إلي آخر حيث تتفاوت الاسعار بشكل كبير حسب ارتفاع المستوي المعيشي في مكان وانخفاضه في مكان آخر. من جانبه أرجع محمود العسقلاني رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء تمسك التجار بارتفاع الاسعار إلي ضعف الرقابة علي الأسواق والأزمات التي تلاحق المزارعين من ارتفاع التكاليف والنقل خلال فترة حظر التجوال, والمتوقع أن تنتهي قريبا مع انتهاء الحظر وعودة الامور الي سابق عهدها. وطالب باعادة النظر في منظومة التجارة وقوانينها بحيث يتم إلزام المنتج والتاجر بتوفير بيانات حقيقية عن النفقات والايرادات وهامش الربح عن كل سلعة من أجل حماية المستهلك من جشع بعض التجار, إضافة إلي إعادة النظر في التسعيرة التي لاتتناسب مع ارتفاع نفقات الانتاج, مشيرا إلي ان زيادة المعروض من السلع لتخفيض سعرها هو الحل الوحيد للسيطرة علي الازمات السعرية المتكررة في الاسواق. رابط دائم :