حين يشعرغالبية الكتاب والمثقفين, أنه لا سبيل للقضاء علي الإرهاب إلا باستراتيجية وطنية شاملة, فإن ذلك يعني مقاربة ما هوسياسي بما هوأمني وعسكري, وما هواقتصادي وتنموي بما هو تربوي وقانوني. وذلك من خلال تدابير وقائية تشمل دعم ورعاية الأسرة والاهتمام بتنمية الوعي الوطني من خلال إعادة النظر بالمناهج التربوية والتعليمية وتكييفها بما ينسجم مع مبادئ التسامح وحقوق الإنسان, إضافة إلي معالجة ظواهر الفساد المالي والإداري, والسعي إلي القضاء علي الفقر ووضع حد للبطالة, وإشراك المجتمع المدني, وفئات المجتمع كافة في بناء أرضية صالحة للمصالحة الوطنية من خلال نشر وتعميم قيم التسامح. ولعل تدابير الحماية تأتي بعد تدابير الوقاية, الأمر الذي يحتاج إلي جهود حثيثة حكومية ومجتمعية لتجفيف منابع الإرهاب واستهداف مصادر تمويله والعمل علي منع تسلل الإرهابيين والأسلحة إلي ومن البلد المعني, أي العمل علي منع الإرهاب العابر للحدود من التفريخ والتكاثر, وذلك عبر التنسيق مع دول الجوار من جهة, وعلي المستوي العالمي من جهة ثانية. وحتي الآن أثبتت الكثير من التجارب الكونية أن الحلول الأمنية والعسكرية لوحدها ستكون غير مجزية إن لم تتم معالجة الأسباب الجوهرية لتفشي ظاهرة الإرهاب التي تجد لها أرضية صالحة للانتشار وتفقيس بيضها في ظل أجواء الفقر والجهل والأمية والبطالة والشعور بالاستلاب, مع شيء كبير من التضليل وغسل الأدمغة التي تقوم به آلة إعلامية وإيديولوجية ضخمة ولديها إمكانات هائلة, وفقا لدعاوي دينية أومذهبية أوغير ذلك, تلك التي تجعل الإنسان البسيط إرهابيا, يندفع لتفجير نفسه أوللقيام بعمل من شأنه يلحق الأذي بالآخرين ويؤدي إلي ترويع السكان المدنيين. قد تكون الحلول الأمنية والعسكرية مطلوبة أحيانا, لكنها ينبغي أن تكون خطوط الدفاع الأخيرة للقضاء علي الإرهاب, بعد تطويقه فكريا وسياسيا وفضحه إعلاميا وكشف دوافعه ومبرراته باعتباره جريمة ضد المجتمع والإنسانية, ومعالجة أسبابه الاجتماعية والاقتصادية, ووضع خطط تنموية طويلة الأمد لإعادة تربية المجتمع علي قيم التسامح والحرية واحترام الرأي والرأي الآخر, وإقرار مبادئ التعددية والتنوع والشراكة وتأكيد الوحدة الوطنية واللحمة المجتمعية. إن الحرب علي الإرهاب ليست حربا ضد سيارة مفخخة أوجهاز تفجير أومواجهة انتحاري, بل هي حرب تتعلق بالأفكار والعقول بالدرجة الأساسية, وكان دستور اليونسكو علي حق حين أكد أن السلام يصنع في العقول, مثلما تولد الحرب في العقول أيضا, ولهذا فإن إقرار السلام والقضاء علي الإرهاب, إنما هما في الأساس كسب العقول لمصلحة مبادئ التسامح والسلام والمواطنة والمساواة والحرية والعدل والشراكة. المهم ان استراتيجية مواجهة الجماعات الإرهابية يجب أن تكون شاملة ومستمرة لكي تنجز الأهداف التالية بصورة نهائية:- 1- إعدام كل من قتل أوحرض علي القتل أوهدد بحرق مصر أوهدد بترويع البلاد وتخويف العباد أوحمل السلاح في مواجهة الشعب والدولة, مع تجنب أسر أي من هؤلاء. 2- حل وحظر كل الجماعات الإرهابية وكل ما يتعلق بها من جمعيات وتنظيمات حزبية أوغير حكوميةngos أو خيرية, مهما اختلفت أسمائها ومهما توارت تحت عباءة الإسلام فالإسلام منهم برآء. 3- تجريم الانتماء أوالانتساب لأي من الجماعات الإرهابية مهما اختلفت أسماؤها ومهما توارت تحت عباءة الإسلام فالإسلام منهم براء. 4- مصادرة أموال كل الجماعات الإرهابية. 5- تجريم اعتلاء المنابر أومحاولة السيطرة علي أي من مساجد مصر بواسطة أئمة الضلال وشيوخ الفتنة وزعماء الفسق والفجور والعصيان وأولياء الشيطان والخونة والعملاء. 6- تجريم ظهور أي من أئمة الضلال وشيوخ الفتنة, مع إعلان قوائم بشيوخ وعلماء وأئمة الفكر الإرهابي علي المجتمع وعزلهم إنسانيا واجتماعيا ووظيفيا, وتحديد إقامتهم ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم بقانون يصدر خصيصا بهذا الشأن. 7- إشراف وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي علي كل المدارس والمعاهد والكليات والجامعات ومراكز التدريب ومكاتب تحفيظ القرآن التابعة للجماعات الإرهابية. 8- حماية أبناء وشباب مصر عبر تدريس برنامج موحد نفسي وتثقيفي وتعليمي في الوطنية والدين والتاريخ والعلوم الاجتماعية للمدارس والمعاهد والجامعات بمنتهي الجدية والاهتمام والحرص والعناية. 9- إخضاع المنتسبين للجماعات الإرهابية الذين لم يرتكبوا جرما ولم يخطئوا في حق شعب مصر لبرنامج نفسي وتثقيفي وتعليمي في( الوطنية والدين والتاريخ والعلوم الاجتماعية) لمدة عام علي الأقل مع عقد اختبارات شفهية وتحريرية للتأكد من شفائهم تماما من خرافات الإرهاب, مع إعلان قوائم للمصريين علي تبني الفكر الإرهابي علي المجتمع. 10- حظر الوظائف العامة والخاصة علي كل المنتسبين للجماعات الإرهابية ما لم يجتازوا البرامج النفسية والتثقيفية بنجاح, مع التطهير التام للمؤسسات العامة والخاصة من كل المنتسبين للجماعات الإرهابية. 11- غلق كل القنوات الفضائية والإذاعية التي قد تبث أي فكر إرهابي. 12- تجريم التمويل الأجنبي لما يسمي بمنظمات المجتمع المدني( المنظمات غير الحكوميةngos وجمع المنح والمعونات الأجنبية في صندوق أوبنك حكومي لمنح الفقراء القادرين علي العمل قروضا حسنة بدون فوائد ومنح الفقراء غير القادرين علي العمل معونات اجتماعيةSecuritySocialeSecuriteSociale تغنيهم عن سؤال الناس وتمنع استغلال الجماعات الإرهابية من استغلال فقرهم وعوزهم. ولا بد من التأكيد أخيرا, أن الإرهاب لا دين له ولا قومية أو لغة أو شعب أومنطقة جغرافية, وأن أية محاولات لإلصاقه بشعب أومجموعة بشرية أودين أوقومية, فإنما تلحق ضررا باستراتيجيات مكافحة الإرهاب, بل توفر غطاء أحيانا لدعم قوي التطرف والتعصب والغلومن جميع الجهات, لأن الإرهاب في جوهره يمثل خطرا علي الإنسانية, بتهديده حياة الإنسان وترويع عيشه وأمنه واستقراره وحقه في الحياة والإبداع والتنمية والحقوق الديمقراطية. رابط دائم :