اذا كانت إسرائيل ملتحمة كلية في الوقت الحالي بالولاياتالمتحدة, فانه ليس من الواضح من الذي يستخدم الاخر فإسرائيل تكاد تبدو وكأنها امريكا في الشرق الأوسط, أو علي الاقل هي اكبر قاعدة أمريكية عبر البحار, انها قاعدة بدرجة دولة, اعضاؤها من اليهود. هكذا يتحدث الراحل العظيم جمال حمدان في كتابه استراتيجية الاستعمار والتحرير. يقول: الصهيونية العالمية تمارس نفوذا هائلا علي الولاياتالمتحدة لحساب ولصالح إسرائيل. إسرائيل هي اخطر تحديات الاستعمار في التاريخ العربي. إسرائيل من البداية إلي النهاية هي استعمار من الدرجتين الأولي والثانية معا.. استعمار بالاصالة والوكالة في نفس الوقت, إسرائيل قامت واقيمت بفعل ولحساب نفسها والصهيونية العالمية, ولحساب الاستعمار العالمي. فهي بالنسبة إليه قاعدة متكاملة آمنة عسكريا, ورأس جسر ثابت استراتيجيا, ووكيل عام اقتصاديا, أو عميل خاص احتكاريا.. تمثل عازلا وفاصلا ارضيا يمزق اتصال المنطقة العربية, ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها, هي اسفنجة غير قابلة للتشبع, تمتص كل طاقات الامة العربية, ونزيف مزمن لمواردها واداة جاهزة لضرب حركة التحرير. إسرائيل بهذا المعني دولة مرتزقة, تعمل مأجورة في خدمة الاستعمار العالمي. هذا الالتقاء والتداخل العميق بين مصالح الصهيونية والاستعمار, هو مفتاح الوجود والمصير الإسرائيلي برمته.. الاستعمار هو الذي اوجد إسرائيل بالسياسة والحرب.. وهو الذي يمدها بكل وسائل الحياة من اسلحة واموال.. هو الذي يضمن بقاءها ويحميها علانية. إسرائيل هي الحالة الفريدة في العالم, التي تتجسد فيها اخر مراحل الاستعمار القديم وأول طلائع الاستعمار الجديد.. هي الارض الوحيدة التي يلتقي عليها الاستعمار القديم اي اوروبا مع الاستعمار الجديد اي امريكا دون صراع او تنافر.