هل تنازل رجل الأعمال المصرى الهارب حسين سالم عن جنسيته المصرية فى ظروف غامضة؟.. هذا التساؤل ربما فشل الجميع فى الإجابة عنه، فهذا المتهم الهارب قال أمام التحقيقات التى تجريها معه السلطات الإسبانية إنه تنازل عن الجنسية، وهذا مادفع إسبانيا إلى التحفظ على طلب مصر تسليم حسين سالم إليها حتى الآن، فيما كشفت المحامية الإسرائيلية التى تترافع عنه أن تنازل سالم عن الجنسية المصرية منذ 2004. فأين الحقيقة؟. وماذا لو كان سالم قد تنازل بالفعل عن جنسيته المصرية؟. صحيفة البابيس الإسبانية نشرت تقريرًا على موقعها الإلكتروني أكدت فيه أن الحكومة المصرية أرسلت الجمعة الماضية ملف طلب تسليم سالم إليها للتحقيق معه، والذي يحتوي على العديد من التحقيقات والأدلة التي توصلت إليها النيابة، بالإضافة إلى شهادة تحركاته، التي تكشف عن سفره من مصر عدة مرات منذ عام 2005 وحتى 2011 بجواز السفر المصري، باعتباره مواطنا مصريا. غير أن العميد مجدى الشافعى، مدير الإنتربول المصري، قال لبرنامج صباح الخير يا مصر السبت الماضى أنه في حالة تنازل سالم عن الجنسية المصرية لن تسقط القضية، ولن تسقط التهم الموجهة إليه، حيث سيحاكم أمام القضاء الإسباني على القضايا التي ارتكبها في مصر، مؤكدا أن الحقيبة الدبلوماسية الخاصة التي تم إرسالها لسفارة مصر في مدريد، تحتوي على مستندات تؤكد مخالفة سالم باحتفاظه بالجنسية المصرية بعد حصوله على الأسبانية كما أكدت الصحيفة الأسبانية، وأن القانون الإسباني يمنع الجمع بين جنسيتين. لكن، لما كانت قضية حسين سالم من أهم القضايا التي شغلت الرأي العام، فقد وجب اللجوء للمختصين من أساتذة القانون الدولي الخاص، والعام لفهم وتفصيل موضوعين رئيسيين، أولهما ما يتردد حول التنازل عن الجنسية المصرية، وثانيهما قضية تسليم الهاربين. الدكتور عصام القصبي، أستاذ القانون الدولي الخاص بجامعة عين شمس، يؤكد أن التنازل عن الجنسية المصرية، من الأمور التي لم ينظمها القانون المصري، حيث إن قانون 26 لسنة 1975 – وهو ساري حتى الآن- لم ينظم مسألة التخلي أو التنازل عن الجنسية المصرية، في حين أنه نظم وأوضح سبل التجنس بجنسية أجنبية. استكمل القصبي قائلا: إن المادة (10 ) من القانون السابق تنص على أنه " لا يجوز لمصري أن يتجنس بجنسية أجنبية إلا بعد الحصول على إذن. ومع ذلك يجوز أن يتضمن الإذن بالتجنس إجازة احتفاظ المأذون له وزوجته وأولاده القصر بالجنسية المصرية، فإذا أعلن رغبته في إفادة من ذلك خلال مدة لا تزيد على سنة من تاريخ اكتسابه الجنسية الأجنبية ظلوا محتفظين بجنسيتهم المصرية رغم اكتسابهم الجنسية الأجنبية. أعطى القصبى مثالا لما سبق قائلا: إذا أراد شخص مصري الحصول على الجنسية الأمريكية فإن عليه الحصول على إذن بذلك، فإذا طلب هذا الإذن ظل محتفظا بجنسيته المصرية إلى جانب الجنسية الأمريكية، وهذا الاحتفاظ بناءَ على إرادته، ويجوز أن يمتد إلى زوجته وأولاده القصر. أوضح أستاذ القانون الدولي أن الشخص المتجنس بجنسية أخرى إذا أراد بخطوات تبدو عرفية أن يتخلى أو يتنازل عن جنسيته المصرية، فإنه يقوم بتسليم جواز سفره للسفارة المصرية ويبلغ بأنه سيحتفظ بالجنسية الأجنبية فقط وهذا الأمر لم ينظمه القانون، وإنما جرى به العمل. لفت القصبى إلى أن هناك سبع حالات تسقط الجنسية المصرية عن المواطن المصري فيهم، أولهم : "الحصول على جنسية أجنبية دون إذن من مصر". أضاف: لا تسقط الجنسية المصرية عن أي شخص متجنس بجنسية أجنبية إلا بقرار من مجلس الوزراء، بحيث يكون قرارًا مسببًا. نفى وجود كلمة تخلي أو تنازل في القانون السابق، بقدر ما هي ممارسة عملية لا تستند إلى القانون، حيث يُسأل الراغب في الحصول على جنسية أجنبية عن رغبته في الاحتفاظ بجنسيته أم لا، سواء أثناء حصوله على الإذن، أو في تاريخ لاحق. فيما يخص تسليم الهاربين دوليا، قال الدكتور عصام : لو افترضنا أن حسين سالم لم يفقد الجنسية المصرية، فإنه بهذا يحمل جنسيتين في آن واحد، في هذه الحالة يمكن اللجوء للقضاء الدولي، نظراً لازدواج الجنسية عند الهارب، وبذلك يفصل القضاء في تحديد الجنسية الفعلية له، فإذا فصل القضاء بكون الجنسية الفعلية لسالم هي المصرية، نظراً لأن له مصالح متعددة فيها، وأنه ساهم في صنع القرار السياسي في مصر، وأنه كان يسافر بجواز سفر مصري، وأنه...إلخ، في هذه الحالة ستكون الجنسية الإسبانية ليست فعلية، وبهذا يجب على أسبانيا تسليمه لمصر. تساءل القصبي: لماذا لا نلجأ إلى اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، والتي انضمت إليها مصر عام 2004، والتي تقول: تستطيع أن تطلب مدان من دولة أجنبية، وإن لم يكن بينك وبينه اتفاقية لتسليم المجرمين. في عبارة موجزة، قال القصبي: "إذا حوكم سالم في إسبانيا فإنه لن يدان إلا إذا كان المنسوب إليه أمر غير مشروع في إسبانيا كما هو غير مشروع في مصر، وأعتقد أن هذه القضية ستستغرق وقتا طويلا من الزمن. فى موازاة ذلك، أكد الدكتور إبراهيم العنانى أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس أن القانون الدولي به قاعدة تقول" لا تجبر دولة على تسليم رعاياها". وفقا لهذه القاعدة فإنه يحق لإسبانيا محاكمة حسين سالم في حال ثبوت جنسيته الإسبانية أمام محاكمها الإسبانية، عند تحققها من الاتهامات المنسوبة إليه. أضاف أن تنازله عن الجنسية المصرية لا تسقط الحق في المطالبة بالأموال المنهوبة، مستكملاً أن إسبانيا قد تقوم بتسليم سالم لمصر عند تحققها بأن جنسيته الإسبانية غير سليمة، أو أنه تنازل عن الجنسية المصرية بعد ارتكابه لأفعال مجرمة قانونا، كوسيلة من وسائل التحايل، وهذا يعني أن المسالة ستكون في يد القضاء الأسباني. مفاجأة تنازل حسين سالم عن الجنسية المصرية ليست الوحيدة، فقد أعلن راديو إسرائيل أن المحامية الإسرائيلية ألونا حجاي سافرت لمدريد لحضور التحقيقات مع حسين سالم والترافع عنه، وأنها قدمت مذكرة قانونية استندت فيها علي عدم مشروعية موافقة الحكومة الأسبانية علي تسليم رجل الأعمال الهارب حسين سالم إلي السلطات المصرية، مدعية أن حسين سالم في نظر القانون الدولي لعدد من الدول من بينها إسرائيل قد تنازل عن الجنسية المصرية من عام 2004. قدمت المحامية حافظة مستندات من بينها وثيقة سفر حسين سالم الإسرائيلية وعدد من جوازات السفر التي يمتلكها تأكيدا علي دعواها بأن اسبانيا لا يمكنها تسليم حسين سالم لمصر لأنه غير مصري وقت نظر الدعوي حاليا، وأن الاتهامات الموجهة إليه تعد لاحقة علي تجنسه بالجنسية الإسبانية وليست سابقة عليها . ردا على ذلك، أكد القصبي أنه في حال حصول سالم الجنسيات الثلاثة الإسبانية والإسرائيلية والمصرية، فهذا أدعى للجوء إلى القانون الدولي لتحديد جنسيته الفعلية، وأن هذا التعدد لصالحنا، حيث يكشف مدى تحايل سالم، ويفيد أنه لم يلجأ للحصول على جنسية أجنبية بغرض تغيير الولاء والانتماء، وإنما بغرض الإفلات من إدانة الدولة، ومن جرائمه.