تنظم الجامعة العربية بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي، مؤتمرا موسعا خلال الفترة من 6الى 8 ديسمبر المقبل بالقاهرة، تحت عنوان " التكامل العربي .. تجارب وتحديات وآفاق" وفي إطار الإعداد لهذا المؤتمر السنوي عقدت مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع الجامعة العربية، ورشة عمل مشتركة حول قضية التكامل الاقتصادي العربي بمشاركة عدد من الخبراء الاقتصاديين العرب على مدى اليومين الماضيين؛ حيث ناقش المشاركون سبل تطوير وتكامل الصناعات التحويلية العربية كرافعة للتنمية الاقتصادية، وأوراق عمل حول سبل تحقيق السوق العربية المشتركة، وعناصر التكامل الاقتصادي العربي، وأخيراً حول واقع الفساد كأحد مسببات التدهور الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي والآليات الممكنة لمكافحته في الدول العربية ودعت ورشة العمل في توصياتها الختامية، الى ضرورة الحفاظ على وحدة التراب الوطني للدول العربية القائمة، والعمل على تطوير وتفعيل النظام الإقليمي العربي كإطار ناظم للعلاقات التكاملية وللاتفاقيات العربية في هذا الشأن. وكإطار جامع للمؤسسات القائمة على التكامل الاقتصادي العربي، مع ضرورة احترام وتنفيذ الاتفاقيات والالتزامات التي تنص عليها بإعطائها قوة إلزامية، وبالإسراع في تأسيس هيئة عربية لفض المنازعات الاقتصادية وتأسيس آلية لتعويض المتضررين من تحرير التجارة. كما دعت الى إعطاء أولوية قصوى لتطوير الصناعات التحويلية في إطار تكاملي عربي لبناء وتعزيز الأساس الموضوعي للتكامل الاقتصادي القائم على تبادل المصالح مع ربط إستراتيجية التنمية الصناعية بالسياسات الاقتصادية-الاجتماعية، وتوفير التمويل الضروري لهذا التطوير من خلال تعزيز دور مؤسسات التمويل العربية، فضلا عن التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين الدول العربية في هذا الشأن، وتطوير البنية الأساسية والمعلوماتية، لتسهيل تعزيز العلاقات الاقتصادية العربية على كافة الأصعدة، وإعطاء الأولوية للعمالة المحلية والعربية في أسواق العمل العربية لإدارة دولاب الاقتصاد، وتحقيق التنمية الشاملة وفي القلب منها التنمية الصناعية. كما حث المشاركون على ضرورة تعزيز الاستثمار العربي المشترك بين الدول المؤهلة له فى صناعات الآلات والمعدات، ووسائل النقل والصناعات عالية التقنية، للاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير، في تحفيز التصنيع والتكامل الصناعي العربي. ونشر ثمار التصنيع فى قطاعات الزراعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية، لتحقيق نهوض اقتصادي شامل ينطلق من تطوير منظومات التعليم، والتدريب، والبحث العلمي، والتطوير التقني، للارتقاء من التبعية إلى الاستقلال في هذا الصدد؛ مع ضرورة ربط التطور العلمي والتقني بعملية التصنيع، وبخاصة في الصناعات عالية التقنية والقيمة المضافة. وأكدوا أهمية تعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي ومنظماته، وضمنها منظمة التجارة العالمية على أسس عادلة ومتكافئة، وتطوير ثقافة المسئولين العرب في التعامل مع المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية بكفاءة ومرونة، والتفاوض الجماعي للحصول على شروط أفضل فى التجارة، وفي نقل وتوطين المعرفة، والتكنولوجيا وبخاصة لقطاع الصناعة التحويلية في البلدان العربية، وشدد المشاركون فى الورشة على ضرورة الاعتماد في تحقيق السوق العربية المشتركة على التكافؤ بين الدول الداخلة فيها. وعلى تطوير هياكل الإنتاج العربية الصناعية والزراعية والخدمية بصورة فردية في كل دولة، ومن خلال التعاون بين الدول العربية على أساس تبادل المنافع والتوظيف الفعّال للثروات والموارد الطبيعية في البلدان العربية على أساس أن هذا التطوير سيوجِد لدى الدول العربية تنوعاً كبيراً في إنتاج السلع والخدمات كقاعدة واسعة لما يمكن أن تتبادله في السوق المشتركة. وأكدت ورشة العمل أهمية السعي الدءوب لتأمين حرية انتقال الأشخاص، ورءوس الأموال وحرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية والأجنبية، وحرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي وحرية التنقل والترانزيت. واستعمال وسائل النقل والموانئ والمطارات المدنية، بالإضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية وكافة الرسوم الأخرى تدريجياً على المنتجات والسلع، والعمل على تحرير الخدمات، كأهداف طبيعية لأي سوق مشتركة، والعمل على مأسسة هذه السوق بالنظر إلى النماذج العالمية الأكثر نجاحاً في هذا الشأن. وخلصت ورشة العمل إلى أهمية تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، كشرط لتحقيق التكامل والوحدة الاقتصادية العربية ، مع التركيز على أهمية وضرورة ربط قضية التكامل بالتنمية. كما أكدت على أهمية تعزيز التعاون العربي فيما يتعلق بحركة عناصر الإنتاج القابلة للانتقال ( العمل - التنظيم - رأس المال ) على قواعد إعطائها الأفضلية في الأسواق العربية وتعزيز الفوائد المتبادلة من حركتها القائمة على تبادل المنافع . ونبهت الى أن ذلك غير كاف لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي ، بل مجرد رافعة من روافع تحقيق التكامل المنشود، تحتاج لتطوير كبير في الفترة القادمة، موضحة أهمية الاستناد إلى الجانب الايجابي في الميراث الحضاري العربي في مكافحة الفساد الذي يعتبر أحد أهم العوامل المهددة للتنمية الاقتصادية ، فضلاً عن أنه يفاقم من سوء توزيع الدخل المثير للاحتقان الاجتماعي. كما أكدت ورشة العمل على أن بناء ثقافة تتسامح مع الفساد وتتعايش معه هو أخطر ما حدث في البلدان العربية ، وينبغي العمل بشكل صارم على خلق قطيعة مع ثقافة التسامح مع الفساد والعمل على بناء ثقافة تناهض الفساد بقوة وحسم لإعلاء قيمة النزاهة والشفافية لحماية المال العام . وأكدت ورشة العمل أهمية تطوير الإطار القانوني الرادع للفساد ، وعلى أهمية تطوير نظام الأجور للعاملين عموماً، وفي الدولة خصوصاً لتحصين موظفي العموم من طلب الرشوة. وأوضحت أن استقلال الأجهزة الرقابية هو أمر حاسم لمكافحة ومنع الفساد. كما أكدت الورشة على أن النظام السياسي الديمقراطي وما ينتجه من رقابة برلمانية للتصرفات في المال العام، تساعد على منع ومكافحة الفساد . وأشارت الورشة إلى أن إنهاء التعقيدات البيروقراطية المعقدة للأعمال والفاتحة لبوابات الفساد، يمكن أن يساهم في إغلاق بعض من أهم بوابات الفساد . ومن المقرر أن تطلق مؤسسة الفكر العربي عشية مؤتمرها السنويّ "فكر 14" في ديسمبر المقبل تقريرها العربي الثامن حول التنمية الثقافية .