غدا.. انطلاق الأسبوع التدريبي ال34 للتنمية المحلية بسقارة    «جيه بي مورجان» يتوقع زيادة 16.2 مليار دولار في احتياطيات مصر الأجنبية    التموين: 75٪ من المخابز السياحية والأفرنجية في المنيا خفضت أسعارها    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و842 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الإيرانى جهود مصر للتوصل لوقف إطلاق نار فى غزة    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    عبد الحفيظ يتغنى بالمدير الفني للزمالك.. حقق العديد من الإنجازات برفقة كتيبة القلعة البيضاء    بمشاركة 164 لاعب من 10 دول نهائي بطولة التنس الدولية بنادي جزيرة الورد في المنصورة    رفع درجة الطوارئ بالأقصر بمناسبة احتفالات عيد القيامة وشم النسيم    ضبط قائد دراجة نارية لقيامة بحركات استعراضية وتعريض حياته والمواطنين للخطر    نغمات الربيع وألوان الفرح: استعدادات مبهجة وتهاني مميّزة لاحتفال شم النسيم 2024    حصاد نشاط وزارة السياحة والآثار خلال الأسبوع الماضى    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    شم النسيم، طريقة عمل بطارخ الرنجة المتبلة    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    خبير تربوي: التعليم التكنولوجي نقلة متميزة وأصبحت مطلب مجتمعي    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    محافظ الوادي الجديد يقدم التهنئة للأقباط بكنيسة السيدة العذراء بالخارجة    محافظ الإسماعيلية خلال زيارته للكنائس مهنئًا بعيد القيامة: المصريون نسيج واحد    كرة السلة، أوجستي بوش يفاجئ الأهلي بطلب الرحيل    شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد بمنشآت التأمين الصحي الشامل    فيتش تتوقع تراجع إيرادات السياحة 6% وقناة السويس 19% ب2024.. ما السبب؟    «جمجمة مُهشمة وحقيبة مليئة بالدماء».. أسرة طفل المنوفية تروي تفاصيل دهسه أسفل سيارة الحضانة (صور وفيديو)    «جنايات المنيا» تنظر 32 قضية مخدرات وحيازة سلاح    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    متحدث التعليم يكشف تفاصيل عدم فصل التيار الكهربائي عن جميع المدارس خلال فترة الامتحانات    3 أحكام مهمة للمحكمة الدستورية العليا اليوم .. شاهد التفاصيل    الخميس.. انطلاق أول رحلة لحجاج بنجلاديش إلى السعودية    «مياه القناة»: زيادة الضخ من المحطات في أوقات الذروة خلال الصيف    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    التنمية المحلية: تسريع العمل وتذليل المعوقات لتنفيذ مشروعات حياة كريمة بأسوان    حسام صالح وأحمد الطاهري يشيعان جثمان الإذاعي أحمد أبو السعود    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    القافلة الطبية المجانية لمدة يومين بمركز طامية في الفيوم    إحالة 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات في المنوفية للتحقيق    رئيس هيئة الدواء: دعم صناعة الدواء في أفريقيا لتصل إلى المقاييس العالمية    وزير الرياضة يُشيد بنتائج اتحاد الهجن بكأس العرب    ضياء السيد: أزمة محمد صلاح وحسام حسن ستنتهي.. وأؤيد استمراره مع ليفربول (خاص)    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    إسماعيل يوسف: كهربا أفضل من موديست.. وكولر يحاول استفزازه    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الأهرام" تفتح الملف.. وتطالب بتكثيف الرقابة: العالم السري ل "الأدوية المغشوشة" !
نشر في بوابة الأهرام يوم 08 - 04 - 2015

تفاقمت ظاهرة غش الأدوية، لدرجة أنه لم يعد باستطاعة أحد، مهما يكن مستوى ثقافته، أو خبرته، أو شهادته العلمية، أن يفرق من حيث الشكل بين عبوة دواء أصلية، أو مغشوشة.. فكلاهما متشابه إلى حد كبير !.
وكثير منا يشترى الدواء لنفسه أو لأسرته، فإذا به يفاجأ بعد ثلاثة أيام من تعاطي الدواء، أن حالته الصحية لم تتحسن، أو تدهورت ، أو ازدادت سوءا، والسبب، أن الدواء الذي تم شراؤه، إما مغشوشا، أو منتهى الصلاحية، أو تمت تعبئته في مصانع بير السلم، بالعصائر، أو سكر البودرة أو الترمس المطحون، أو البيكنج بودر!! نحن أمام كارثة حقيقية، ضحاياها المرضي، والدواء المصري الذي تدهورت سمعته محليا وعالميا بسبب عمليات الغش والتقليد!!
للأدوية المغشوشة أشكال كثيرة، فمن الغشاشين، من ينزع تاريخ الصلاحية، ويستبدله بتاريخ آخر جديد، ومنهم من يجمع عبوات الأدوية الفارغة من القمامة، ثم يقوم بتعبئتها بمواد لا تمت للمستحضرات الدوائية بصلة، كالنشا، وسكر البودرة، و الترمس المطحون، ومنهم من يقوم بتعبئة الحقن بالصابون، ومنهم أيضا من يقلد الأقراص مرتفعة الثمن، أو المضادات الحيوية، من حيث اللون والشكل بمواد عديمة الفائدة..
أما متي، وكيف وبأية مواد، تم تصنيع أو تعبئة العبوات الدوائية،فلا أحد يعرف، إذ تبقى الصناعة، والتعبئة سرا في عقول الغشاشين, وضمائرهم الميتة، لا يبوحون به إلا أمام جهات التحقيق إذا تم ضبطهم.
وفجرت النقابة العامة للصيادلة ، قضية إعادة تدوير الأدوية منتهية الصلاحية، بعد كتابة تواريخ جديدة على عبوات الدواء، والتي تمثل جريمة مكتملة الأركان.
ومنذ فترة ، قدم عدد من أعضاء مجلس النقابة بلاغاً للنائب العام، أكدوا فيه أن مافيا إعادة تدوير الدواء تأتى كنتيجة مصاحبة لتعنت شركات الدواء، وغرفة صناعة الأدوية، في تنفيذ القرارات الوزارية رقم 104 لسنة 2003، والمنشور الدوري رقم 19 لعام 2011، واللذان يقضيان بضرورة سحب هذه الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، وإعدامها بمحاضر إعدام رسمية تحت إشراف الإدارة المركزية للشئون الصيدلية.
تحصل مافيا الدواء المغشوش، - كما يقول الدكتور محمد سعودي وكيل النقابة العامة للصيادلة على ماكينات التعبئة والتغليف من مصادر عديدة، فالبعض قد يشتريها من المصانع، التى تقوم بعمليات تطوير لماكيناتها، وتكهين الماكينات القديمة، فتعلن عن مزادات لبيعها ، فيتقدم محترفو الغش ، لشرائها، لاستخدامها في تعبئة وتغليف الأدوية المغشوشة، غير المطابقة للمواصفات.
كما يلجأ البعض منه لاستيراد ماكينات مستعملة لتعبئة وتغليف الدواء من الخارج، ومن ثم يجب تفعيل علميات التفتيش والرقابة، لمنع تسرب مثل هذه الماكينات لمافيا غش الدواء، فيستخدمونها في تعبئة مواد رديئة، ويقومون ببيعها على أنها أدوية صالحة للاستخدام الآدمي ، بالرغم من مخاطرها الشديدة على صحة الإنسان، كما ينبغي زيادة عدد المفتشين ، ورفع كفاءتهم عبر التدريب على اكتشاف الأدوية الفاسدة والمغشوشة، وزيادة دخلهم المادي، لتشجيعهم على القيام بدورهم في الرقابة، وضبط المتلاعبين وتقديمهم للمحاكمة.
سألناه: ما هي نسبة الأدوية المغشوشة المتداولة في سوق الدواء المصرية؟
د. سعودي: لا توجد إحصاءات رسمية، بشأن نسب الغش في الدواء ، غير أن بعض التقديرات تذهب إلى أن هذه النسب تتراوح بين 7 و 10% من سوق الدواء.
وهنا - والكلام مازال للدكتور محمد سعودي لابد أن نفرق بين الدواء المغشوش، أو التحذير من تداول تشغيله خاصة في منتج دوائي محدد، بينما تكون بقية الكميات سليمة ، والأخيرة لا توجد مخاوف من تعاطيها على الإطلاق ، وتكمن المشكلة الأساسية في ضرورة تفعيل هيبة الدولة، لضبط سوق الدواء ، وتكثيف الرقابة في مختلف مناطق الجمهورية، خاصة المناطق العشوائية، التى تجد مافيا الغش ، فرصا كبيرة فيها لترويج الأدوية الفاسدة أو المغشوشة.
كما يجب مواجهة الدواء المهرب، والذي يجد سوقا رائجة، بهدف تحقيق الربح السريع دون وازع من ضمير، ومن الوارد وصول كميات من هذه الأدوية المغشوشة أو الفاسدة، أو حتى المهربة إلى الصيدليات، لكننا نعول هنا على ضمائر الصيادلة، للامتناع عن التعامل مع مافيا غش الأدوية،أو المخازن الصغيرة المرخصة أو غير المرخصة ، والتي يمتلكها أشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصيدلة، وإنما يمتلكون المال، ويقومون بإنشاء مخازن بهدف تحقيق الربح فقط ، دون مراعاة لصحة المرضي، ودون اكتراث بمخاطر تعاطي هذه النوعية من الأدوية سيئة السمعة عليهم.
ولكي نضمن للمستهلك سلامة الأدوية، التي نقوم بشرائها من الصيدليات، ومطابقتها للمواصفات، فالأمر ينحصر فقط والكلام مازال لوكيل نقابة الصيادلة في ضرورة عدم تعامل الصيدليات مع مخازن سيئة السمعة، حتى لا يتسرب إليها دواء مغشوش أو فاسد، لكن في كل الأحوال، يجب تشديد العقوبات على المخالفين.
وقدمت نقابة الصيادلة مقترحا لوزارة الصحة، بضرورة تشديد العقوبات ، وزيادة قيمة الغرامة ، للمصنع أو المروج ، فكلاهما شريك في الجريمة، ولابد من وقف مهزلة ترخيص مخازن الأدوية لغير الصيادلة، لضمان سلامة الدواء الذي يتم تداوله في الأسواق، ومطابقته للمواصفات القياسية المقررة في هذا الشأن.
بشكل عام والكلام هنا للدكتور أحمد فاروق عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة، فإنه لا توجد نسب محددة للدواء المغشوش في مصر، لكن هذه النسب تتخطى المعدلات العالمية، كما أن الدواء المغشوش، لم يعد يقتصر على مرض بعينه ، لكن مافيا الغش تستهدف جميع المرضى على اختلاف أمراضهم، ويسألني: هل تتخيل أن أدوية سيولة الدم الخاصة بمرضى القلب قد تعرضت للغش هي أيضا؟.
نأتى إلى المشكلة الأخطر والأهم في سوق الدواء ،وهى مصانع «بير السلم»، والتي تقوم بإنتاج أدوية مغشوشة، وترويجها لدى مخازن الأدوية الصغيرة، والتي قد تكون مرخصة أو غير مرخصة، حيث يجرى تعبئة العبوات الدوائية بمواد غير فعالة، أو ضارة بصحة الإنسان، بعيدا عن أعين أجهزة الرقابة، ولذلك اقترحت النقابة العامة للصيادلة، تشديد عقوبة الغش في الدواء إلى الإعدام، وطالبت الجهات المعنية بذلك، وسوف تعقد النقابة مؤتمرا خلال الفترة المقبلة مع غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات، لمناقشة هذه المقترحات، وبحث آليات تنفيذها.
أما إعادة تدوير الأدوية، فهو يمثل ظاهرة في الأسواق، حيث يقوم معدومو الضمير- في ظل تعنت شركات الدواء في إرجاع الدواء الذي أوشكت صلاحيته على الانتهاء، أو انتهت بالفعل، والتي يجب إعدامها بالطرق الفنية والصحية المقررة، ويقوم البعض بتغيير تاريخ الصلاحية، بتاريخ جديد، حتى لا يتكبدوا خسائر، وإعادة طرحها للبيع مرة أخري، بعد أن تكون قد فقدت صلاحيتها للاستهلاك الآدمي، ودون النظر إلى مخاطرها على صحة من يتعاطاها.
وتصل تلك النوعية من الدواء إلى الصيدليات كما يقول عضو مجلس النقابة العامة للصيادلة- عن طريق مافيا إعادة تدوير الدواء ، كما تصل الأدوية المهربة للصيدليات أيضا عبر مافيا التهريب الممنهج والمنظم، أو عبر المخازن غير المرخصة، أو المرخصة لأشخاص لا علاقة لهم بمهنة الصيدلة، مما يستلزم ضرورة إعادة النظر في تراخيص مخازن الأدوية، لضمان سلامة الدواء.
وأكد أن ماكينات تعبئة الدواء وتغليفه، صارت متاحة، سواء عن طريق المصانع التى تقوم بتكهين ماكيناتها، أو عن طريق استيرادها من الصين، والهند ، وتايلاند، وتايوان، أو عن طريق تصنيعها يدويا، كما تباع تلك الماكينات في مناطق عديدة في مصر ، أتذكر منها السبتية والزاوية الحمراء.
الدواء المغشوش .. كما يقول الدكتور محيى حافظ عثمان عضو غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات- لا يمثل ظاهرة، لكنه يمثل حقيقة واقعة في سوق الدواء ، سيتم التصدي لها من خلال تشريع جديد ،تم إعداده، بحيث يتم تغليظ عقوبة غش الدواء لتصل إلى الإعدام، وتتفاوت العقوبة المقترحة في غش الدواء بين الإعدام وحتى السجن المؤبد أو السجن لمدة 3 سنوات حسب الجريمة المرتكبة،
فضلا عن زيادة الغرامات المقررة على المخالفين لتصل إلى مليون جنيه ، ذلك أن غش الدواء، يعد جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار ، وهذه التعديلات التشريعية المقترحة، يجب أن يصدر بالتوازي معها قرارات وزارية، وقد ناقشناها بحضور ممثل من وزارة الصحة، وتقوم الوزارة بصياغتها في صورة قانون جديد.
وأشار إلى أن الدواء يتم ترويجه عبر مخازن مرخصة أو غير مرخصة، يقبل أصحابها على شراء أدوية من مصادر مجهولة المصدر، بدون فواتير، كما يقبل بعض الصيادلة على شراء هذه النوعية من الدواء تحت مسمى الدواء المحروق، بدون فواتير ، بزعم حصول المشترى على خصومات مالية كبيرة تتراوح بين 30 و40% ، ولذلك يجب فرض رقابة صارمة على الفواتير.
وإذا أردنا تفعيل الرقابة على سوق الدواء، والصيدليات، كما يقول الدكتور محيى حافظ، فلابد أن يلتزم التفتيش الصيدلي ، بطلب فاتورة الشراء من الصيدلي، كما يجب زيادة عدد المفتشين، إذ أنه ليس من المعقول أن يقوم 2000 مفتش فقط، مهمتهم التفتيش على 64 ألف صيدلية، ولابد أن يعلم الصيدلي المتقاعس عن تقديم فواتير الشراء التي تثبت المصدر الشرعي للدواء الذي يقوم ببيعه، فإنه يضع نفسه تحت طائلة القانون.
كما يجب التصدي لتجارة ماكينات تعبئة وتغليف الدواء المغشوش، والتي تقوم مافيا الغش بالحصول عليها بعد تكهينها في المصانع الكبيرة، أو يحاولون استيرادها من الخارج ، وإدخالها بفواتير مضروبة، على أساس أنها جديدة وليست خردة، كما يجب تكثيف الرقابة على المنافذ الحدودية، لمنع تسرب الدواء المغشوش أو المهرب، مؤكدا أن الدواء المغشوش في السوق المحلية يمثل 50% من الأدوية المغشوشة المهربة من الخارج، وهناك كميات كبيرة من تلك الأدوية تجد سوقا رائجة في مصر، ومن أبرزها عقار الترامادول.
تعتبر الأدوية المغشوشة وتداولها والكلام للدكتور محمد على عز العرب رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومي للكبد، المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء-جريمة مكتملة الأركان تستوجب تغليظ عقوبتها لتشمل الحبس ومضاعفة الغرامة الموجودة حاليا لتصبح رادعة لكل من تسول له نفسه التجارة والتكسب من تلك الأدوية لما تسببه من خطورة مؤكدة على حياة الإنسان وللأسف الشديد أصبحت ظاهرة في مصر نظرا للمكاسب الضخمة من وراء هذه التجارة المحرمة ولتدنى العقوبة الجنائية حيالها مما يستوجب سرعة تغليظ المشرع لعقوبة تلك الجريمة الخطيرة على صحة الإنسان التي تعتبر الثروة الحقيقية للوطن.
ووفقا للتقديرات - والكلام ل د. عز العرب- يوجد 63 ألف صيدلية في مصر، ويبلغ حجم تداول الأدوية أكثر من 27 مليار جنيه خلال عام 2014، كما أن هناك حوالي 1600 دواء مغشوش في مصر، عبر مصادر مختلفة، فمنها ما يتم تهريبه من الخارج ، أو من شركات أدوية ، أو مصانع «بير السلم»، بحثا عن الربح السريع، بينما تتراوح نسبة تجارة الأدوية المغشوشة في مصر، بين 7 و10 % من حجم الأدوية المتداولة في السوق، وهى نسبة مفزعة وخطيرة جدًا.
أما سبب تفاقم تلك الظاهرة في مصر ، فيكمن- كما يقول د. عز العرب في بعض مخازن الأدوية والتي يقدر عددها في مصر بنحو 1000 مخزن، وهى مرخصة أساسا للعمل في المستلزمات الطبية لكنها تعمل في الأدوية بالمخالفة للقانون!! و يعمل أغلبها بدون ترخيص ويتم استغلالها من خلال مصانع بير السلم التي تعيد تدوير أدوية التأمين الصحي وأدوية الشرطة والجيش وأدوية المستشفيات العامة وأدوية من صيدليات ومندوبي الدعاية لشركات الأدوية و بفارق خصم كبير.
وتعريف الدواء المغشوش هو ذلك الدواء مجهول المصدر وغير مسجل بالإدارة المركزية للصيدلة بوزارة الصحة وتشمل الأدوية الخالية من المادة الفعالة، أو أن تكون المادة الفعالة أقل من المنصوص عليه في ملف التسجيل، أو أن يكون مضافا للدواء مواد أخري، هذا إلى جانب تجارة الأدوية منتهية الصلاحية التى قدرت بحوالي 300 مليون جنيه عام 2014 ، وهو رقم ضخم ، يغرى أصحاب النفوس الضعيفة من المتاجرين بصحة المصريين .
أتى إلى المنتجات التي يتم الإعلان عنها بالفضائيات ، عبر إعلانات مضللة على كونها علاجات، وهى ليست بأدوية وغير صالحة للاستخدام، ولا تحقق أى فائدة طبية، ولم يتم تسجيلها بوزارة الصحة، ولها أضرار صحية ويستخدمها المرضي، معتقدين أنها أدوية لأمراضهم مثل السرطانات وأمراض الكبد والضعف الجنسى والتخسيس، حسب تلك الإعلانات تاركين الأدوية الأصلية مما يؤدى لتفاقم وضعهم الصحي مما يؤدى إلى الوفاة أحيانا وللأسف الشديد تلك الإعلانات والفضائيات تخضع في المقام الأول لقوانين ولوائح هيئة الاستثمار .
وخيرا، فعل جهاز حماية المستهلك ، بإنشاء المرصد الإعلامي لجهاز حماية المستهلك الذي يتولى رصد ومراقبة الإعلانات المضللة والخادعة على مدار ال24 ساعة على جميع القنوات الفضائية ومن ثم تحويل المخالفات للنيابة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد القنوات والشركات المعلنة بعد الاستعلام من وزارة الصحة.
ورصد الجهاز - كما يقول الدكتور عز العرب- إعلانات مضللة تبث على شاشات قنوات فضائية للترويج لمنتجات طبية بإدعاء قدرتها على علاج عدد من الأمراض على خلاف الحقيقة، وقام بمخاطبة وزارة الصحة للإفادة عما إذا كانت المنتجات المعلن عنها مسجلة بالوزارة وحاصلة على ترخيص من عدمه.
وكانت المفاجأة أن الصحة أكدت أن المنتجات (أدوية بشرية ومستحضرات تجميل) غير مسموح بتسجيلها ولا بأغراضها العلاجية المعلن عنها، وتمت إحالة عدة قنوات للنيابة العامة، لقيامها ببث إعلانات على شاشاتها عن منتجات بإدعاء قدرتها على علاج الضعف الجنسي لدى الرجال و ليس لها أية أثار جانبية!.
ولفت أيضا إلى أن منتجات التخسيس ، وأخرى لعلاج الصلع، وكريمات أعشاب لعلاج آلام العضلات والمفاصل، بإدعاء أن هذه المنتجات تحتوى على الخصائص العلاجية المعلن عنها، إلى جانب أجهزة لإزالة الدهون، والترهلات، والسيليوليت، وأخرى لعلاج آلام الفقرات بالرقبة والكتفين، وأحزمة الدوالي بإدعاء قدرتها على علاج الدوالي بالذبذبات، وخشونة الركبة، وأقراص لعلاج الضعف الجنسي، ومنتجات لتفتيح البشرة .
الحلول كما يراها د. عز العرب- تكمن في ضرورة التعاون الوثيق بين وزارات الصحة والداخلية والاستثمار ومنظمات المجتمع المدني للقضاء على هذه الظاهرة، و تفعيل إدارة التفتيش الصيدلي (يوجد بها حاليا 1500 صيدلي معظمهم من الإناث مسئولين عن التفتيش على 63 ألف صيدلية في مصر وأكثر من 4 آلاف مصنع أدوية!، وبدون حوافز مميزة أو حماية كافية!)، وغلق مخازن الأدوية المخالفة للنظام والتفتيش الدوري عليها، وسرعة تطهير سوق الدواء من الأدوية منتهية الصلاحية، ووضع حلول جذرية لمشكلة المرتجعات بين الصيدليات وشركات الأدوية، وزيادة الوعي لدى المواطنين عن خطورة هذه الظاهرة وأثرها السيئ على صحة الإنسان.
بالإضافة إلى عدم شراء أي دواء إلا من الصيدليات، وهى الجهة الوحيدة المنوط بها قانونا تداول الأدوية مع عمل برامج لتوضيح كيفية التفريق بين الدواء الأصلي و المغشوش من شكل العلب والدواء ، وغلق أى منشأة طبية أو أماكن التجميل أو صالات الجيم الرياضية حيث يتم فيها تداول الأدوية مع وجوب عقوبة الحبس وتشديد الغرامة المالية للقائمين عليها، وعدم الإعلان عن أي منتج صحي في أي وسيلة إعلامية مقروءة أو مسموعة إلا بعد الموافقة النظامية من الإدارة المركزية للصيدلة وتغيير العقوبة للمخالفين لتشمل الحبس وتغليظ العقوبة المالية.
وأشار إلى أن العقوبة الحالية لا تزيد على 50 ألف جنيه كأقصى غرامة مالية!، والتخلص الآمن من الأدوية والمستحضرات الطبية لضمان عدم تدويرها من منعدمي الضمير،
وكذلك التخلص من آلات تصنيع الأدوية المكهنة وذلك بتفكيكها كاملا ووضع الشروط النظامية في ذلك لضمان عدم وصولها لعصابات غش الأدوية، وإنشاء هيئة الغذاء والدواء المصرية على غرار الهيئات الأمريكية والسعودية لدعم صناعة الدواء المصري وتوفيره محليا وللتصدير وبأسعار مناسبة كما كنا في الستينيات من القرن الماضي وتنقية هذا الملف الخطير مما أصابه في الفترة الأخيرة وأثر سلبا على صحة المصريين.
تأتى مخاطر الأدوية المغشوشة - كما يقول الدكتور إبراهيم عبد النبى رئيس وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب عين شمس- من أنها قد تكلف المريض حياته في بعض الأحيان، كالمضادات الحيوية غالية الثمن، والتي تستخدم في حالات الالتهابات الصديدية الشديدة، كما أن بعض أنواع الحقن، تؤدى لإصابة المريض بصدمة تسممية إذا كانت مغشوشة، أضف إلى ذلك الحقن المستخدمة في علاج فيروسات الكبد C,B ، والتي يصل ثمن الحقنة منها إلى ألف جنيه للمستوردة، و400 جنيه للمحلي، وكذلك أدوية المناعة، وقد أصبحت هذه الأدوية هدفا لمافيا الغش الداوئى ،لارتفاع سعرها، وبالتالي يحققون من ورائها أرباحا خيالية.
الخطير أيضاً في الدواء المغشوش، هو تحول مركبات المستحضر الدوائى إلى مركبات سامة بسبب سوء التخزين, أو انتهاء تاريخ الصلاحية, ولا شك أن أى مستحضر دوائي مغشوش, يكون اقل تأثيرا, أو عديم الفعالية، وقد يحدث فشلا في علاج المريض، يترتب عليه تعرضه لمخاطر صحية، فإذا تعاطي المريض مضادا حيويا مغشوشا مثلا- وكان مصابا بالتهاب رئوي، ستكون النتيجة الحتمية له هى الوفاة متأثرا بالالتهاب، كذلك أدوية علاج ضغط الدم المرتفع، والتي اذا تعاطاها المريض لتخفيض الضغط, وكانت مغشوشة، فإنها ستؤدى الى مضاعفات خطيرة قد تؤدى إلى وفاته ، وقد تصيبه بالشلل، أو نزيف في المخ !!
وينصح د. عبد النبي، بالتعامل مع الصيدليات الكبرى، والشهيرة، حيث تكون أكثر حرصا على شراء الدواء من مصادر موثوق بها، أضف إلى ذلك التزام المستشفيات الكبرى، والجامعية، بشراء الأدوية عبر مناقصات، مما يضمن حصولها على الدواء من مصادره ، وهو ما ينفي عنها شبهة التعامل مع الدواء المغشوش، بعكس مستشفيات بير السلم، وبعض الصيدليات المنتشرة في العشوائيات، والمناطق الريفية، والتي تسعى وراء الربح السريع، ولا تهتم كثيرا بفعالية الدواء من عدمه، الأمر الذي يستلزم تكثيف الرقابة، لمواجهة مافيا غش الدواء.
نقلا عن الأهرام اليومي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.