ما زال الفنان جمال السجينى "1917-1977" يعيش بيننا بإبداعاته المتميزة كأحد أبرز الفنانين العرب فى مجالى النحت والتصوير على مدى ثلاثة عقود، ثائرًا على المفاهيم التقليدية فى الفن، معبرًا عن العواطف المتأججة والمواقف الحالمة فى النحت بلمسة تأثيرية. فمن خلال معرضه الاستيعادي المنعقد حاليًا بجاليرى الفن بالزمالك، والذي نظمه نجله "مجد السجينى"، عبرت "العروسة" عن حالة مصر المتباينة من الهزيمة إلى الانتصار. يقول مجدي السجيني معلقًا على معرض أبيه: كانت لوالدي قدرة على أن يسجل تاريخ مصر من خلال الأعمال الفنية، حيث نجد هنا جزءا من الأعمال التى تحكى عن نكسة مصر فى 1967 وحتى انتصارنا عام 1973 من خلال تيمة "العروسة"، بالإضافة إلى مجموعة بورتريهات كبيرة وصورة لسبوعى عندما ولدت. وعن عدم وجود متحف يحمل اسم المثال جمال السجينى، يقول مجدي: مصر ليست دولة متاحف، فإذا نظرنا لمتاحفنا سنجد أن إقبال الأجانب عليها أكثر من المصريين أنفسهم، وأعتقد أن عملية العرض المنتظم لأعمال السجينى بالقاعات الفنية سوف تكون أفضل من عرضها بمتحف دائم، وكأننا نستنشق هواء جديدًا، فضلًا عن أنه لم يتحدث معي أى مسئول بوزارة الثقافة فى شأن بناء متحف يضم أعمال السجينى. وفى كلمته أكد الدكتور أحمد نوار، إن السجينى أحد أعلام صناعة التاريخ على أرض الواقع، حيث كان محملًا بقدر كبير من المشاعر والحس الوطنى غير المسبوق الذى يضعه فى مصاف الأعلام والرموز النادرة. وأضاف: امتلك الفنان قدرات هائلة مكنته من إحداث حالة متغيرة ونشطة فى جسد الحركة الفنية المصرية بطاقة وحيوية نفتقدها الآن، لافتًا إلى أن هذه القدرات تعُد الركيزة المتينة والكامنة فيه كجين ينشط بشكل متواترًا ومتواصلًا. وأشار "نوار" إلى أن السجينى قد برع فى إبداعه المتفرد "النحت البارز" فى خامة النحاس، مثلما برع فى منحوتاته الثلاثية الأبعاد، مضيفًا: عندما نتأمل تاريخ مسيرته تصحبنا الذاكرة البصرية والتاريخية إلى المرجعيات الفنية التى أسست ما يسمى بالهوية الذاتية للسجينى. ومن جانبه قال الدكتور أحمد عبد الكريم إن المعرض ينبه الفنانين سواء من الشباب أو الكبار بأن الموضوعات السياسية والحياتية لها دور كبير فى حياة الوطن، السجينى رجل وطنى من طراز رفيع سواء فى النحت أو التصوير، لم يرسم حياة البشر من الخارج. وتابع: في معرض التصوير الحالى نجده مثل مصر فى جميع سنواتها .من الهزيمة حتى النصر، رسم كل حالات مصر وهى مخنوقة، محتلة، تنهار، ورسمها وهى عندما فاقت وأصبحت عروسة حلوة جميلة. وأكد: هذا الموضوع يعطى لى درس شخصيًا بأن الرمزية والسيموطيقا موجودة لدى الفنان، ليس شرطًا أن يرسم الموضوع كما لو كان تسجيل كاميرا. ولكنه يجد المعادل البصرى أو الجمالى للموضوع وهو ما برع فيه السجينى، ومن الصياغات اللونية أو المساحات التى قدمها على السطح تبرهن على وجود رؤية جميلة تقنيًا وفنيًا، أضاف من خلالها للحركة التشكيلية.