"لقصيدة النثر مداخل متعددة. وهذا اللون الشعري منه ما هو صالح للإلقاء الشفاهي، ومنه ما لا يمكن تلقيه دون قراءة وتأمل. والمتابع لندواتي وأمسياتي يلاحظ أنني أختار القصائد المناسبة للإلقاء في أجواء الاحتفاليات والكارنفالات، في حين أدع القارئ مع تأملاته في قصائدي الأخرى". هذا ما قاله الشاعر والناقد الدكتور أمجد ريان، على هامش مشاركته في إحدى الأمسيات الشعرية بدار العين بالقاهرة، واستطرد في حديثه ل"المقهى الثقافي" قائلا: قصيدة النثر واقع جميل، ولا مجال للحديث عن رفض هذا الواقع بعد تحققه. هي تتطور، مثلها مثل كل الفنون، ولعلها الأكثر تناسبًا مع العصر. المبدعون، وأنا واحد منهم، اختاروها لأنها تهبهم مساحة أكبر من الحرية في الإبداع. ويرى ريان، أحد شعراء جيل السبعينيات وأحد المنظرين المهمين الذين أخذوا على عاتقهم تقديم الأجيال الشعرية الجديدة في مصر منذ مطلع التسعينيات حتى الآن، أن قارئ قصيدة النثر، دون سواها، بإمكانه ببساطة الحكم بشاعرية قائلها أو لا، بعيدًا عن أي ستائر قد يتوارى وراءها الشاعر، من لغة أو موروث موسيقي أو إيقاعي وخلافه. فقصيدة النثر تحتكم في قواعدها ومعاييرها فقط إلى شعريتها المجردة، ولا مجال للمساحيق والزخارف. ويشير ريان إلى أنه بدأ بكتابة القصائد التقليدية في سن صغيرة، حيث كان والده عالم لغة، ويقول: بدأت بكتابة قصائد نمطية، لكن حين ذهبت إلى القاهرة، ارتأيت أن قصيدة النثر مناسبة أكثر لإيقاع المدينة، وتيقنت أنها هي التي ستساعدني على الانطلاق في الإبداع. وبشأن توقفه عن الكتابة الشعرية فترة في مراحل حياته، يقول صاحب دواوين "أغنيات حب للأرض" و"أحرث وهج النخيل" و"حافة الشمس" و"أيها الطفل الجميل اضرب" و"أمسّ كائنا" و"مرآة للآهة" وغيرها: لم يكن توقفا كاملاً، حيث انشغلت في تلك الفترة بإصدار مجلة شعرية "الفعل الشعري"، فضلا عن تقديم عشرات الشعراء الشباب منذ مطلع التسعينيات، والكتابة النقدية الموسعة عنهم، مما أسهم في بلورة تجاربهم، وقد برز عدد غير قليل من هؤلاء الشعراء، وبعضهم الآن من رموز المشهد الشعري في مصر والعالم العربي.