مع بداية تطبيق نظام الكروت الذكية من قبل وزارة التموين في مارس الماضي، تسهيلًا على المواطنين حصولهم على حصصهم من الخبز المدعم، والقضاء على الطوابير الطويلة، كانت هناك بارقة أمل تحولت مع الوقت إلى نظام إلكتروني يهدر المال العام، ومعطل فى معظم الأوقات، ويتم التحايل عليه من قبل أصحاب المخابز، وبعض المواطنين أيضًا. تجولت كاميرا"بوابة الأهرام" بعدة مناطق تنتشر بها المخابز التي تصرف للمواطنين الخبز المدعم بالبطاقة الذكية، لترصد أهم المشاكل التى تحيط بالكروت الذكية. المزيد من آراء المواطنين وأصحاب المخابز والعاملين بها في الفيديو المرفق بالتحقيق. يقول محمود عبد العزيز رئيس قطاع المخابز والمطاحن بوزارة التموين، إن هناك لجانًا تنزل للتفتيش على المخابز، لمعاينة أوضاعها على الأرض وما إذا كانت خاضعة للشروط والمواصفات من عدمه. وردًا على سؤال لبوابة الأهرام، حول إن الكروت الذكية تسببت فى توفير فائض من الخبز أو العجين لا تبيعه المخابز، نتيجة لعدم إقبال المواطنين على الشراء، يجيب عبد العزيز، أن هذا الأمر متروك لصاحب المخبز، وعليه ألا ينتج من الخبز ما يزيد عن حاجته، مؤكدًاأن المنظومة الجديدة ساعدت على توفير الخبز للمواطنين بشكل كبير. وعن أن المواطنين لا يشترون الخبز توفيرًا لعدد النقاط للحصول بها على سلع أخرى، مما يوفر فائضًا من الخبز لدى المخابز يعقب عبد العزيز قائلًا: إن إضافة الخبز على البطاقة التموينية ساهم في حل مشكلة صعوبة الحصول عليه فى السابق، كما أن نظام النقاط جعل المواطن يفكر كثيرًا قبل شراء الخبز واستخدامه كغذاء، حيث كانوا يستخدمون "علف" للدواجن. الكروت الذكية يتم التحايل عليها من قبل أصحاب المخابز أيضًا، بصرف عدد كبير من الأرغفة من خلال الكروت في الوقت الذي لا يقوم بخبزه من الأساس وبيعه كدقيق، يعقب رئيس قطاع المخابز والمطاحن بوزارة التموين، على ذلك قائلًا: أن الجهات الرقابية بالوزارة تعمل على التصدى لذلك، مضيفًا أن هناك مواطنين يتركون الكروت الخاصة بهم لدى المخابز، متنازلين عن حقوقهم، وبضبط هذه الكروت يتم إيقاف العمل بها. وينفي عبد العزيز أن ماكينات الكروت الذكية فى معظم الأوقات تكون معطلة، رغم أن المواطنين وأصحاب المخابز أكدوا لبوابة الأهرام عكس ذلك من خلال الفيديو المصور. وأضاف، أن تحرير سعر الدقيق ساهم بشكل كبير ساعد على القضاء على المتاجرة به من قبل أصحاب المخابز فى السوق السوداء، مستطردًا، أنه تم رصد عدد من المخالفات منها التلاعب فى وزن الخبز، حيث يفرض على المخبز المتلاعب فرض غرامة مالية، وينذر أكثر من مرة ويمكن أن يغلق مخبز نهائيًا، كذلك التلاعب فى كميات الدقيق، مشيرًا إلى أن هناك مواطنين يستخرجون بطاقات ذكية إضافية لصرف حصته من الخبز مرتين، وأنه فى حالة الكروت الذكية"المضروبة" على حد قوله فإن الوزارة توقف التعامل بها. من ناحية أخرى كان لبوابة الأهرام لقاء بأحد أصحاب المخابز-رفض ذكر اسمه وعدم تصويره- بأن موظفي مباحث التموين يمرون عليه لتلفيق القضايا لمخبزه من وقت لآخر بدعوى أنه مخالف للمواصفات الفنية ومتهمينه بالتلاعب فى وزن الخبز، ملفتًا إلى أنهم لم يحرروا محضر حتى الآن بهذه المخالفات، طالبين مقابل مادي مقابل "سكوتهم" بحسب قوله. منذ بداية عام 2014 وحتى شهر أغسطس الماضي استطاعت مباحث التموين، ضبط عدد كبير من قضايا المخالفات والتجاوزات ضد المخابز، وهى الفترة التى تم تطبيق نظام منظومة الخبز الجديدة من خلال الكروت الذكية، قال الرائد أحمد مهران: أنه تم اتخاذ إجراءات قانونية ضد المخابز جراء مخالفاتها، فلقد تم تحرير 764 قضية إدارة وتشغيل مخبز بدون ترخيص، و31 قضية خبز مكشوف، و3575 انتاج خبز تاقص الوزن، و3512 خبز مخالف للمواصفات، و230 قضية عدم انتظام سجل الدقيق، و229 قضية توقف عن الإنتاج، و215 قضية بيع بأزيد عن السعر. ويتابع مهران لبوابة الأهرام، كما تم تحرير محاضر أخرى شملت، 411 استخدام خبز غير مدعم في المحلات، و1046 شاملة النظافة، كما كان هناك 25 قضية سحب عينات من الخبز غير مطابقة للمواصفات. وأضاف،أن 10038 إجمالي المضبوطات، منها 123 ألف طن و60 كيلو من الدقيق، كما تم ضبط 641 كارت ذكي تركه المواطنين لدى المخابز للتساهل فى حقوقهم، وترك مساحة أمام المخبز للاستغلال. "للأسف لم يحقق نظام الكروت الذكية نجاحًا ملموسًا فى الدول النامية والتى تعانى شعوبها نسبة كبيرة من الأمية"، هكذا علق الدكتور رشاد عبده الخبيرالاقتصادي الدولي فى تعقيبه على المشاكل التى تواجه منظومة الخبزالجديدة، مشيرًا إلى أن الخبز لا يصل إلى مستحقي الدعم فى الأماكن العشوائية والفقيرة، وأنه يعيب على توزيعه فى الأماكن الراقية مثل الزمالك والمعادى، حيث إن المواطنين بها ليسوا في حاجة للخبز المدعم. ويؤكد عبده لبوابة الأهرام، أن المواطن البسيط والذي لا يجيد القراءة أو الكتابة، لا يستفيد بحقوقه كاملة ولا يعى بها من خلال البطاقة الذكية، فببساطة يمكن أن يعطى رقمها السري لغيره-كما حدث مع تجربة صرف المعاشات-، أو أنه يترك البطاقة بكاملها لدى المخبز. وتابع الخبير الاقتصادي، أن ملف الخبز فى مصر لازال يعانى عدة ثغرات تحيل دون القضاء على الفساد المتعلق به، ومرجوع ذلك، هى الأمية الغارق فيها جزء كبير من الشعب.