أعلن حزب نداء تونس العلماني أنه لن يحكم تونس بمفرده بعد فوزه على حركة النهضة الإسلامية، التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية الحاسمة التي أجريت الأحد وقال مراقبو الاتحاد الأوروبي أنها اتسمت ب"الشفافية" و"المصداقية". ومن المقرر أن تعلن النتائج الرسمية للانتخابات مساء الأربعاء، ولكن حركة النهضة أقرت منذ الأثنين بهزيمتها أمام نداء تونس، وذلك بناء على تقديراتها الخاصة التي أعطتها المركز الثاني في الانتخابات خلف نداء تونس الذي أعلن "انتصاره". وقال الباجي قائد السبسي، رئيس ومؤسس حزب نداء تونس، في مقابلة بثها تلفزيون "الحوار" التونسي الخاص مساء الاثنين "أنا لا أتحالف مع أحد وإنما أتعامل حسب الواقع". واضاف "اخذنا قرارا قبل الانتخابات بأن نداء تونس لن يحكم وحده حتى لو حصل على الاغلبية المطلقةيجب ان نحكم مع غيرنا مع الأقرب الينا من العائلة الديموقراطية، لكن حسب النتائج". وسيكون على الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الاغلبية (109 مقاعد من 217). وقال المتحدث باسم الحزب زياد العذاري لوكالة "فرانس برس" أن الفارق بين الحزبين يبلغ نحو 12 مقعدا. وبحسب تقديرات حزب النهضة فانه حصل على سبعين مقعدا مقابل 80 لنداء تونس. ويساعد النظام الإنتخابي النسبي بالقوائم المعتمد في تونس على تمثيل الأحزاب الصغيرة. وحتى الأن لم تعلن "الهيئة العليا المستقلة للانتخابات" سوى نتائج جزئية لعمليات الاقتراع، علما بان الهيئة لديها مهلة تنتهي في 30 أكتوبر الجاري لإعلان النتيجة النهائية للانتخابات. ومساء الثلاثاء أعلنت الهيئة أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت بحسب أرقام غير نهائية 69% من الناخبين المسجلين. وقالت البلجيكية آنمي نايتس أويتبروك رئيسة بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي الأثنين في مؤتمر صحفي بتونس أن "الشعب التونسي عزز التزامه الديموقراطي بفضل انتخابات ذات مصداقية وشفافة مكنت التونسيين من مختلف التوجهات السياسية من التصويت بحرية لمجلس تشريعي وفقا لأول دستور ديموقراطي" في البلاد. وأضافت أويتبروك وهي عضو بالبرلمان الأوروبي "جرت الحملة الانتخابية على نطاق واسع في هدوء وتمكنت القوائم (الانتخابية المترشحة) من تقديم برامجها بحرية، وقد احترمت عموما معايير الحملة الانتخابية التي ثبت أنها معقدة جدا". وقال الباجي قائد السبسي في مقابلته مع تلفزيون الحوار التونسي "الناس الذين لديهم افكار غير افكارنا نقبلهم ونتحاور معهم ولا نعتبرهم أعداء ليسوا اعداءنا بل منافسينا" وذلك في اشارة إلى حركة النهضة. وخلال الحملة الانتخابية لم يستبعد الباجي قائد السبسي التحالف مع حركة النهضة بعد الانتخابات. وشددت حركة النهضة خلال حملتها الانتخابية على ضرورة "التوافق" بين الأحزاب السياسية في تونس بعد الانتخابات. أما حزب نداء تونس فقد ركز حملته الانتخابية على أبراز ما اعتبره حصيلة "سلبية" لفترة حكم حركة النهضة التي اتهمها بالتراخي في التعامل مع جماعات سلفية جهادية اتهمتها السلطات باغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية وقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة في 2013. والاثنين أعلن حزب نداء تونس فوزه في الانتخابات التشريعية التي سينبثق عنها أول برلمان وحكومة دائمين في البلاد منذ أن اطاحت الثورة في 14 يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي هرب الى السعودية. ويمنح الدستور الجديد الذي تمت المصادقة عليه في 26 يناير 2014 صلاحيات واسعة للبرلمان والحكومة،مقابل صلاحيات محدودة لرئيس الجمهورية. وأضاف السبسي إن "تونس في حاجة ملحة للخروج من الوضع (الصعب) التي هي فيه لا اتصور انه بامكاننا تحسين الوضع في اقل من سنتين على الاقل لأن الحالة وصلت الى درجة نهائية" من التردي. ووعد ب"ارجاع الدولة" و"الاستقرار" الى تونس التي قال أنها تمر بوضع "متدن في كل الميادين"، متوقعا أن يساعد الغرب بلاده لكن شرط "وقف التيار الارهابي". وقال "نحن لم نعد بشي. الشيء الوحيد الذي وعدت به هو ارجاع الدولة التونسية لاني اعتقد ان كثيرا من مشاكلنا الأن والوضع المتدني الذي تمر به بلادنا في كل الميادين الأمنية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية ناجم عن نقص الدولةالتونسية لم يبق لها حضور". وأضاف "اعتقد انهم مستعدون (الغرب) الأن مستعدون لمساعدتنا لكن على شرط أولا وقف التيار الإرهابي". وقال أن عبارة "الربيع العربي" هي "اختراع اوروبي"، مضيفا "ليس هناك ربيع عربي بل بداية ربيع تونسي قد يصبح يوما ما ربيعا عربيا اذا نجح في تونس". واضاف "لا ينقصنا الا السند الاقتصادي، التعليم معمم عندنا،المرأة محررة،الطبقة المتوسطة موجودة لا ينقصنا الا السند الاقتصادي". والاثنين هنأ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الباجي قائد السبسي بفوز نداء تونس في الانتخابات. وتحت عنوان "الروح الرياضية السياسية" قالت يومية "لابريس" التونسية الناطقة بالفرنسية متحدثة عن حركة النهضة إن "الاعتراف بالهزيمة وتهنئة المنافس لا يمكن أن يكون إلا أمرا مريحا ومطمئنا في بلد نجح في انتقاله الديموقراطي". وأقام أنصار حركة النهضة تجمعا الليلة الماضية أمام مقر حزبهم احتفالا ب"العرس الديموقراطي" حضره راشد الغنوشي وعلي العريض الأمين العام للحزب الإسلامي. وقال الغنوشي للصحفيين "نهنئ تونس بهذا العرس الديموقراطي الذي بوّأها مرة أخرى موقع الصدارة والقيادة في العالم العربي وجعلها منارة في العالم العربي. نحن نهنئ أنفسنا بهذا العرس". وخاطب أنصار حزبه قائلا "تونس اليوم رايتها عالية في العالم لأنها البلد الوحيد،الشجرة الوحيدة القائمة في غابة مكسرة في العالم العربي". وقال علي العريض "نحن ما زلنا اهم ضمانة للحرية والديموقراطية (في تونس) نحن حزب عريق"، بينما هتف أنصار الحزب الذين رفعوا اعلام تونس ورايات حركة النهضة "الشعب مسلم ولا يستسلم" و"أوفياء، أوفياء، لا تجمع لا نداء". و"التجمع" هو الحزب الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. ويعتبر الإسلاميون نداء تونس الذي يضم منتمين سابقين لحزب التجمع ويساريين ونقابيين امتدادا للحزب الحاكم في عهد بن علي.