صاحبت فكرة إنشاء مول تجاري للأثاث في "التجمع الخامس" بعض التخوفات لدى الشعب الدمياطي، الذي يمتهن معظمه مهنة النجارة وبيع الأثاث، بخاصة أن إنشاء هذا المول يتم تحت رعاية يابان مصر "دمياط"، معقل الأثاث الكلاسيكي وقلعة الموبيليا في مصر والشرق الأوسط، والمصنفة عالمياً كإحدى أفضل المدن صناعة للأثاث وتصديرها. يضم هذا المول الضخم، أكثر من مائة معرض أثاث دمياطي، فيكون بمثابة فروع جديدة في قلب العاصمة، ولتكون تلك الخطوة بداية الغيث، فالغرفة التجارية في دمياط، لن تتوقف بمشروعها هذا عند القاهرة فحسب، بل تضع على خريطة أولوياتها إنشاء مشروع مماثل في قلب الصعيد، موفرة بذلك على سكانها عناء السفر وتكاليف الشحن. أثارت هذه الخطوة بعض التخوفات، حيث وجدها البعض بمثابة تحويل دمياط من قلعة لصناعة وبيع وتصدير الأثاث إلى مجرد ورشة كبيرة، فبعد إنشاء عدد من المولات الضخمة، تحوي عشرات معارض الموبيليا الدمياطية، ربما يجعل زبائن الأثاث الدمياطي، يتوقفون عن المجيء إلى دمياط، لتتحول بذلك معارض الموبيليا في دمياط، والتي تقدر بالمئات إلى مخازن فقط، بعد أن كانت دمياط سوقاً تجارياً ضخماً، يقصده القاصي والداني لفرش منازلهم. كان قد زاد حدة هذا الخوف مجيء الكثير من أبناء محافظات أخرى لتعلم المهنة، ثم يعود رأساً إلى بلده حاملاً معه كما يسمونه "سر المهنة"، لتحرم دمياط من أهم ما يميزها، وتفقد قلعة صناعة والتجارة أفضل مقوماتها، وتفقد المهنة التي سرت في عروق هذه المدينة سنوات وسنوات. من جانبه نفى محمد الزيني رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية، أن تتحول دمياط لورشة تاركة وراءها معارض الموبليا مجرد مخازن، قائلاً إن مشكلة دمياط في جانب صناعة الأثاث مشكلة تسويقية من المقام الأول، فكانت فكرة إقامة مول للموبيليا، في إحدى المدن الجديدة، غرضها فتح أسواق جديدة لدمياط خارج أراضيها، وكنوع من الدعاية للأثاث الدمياطي، مؤكداً أن زبائن الأثاث الدمياطي لن يتوقفوا عن المجيء إلي دمياط، بعد فتح المول بل علي العكس. كما أكد الزيني في تصريحاته ل"بوابة الأهرام" أن مول التجمع لن يكون الأخير، فدمياط تدرس إقامة كيان شبيه في واحدة من مدن الصعيد، حيث إن المسافة بين دمياط وهذه المدن كبيرة جدا، لهذا اخترنا الصعيد بعد القاهرة. وأضاف الزيني أن الغرفة قد سعت من أجل التأمين على عمال صناعة الأثاث، قائلاً: خاطبنا وزارة التضامن في هذا الشأن منذ قرابة الشهرين، لتغيير ما يخص هذا الشأن في القانون، والذي يمنع التأمين عليهم، في المقابل عمال المقاولات مسموح لهم بذلك، وكان ردهم على حسب وصفه "مائع". في سياق متصل قال أحمد والي عضو النقابة المستقلة لصناعة الأثاث في دمياط، إن إنشاء مولات للأثاث الدمياطي يعتبر واجهة جديدة للمنتج الدمياطي، بالإضافة إلى أننا في عصر أصبح فيه الناس تبتاع عبر الإنترنت، الأمر لذا كانت غرض إنشاء سوق من المنتج الدمياطي خلق سوق جديدة، والحديث عن توقف عملية البيع من معارض دمياط إثر تدشين هذه الأسواق ما هو إلا تفكير عقيم. وأضاف الوالي أن هناك تجربة تسويق مشابهة سابقة عام 1999، للمنتج الدمياطي خارج مدينته، حيث كنا قد أنشأنا مولا للأثاث في هيئة المعارض في مدينة نصر، لكن تم إغلاقه لظروف خارجة عن إرادتنا، ولكنها كانت تجربة جيدة أتت بثمارها. وقال أحد نجاري دمياط إن مشروع مولات أثاث دمياط خارج المدينة، يحمل جانباً إيجابياً، وآخر سلبيا، فالإيجابي هو زيادة الطلب على المنتج الدمياطي، والسلبي هو تحول دمياط لورشة كبيرة، حيث ستتوقف أبناء باقي المحافظات عن المجئ لشراء الأثاث الدمياطي، وأضاف آخر أن هذا المشروع لن يستفيد منه سوي كبار التجار، فالإيجارات في هذا المول مرتفعة جداً، ونحن صغار التجار والحرفيين الأفضل لنا أن ياتي الزبون هنا في دمياط. وتقول إحدى سيدات القاهرة، إن الشعب لا يصدق ما يقال له بسهولة، لذا سيشك في مصدر هذا الأثاث وكونه صناعة دمياطية، وسيذهب كما اعتاد إلى دمياط، فيما قال آخر إنها فكرة جيدة، شريطة ألا يؤثر ذلك على التجارة في دمياط، معبراً عن إاستيائه من دخول الأثاث الصيني السوق الدمياطي، وبيعه علي أنه صناعة دمياطية، مشيراً إلى أنه يتمنى عودة قلعة الصناعة والتجارة إلي سابق عهدها. وقال أحد المواطنين القاطنين في القاهرة من أصل دمياطي، إن الحياة التجارية بالنسبة للأثاث في دمياط لن تتأثر بمثل هذه المشاريع، وأن من اعتاد أن يذهب إلى دمياط قاصدا أثاثها المشهور بجودته سيظل يقصدها كلما نوى فرش بيت.