أثار قرار وزارة المالية بتحديد أسعار السجائر غضب شريحة عريضة من المستهلكين، مؤكدين أن ما قامت به وزارة المالية من إعلان منشور بالأسعار الجديدة، واعتقادها بأن ذلك المنشور قد يحد من تلاعب التجار أمر بعيد كل البعد عن الواقع. ولفتوا إلى أن هذا القرار قد أدى إلى ارتفاع أسعار السجائر بالفعل، وأن الأسعار التى جاءت به ماهى إلا أسعار علب السجائر فى السوق السوداء، لترتفع سعر العلبة مابين 50 و100 قرش لبعض الأنواع فى أماكن بيعها الأصلية، وترتفع لأكثر من جنيهين فى بعض الأكشاك. ارتفاع الأسعار جعل عددًا من المستهلكين يبحثون عن بدائل جديدة للتحايل على هذا الارتفاع، ولو من باب التغلب على الضيق الذى سببه هذا القرار، خاصة أن نسبة المدخنين تصل إلى أكثر من ربع سكان مصر، وفقًا لآخر إحصائية صادره عن وزارة الصحة، مما اضطرهم لاستخدام السجائر اللف، ليتسبب هذا بدوره في إحداث رواج فى سوق تجارة ماكينات لف السجائر والتبغ خلال اليومين الماضيين؛ كبديل لعلبة السجائر التقليدية. فى جولة ل "بوابة الأهرام" عند تجار هذه السلعة للوقوف على حقيقة الأمر، التقت بعدد من المدخنين، وهم يقومون بالفعل بشراء مكونات السجائر اللف، ليقول وليد أبوالفتوح مهندس معمارى إنه قرر أن يلجأ إلى شراء مكونات السجائر اللف، ويقوم هو بلفها فى البيت بعدما ارتفعت أسعار السجائر مجددًا؛ مبررا ذلك بأن سعرها سيكون أوفر بكثير من شراء السجائر الجاهزة؛ مستنكرًا ما قامت بإعلانه وزارة المالية، ومتسائلا كيف تقول الوزارة إن سعر السجائر لم يتغير، ونفاجأ بعد هذا الخبر بيوم واحد بارتفاع فى سعر العلبة لجنيه ونصف. ويتدخل خالد محمد بيومى، موظف فى وزارة العدل فى الحديث قائلا: "إن الوزارة بالفعل قامت بالإعلان عن أن أسعار السجائر لم ترتفع ونشرت بعض المواقع الأسعار المقرر البيع بها إلا أن الأسعار التى نشرتها الوزارة للأسف هى أسعار السوق السوداء، وليست الأسعار الحقيقية"، مضيفًا أنه كان يذهب لشراء السجائر المستوردة من منافذ بيعها الأصلية بأحد المحلات التجارية المنتشرة بمحطات البنزين بسعرها الرسمى الذى تحدده الشركة للبائع وهو 15 جنيهًا ونصف، إلا أنه فوجئ وهو يشتريها أمس الأول، وبعد صدور القرار من نفس المكان ب17 جنيهًا للعلبة أى بزيادة جنيه ونصف عن ثمنها، ويستنكر بشدة كيف لا تكون هناك رقابة على البائعين ويتساءل إلى متى سيظل المواطن فريسة لجشع التجار. أما محمد سيد صاحب أحد محلات بيع التبغ ومستلزمات التدخين والسجائر اللف المرخصه، فيؤكد أن السوق قد شهد حالة من الرواج خلال اليومين الماضيين من قبل زبائن جدد ردًا على قرار رفع سعر السجائر، مشيرا إلى أنه كلما ارتفعت الأسعار للعلب الجاهزة زاد الإقبال على شراء التبغ وماكينات وورق اللف والفلاتر وأيضا البيب، حيث قام بعض المدخنين بالاستغناء عن السجائر بهذه الأشياء البديلة لافتا إلى أن سعر السجائر اللف يعتبر أرخص بكثير، وضررها أخف على الصحة، مقارنة بالسجائر الجاهزة؛ لأن التبغ المبيع فى المحلات خالى من مادة القطران، أما بالنسبة للسعر فهى أرخص بكثير؛ لأن سعر علبة التبع تتراوح ما بين 40 و50 جنيه، وفقا لنوع التبغ تكفى لنحو 120 سيجارة، كما أن سعر علبة ورق البفرة ب4 جنيهات، وعلبة الفلاتر 15 جنيها، وتحتوى على 100 فلتر، أما الماكينة فيتم شراؤها مرة واحدة بسعر 30 جنيها. يؤكد محمد أن الفئة العمرية التى تأتى لشراء التبغ منه فوق العشرينيات، لافتا إلى أن موضوع لف السجائر فى مصر يعتبر جديدًا جدًا، مع العلم أنه منتشر فى عدد كبير من الدول الكبرى، ويستخدم أكثر من السجائر فى بعضها؛ نظرا لقلة إضراره مقارنة بالسجائر الجاهزة، ولكن ارتباط السجائر اللف دائما لدينا بالأشياء الممنوعة هو الذى يجعل انتشارها بطيئا جدًا. أما بالنسبة لرأى الشعبة العامة للدخان والتبغ باتحاد الصناعات المصرية، فيصف إبراهيم إمبابى رئيس الشعبة هذا القرار بالعشوائى غير المدروس، مضيفا أنه لم يكن له أى مناسبة على الإطلاق، لافتا إلى أن السعر الذى أعلنته وزارة المالية هو سعر بيع السلعة فى الأكشاك، وليس سعرها الأصلى المحدد من قبل الشركة. وتساءل إمبابى هل الهدف من نشر قائمة بهذه الأسعار هو جمع ضرائب على السعر الحقيقى الذى تباع به السجائر فى هذه الاكشاك؟ وهل تدفع هذه الأكشاك ضرائب السجائر أم تدفعها الشركة المنتجة، فكان الأولى وقبل أن تخرج الوزارة بقرارات منفردة أن تجتمع بالقائمين على هذه الصناعة أولًا، ثم تعرض الأمر على الشركات ويتم تحديد الأسعار معًا، ثم يتبع ذلك رقابة من قبل الحكومة لملاحقة المخالفين حتى لا تتعرض هذه الشركات لخسائر فادحة. وناشد إمبابى وزير المالية وكل المسئولين فى الحكومة قبل أن يتم اتخاذ أى قرارات لابد من مخاطبة القنوات الشرعية المعنية والقائمة على أى صناعة يتخذ تجاهها قرار حتى يكون مناسبا لكل الأطراف، سواء كانوا مصنعين أو مستهلكين، موضحًا أن سبب اللغط الذى حدث من تصريح الوزارة بعدم رفع الأسعار ثم تبعه ارتفاع للأسعار، جاء نتيجة سؤال الوزارة لبائعى الأكشاك عن الأسعار التى يبيعون بها، متجاهلين الجهات الأساسية القائمة على هذه الصناعة، وبناء عليه خرجت الأسعار ملزمة من قبل الوزارة، وغير مطابقة للواقع، مما أضر بالقائمين عليها، وجعل عدد كبير من المستهلكين يبحثون عن بدائل أخرى متهمين الشركات بالجشع.