في جو مليء بالمشاحنات والترقب.. تنطلق اليوم الأحد الجولة الثانية من مفاوضات سد النهضة، بالخرطوم بين دول شرق النيل (مصر- السودان- إثيوبيا)، لاستكمال جولة المباحثات، وبحث تنفيذ توصيات تقرير اللجنة الثلاثية، إلا أنه وحسب تأكيدات الخبراء سيكون من الصعب التوافق بين الأطراف مجتمعة، وخاصة في ظل التقارب السوداني الإثيوبي. وكانت العلاقات الإثيوبية السودانية، قبل أيام من عقد الاجتماع والذي تقرر له اليوم الأحد، شهدت تقاربًا في الآراء، ومساندة الخرطوم لبناء سد النهضة، دون الاهتمام بعواقب بنائه وآثاره السلبية على دولتي المصب مصر والسودان. فقد افتتح الرئيس السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، الأربعاء الماضي بولاية "القضارف" السودانية، "الخط الناقل للكهرباء" بين السودان وإثيوبيا بحضور حشد جماهيري، وأشاد خلالها البشير بالعلاقات الأزلية بين السودان وإثيوبيا، ومساندته لبناء سد النهضة. وفي القاهرة، عقدت اللجنة العليا لمياه النيل اجتماعًا قبل أيام برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي، وتمت مناقشة مستجدات ملف مياه النيل والعلاقات مع دول الحوض، أكدت خلاله اللجنة أهمية الاجتماع المقبل لوزراء المياه باعتباره خطوة أساسية ومهمة لتعزيز الحوار والتعاون بين الدول الثلاث، وبما يكفل تحقيق المنفعة المشتركة لشعوبها. وجدد خبراء المياه المصريون تخوفهم من نتائج المفاوضات الثلاثية المرتقبة لوزراء الري بدول حوض النيل الشرقي، اليوم الأحد، وطالبوا الوفد المصري من الخبراء والذي يترأسه وزير الري الدكتور محمد عبد المطلب، بضرورة الانتباه من الاستنزاف الإثيوبي للوقت، لحين اكتمال بناء السد الذي تجاوز28 % من تنفيذه. وقال الدكتور علاء الدين الظواهري عضو اللجنة الدولية المعنية بملف سد النهضة، إن الجانب الإثيوبي رفض المقترح المصري بضرورة مشاركة خبراء أجانب في استكمال الدراسات وتنفيذ توصيات اللجنة، وأن أديس أبابا طالبت بالاكتفاء بخبراء محليين، وهو ما رفضته القاهرة وتسبب في تأجيل الاجتماع وعدم الاتفاق بين الأطراف. وطالب في الوقت ذاته الظواهري بضرورة أن يكون هناك اتفاق مصري سوداني قبل الجلوس على طاولة المفاوضات، والتأكيد على أن بناء سد النهضة الإثيوبي سيكون له آثاره السلبية على دول المصب مصر والسودان، وأن أضراره ستكون أكبر من فوائده. بينما طالب الدكتور محمد نصر علام وزير الري الأسبق، بضرورة وقف بناء سد النهضة الإثيوبي، لافتًا أن ما يتم من مفاوضات بين دول النيل الشرقي ما هو إلا مضيعة للوقت، ففي الوقت الذي يجلسون فيه على طاولة المفاوضات.. فإن البناء مستمر في السد. واتفق كل من الدكتور علاء الظواهري والدكتور محمد نصر علام، على ضرورة أن يكون هناك تحرك سياسي من خلال زيارة رئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور ووزير الخارجية لأديس أبابا ووضع أجندة وأسس للتفاوض حول السد الإثيوبي تقوم على وقف الأعمال الإنشائية بالسد، حتي يتم إنهاء التفاوض خلال فترة زمنية لا تتعدى من 6 أشهر إلى سنة. فيما اعتبر الدكتور نادر نور الدين، أن سد النهضة بجانب سلسلة السدود الأخرى بمثابة إعلان حرب على مصر، موضحًا أن سد النهضة ليس سدًا واحدًا بل سلسلة مكونة من أربعة سدود بسعة إجمالية 200 مليار متر مكعب على النيل الأزرق الذي كل تصرفه 48 مليار متر مكعب في السنة ويمد مصر والسودان بنحو 64% من حصتيهما في مياه النيل، لأن معدل الطمي في مياه النهر عالية للغاية وتبلغ 245 مليون طن طمي سنويًا وستردم سد النهضة كاملاً قبل خمسين عامًا وبالتالي فلا بد من إقامة ثلاثة سدود خلفه لتقليل عملية الإطماء على السد الكبير وبسعة كل سد فيهم 40 مليار متر مكعب أخرى من المياه بخلاف البخر من بحيرة كل سد. وقال نور الدين، إن السودانيين مخدوعين في اعتقادهم في أن السدود الإثيوبية ستقلل عملية الإطماء على سد الروصيرص، وتمنع الفيضانات على ولاية النيل الأزرق وولاية كسلا، ولكنهم يظنون أنه سد واحد وليس أربعة سدود.