أكد الناقد الدكتور يسري عبد الله، أن مصر تعيش لحظة فارقة ومفصلية في تاريخها، تستلزم حضورًا مختلفًا للثقافة المصرية، لتصبح أداة فعل، وتنوير حقيقي لا مزعوم، يستعاد من خلاله قيم التقدم والحداثة والإبداع، وبما يعني إعادة الاعتبار لقيم تلك الثقافة بمفرداتها المختلفة. وأضاف الدكتور يسري عبد الله أن على وزارة الثقافة بعد ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة ألا تعيد إنتاج الماضي بسياساته وشخوصه، بل تسعى إلى التأسيس لوعي معرفي مغاير، يؤمن بالهوية الوطنية المصرية الجامعة، وبتجلياتها المختلفة. ولاحظ عبد الله أن الموجة الثانية من الثورة المصرية سعت إلى انهاء حالة الزيف الاجتماعي الفادحة التي صنعها كل من يمتطي الدين كوسيلة لتحقيق مآربه السياسية، وأصبحنا أمام لحظة من المكاشفة، وهذا يستوجب فعلًا ثقافيًا كبيرًا يسعى إلى تخليص الأمة المصرية من آثار العتامة التي لحقت بها عبر العدوان السافر للتيار المتأسلم على الهوية المصرية. كما أن على المثقف ذاته أن يستعيد دوره التاريخي بوصفه تعبيرا عن الوجدان الجمعي للجماهير في سعيها نحو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، المثقف الآن بمثابة رأس الرمح الطليعي الذي يبلور أحلام البسطاء والمهمشين في عالم أكثر عدلًا وإنسانية، ومن ثم فلا بد من استعادة دور المثقف العضوي المنتمي إلى ناسه، والمعبر عن واقعه، لمواجهة القوى الرجعية المستترة خلف الدين، والتي تتخذ منه مطية لتحقيق أغراضها الانتهازية الخاصة، ولذا لا بد من استعادة قيم الثقافة الوطنية المصرية والانحياز إلى الحرية والتقدم والحداثة والإبداع والتسامح، والكشف عن الوجه الطليعي الجديد في الثقافة المصرية. وشدد على أنه ينبغي على المثقف الآن أن يؤدي دوره التنويري الحقيقي لا المزعوم تجاه ناسه وجماهير شعبه، لمواجهة القوى الرجعية المتحالفة مع الفساد، دفاعا عن قيم الدولة المدنية الحديثة بنت التنوع الخلاق، والصيغة الوطنية للدولة المصرية بنت التراكم الحضاري، مشيرا إلى أن معركة المثقفين الحقيقيين تظل هي كشف وتعرية ومواجهة العصابات الرجعية والفاسدة التي تريد أن تغتال أنبل ما في هذا الوطن، تغتال ثقافته الوطنية، ومبدعيه، وكفاءاته.