خلال ساعات من عزل الرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي هذا الشهر كان هناك إسلاميون في شبه جزيرة سيناء يتحدثون عن شن حرب على قوات الأمن. ولم يكد يظهر تسجيل فيديو على يوتيوب، يصور مئات وهم يرددون الهتافات، إلا وكان هناك هجوم على أفراد من الجيش والشرطة في العريش ومدن أخرى في محافظة شمال سيناء، وقتل حتى الآن 13 في هجمات بالمحافظة منذ عزل الجيش مرسي في الثالث من يوليو. تمثل شبه جزيرة سيناء منذ زمن طويل مشكلة أمنية لمصر والدول المجاورة، فسيناء ذات مساحة واسعة وكثافة سكانية قليلة، وهي متاخمة لإسرائيل وقطاع غزة ومطلة على قناة السويس التي تربط آسيا بأوروبا، كما تسكنها قبائل بدوية غير راضية عن كيفية إدارة المنطقة. وأشعل عزل مرسي مزيدا من الغضب في سيناء، وأذكى العنف وربما تنذر العبارات النارية التي أطلقتها الجماعات المتشددة بمزيد من العنف. وهوجمت هذا الشهر نقاط أمنية قرب قناة السويس والحدود مع غزة، كما قتل قس بالرصاص في مدينة العريش، وهوجم خط انابيب للغاز يؤدي إلى الاردن ومنتجع إيلات الاسرائيلي المطل على البحر الأحمر حيث عثر على بقايا صاروخ، وأطلقت اليوم الإثنين قذائف صاروخية على حافلة تقل عمالا في شمال سيناء مما أسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة 17. والقوات المسلحة المصرية في حالة تأهب قصوى، رغم أن مصادر عسكرية تقلل من شأن الحديث عن تنفيذ هجوم كبير. وربما تتطلب أي عملية من هذا النوع موافقة إسرائيل نظرا لمعاهدة السلام المبرمة بين البلدين عام 1979، ويقول بعض الخبراء: إن الجيش المصري ليس جاهزا على النحو الأمثل، من حيث المعدات والتدريب لشن حملة مثل هذه. وبرغم أن إحدى الصحف التي تديرها الدولة، حملت هذا الأسبوع عناوين تعلن عن هجوم جديد على متشددي سيناء خلال الأيام المقبلة، تقلل مصادر بالجيش من احتمال تنفيذ عملية كبرى على المدى القريب، فالموارد مستنفدة بالفعل. وقالت المصادر -التي طلبت عدم نشر اسمائها لأنه ليس مخولا لها التحدث إلى الصحفيين- بشأن هذا الموضوع الحساس "إن القوات في سيناء في حالة استنفار بالفعل". وإذا كان للجيش أن يبدي قدرا أكبر من الحزم، فربما يحتاج إلى المزيد من المعدات، فدبابات الأبرامز ومقاتلات الإف-16 التي يشتريها بالمساعدات العسكرية الأمريكية السنوية، التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار، ليست مثالية لقتال مجموعات صغيرة من الجهاديين الدوليين وحلفائهم من البدو المصريين في منطقة نائية وعرة. وقال روبرت سبرينجبورج، الذي يدرس شئون الجيش المصري في كلية الدراسات البحرية الأمريكية: "نحثهم منذ فترة على تغيير سياساتهم الشرائية حتى تكون لديهم المرونة التي يحتاجونها لمواجهة الإرهاب في سيناء". وتعطي معاهدة السلام، التي رعتها الولاياتالمتحدة وأنهت احتلالا لسيناء دام 15 عاما، اسرائيل كلمة فيما يتعلق بزيادة القوات المصرية في شبه الجزيرة المنزوعة السلاح بصورة كبيرة. وبعدما صعد المتشددون نشاطهم بعد سقوط حسني مبارك عام 2011 ووقعت اضطرابات على الحدود، أعطت إسرائيل بالفعل ضوءا أخضر. وقال عاموس يالدين المدير السابق للمخابرات الحربية، ورئيس معهد دراسات الامن القومي في تل أبيب: "يمكن ان تجلب مصر الآن المزيد من القوات، دونما اعتراض من إسرائيل." وأضاف "ستكون هذه خطوة منطقية. وإذا كانوا يريدون أن يتركوا 30 دبابة هناك فيمكن ان نتقبل ذلك." وتقول مصادر بالجيش: إن هناك نحو ألف متشدد مسلح في سيناء، ضمن جماعات مختلفة أيديولوجيا. وربما تكون الهجمات قد زادت من حيث العدد منذ عزل مرسي، لكنها محدودة النطاق نسبيا حتى الآن، وربما لا تقلق كثيرا الفريق عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة، الذي عزل مرسي من منصبه. لكن المصادر العسكرية تقول: إن هناك عوامل كثيرة تجعل عينيه على سيناء، فالأسلحة تتدفق بعضها من ليبيا وبعضها ربما من غزة التي ظلت لسنوات تستجلب السلاح عبر شبكات التهريب في سيناء، كما أن الحرب الدائرة في سوريا زادت من أعداد الجهاديين الدوليين، وبات خطاب الجماعات المتشددة والإسلامية أكثر حدة. وذكرت المصادر أن قيام المتشددين بأي هجوم كبير في سيناء، مثل ذلك الذي وقع في أغسطس من العام الماضي، وأسفر عن مقتل 16 فردا من حرس الحدود المصري على الحدود مع إسرائيل، ربما يدفع الجيش لرد أقوى. وشهد عام 2005 واحدا من أسوأ الهجمات حين قتل أكثر من 80 شخصا، وأصيب 200 آخرون في تفجيرات هزت مدينة شرم الشيخ على الساحل الجنوبي لسيناء، وهي منتجع يقبل عليه السياح الأجانب. ويحذر محللون من احتمال بلوغ العنف مناطق أخرى في مصر، نظرا لأن الغضب الذي يبديه متشددو سيناء، يعبر عنه أيضا إسلاميون في أماكن أخرى. وقال خليل العناني، وهو زميل في معهد الشرق الأوسط بواشنطن "سيبررون هجماتهم بأن عزل مرسي هجوم على الإسلام." ومضى يقول: "الامر لا يقتصر على سيناء. فالموقف يمكن ان يدفع أيضا الكثير من الشبان الإسلاميين الغاضبين لتنفيذ هجمات في القاهرة والإسكندرية. هذا احتمال وارد. فالإسلاميون الآن غاضبون جدا ومستاءون مما يحدث."