حصدت الاحتجاجات الدائرة حاليا في الجزائر أول ضحيتين بمقتل شاب في مواجهات اندلعت مساء الجمعة في ولاية المسيلة شرق الجزائر، ومقتل آخر في مدينة صغيرة غربي البلاد وذلك في سياق المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ مساء الأربعاء احتجاجا على البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية. وأفادت تقارير صحفية بأن الشاب (20 عاما) أصيب بجروح بالغة في الرأس، عندما اقتحم متظاهرون مركزا للشرطة في بلدة عين الحجل (180 كلم شرق الجزائر العاصمة). وأكدت مصادر محلية، أن الشاب العاطل عن العمل لفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن يصل المستشفى، مضيفة أن هناك أيضا إصابات في صفوف أفراد الشرطة الذين اشتبكوا مع المتظاهرين. بينما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن القتيل الثاني يبلغ من العمر 23 عاما . وقد لقي مصرعه الجمعة أيضا في مدينة "بوسميل" غرب الجزائر. وقد اتسعت الاحتجاجات الجمعة لتشمل -إضافة إلى العاصمة- مدنا أخرى منها سطيف والبليدة وتيبازة وبومرداس وبجاية وعنابة وبرج بوعريريج والجلفة ووهران والمسيلة وقسنطينة وجيجل والبويرة. وأصيب عشرات المتظاهرين واعتقل آخرون في مصادمات مع الشرطة بولاية سطيف (300 كلم شرق الجزائر)، كما أصيب ثلاثة من رجال الأمن في مواجهة ببسكرة جنوب شرق البلاد. أما في الجزائر العاصمة، فسمع دوي طلقات نارية كثيفة مساء الجمعة. ورافقت هذه الاحتجاجات أعمال تخريب استهدفت ممتلكات عمومية وأخرى خاصة، إذ تعرضت المقرات الحكومية والبنوك ومكاتب الشركات وحتى المدارس والمحلات التجارية للتخريب والحرق، في حين شددت السلطات الإجراءات الأمنية في عدد من أحياء العاصمة ومدن رئيسية أخرى. وكانت مصادر مطلعة قد أكدت لموقع "الجزيرة نت "أول أمس أن قوات الأمن اعتقلت عشرين متظاهرا اقتحموا مقرا للشرطة بحي باب الواد في الجزائر العاصمة، كما أحرق متظاهرون ثلاث سيارات تابعة للشرطة من نوع مرسيدس. وأضافت المصادر نفسها، أن قوات الأمن اعتقلت أول أمس 14 متظاهرا في حي الزيتون بمدينة تيبازة غرب الجزائر، كما تعرضت عدة سيارات للتخريب منها ثلاث أحرقت، أما في الجلفة (جنوب) فقد جرح خمسة أشخاص بينهم أربعة من قوات الشرطة. وقد دعت فرنسا يوم أمس مواطنيها المقيمين في الجزائر أو المسافرين إليها إلى توخي الحذر من احتمال وقوع "اضطرابات كبيرة" في كبريات المدن الجزائر. وفي سياق السعي لاحتواء الاحتجاجات، تعتزم الحكومة الجزائرية اليوم عقد اجتماع طارئ يرأسه رئيس الوزراء أحمد أويحيى من أجل دراسة وسائل التحكم في ارتفاع أسعار مواد الزيت والسكر والطحين والحبوب التي شهدت زيادات قاربت 30% في ظرف أربعة أيام فقط. وقال وزير التجارة الجزائري مصطفى بن بادة، الجمعة في تصريحات صحفية: إن الاجتماع سيخصص لدراسة النصوص التطبيقية للقوانين المتعلقة بالمنافسة والممارسات التجارية، لا سيما الشق المتعلق بهوامش الربح الخاصة بالمنتجات ذات الاستهلاك الواسع، في إشارة إلى الزيت والسكر والطحين والحبوب. وأشار الوزير إلى إنشاء مجموعة عمل مشتركة تضم مسئولين في الوزارة وممثلين عن منتجي وموزعي المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، وذلك من أجل دراسة أشكال تطبيق هذه النصوص. كما طلب الوزير من منتجي ومستوردي مادتي الزيت والسكر إلغاء كل الشروط المرتبطة بتموين تجار الجملة والتجزئة بالمنتجات الغذائية الأساسية. ويبلغ معدل البطالة في الجزائر -التي يبلغ تعداد سكانها 35 مليون نسمة- نحو 10% حسب الأرقام الرسمية، غير أن منظمات مستقلة تقدر النسبة بنحو 25%. وكانت الجزائر قد أعلنت أن ميزانها التجاري حقق خلال ال11 شهرا الأخيرة فائضا بلغ 14.83 مليار دولار مقابل 4.68 مليارات في المدة نفسها من العام الماضي.