تريد أن تجعل بلادنا بلا هوية وبلا تاريخ .. تعتقل من لم يسمع لها وتقتل دون هوادة جماعة مسلحة تعتقد أنها تملك الحق المطلق وترى أنه لا حوار مع الآخر بل عليه أن يسير فى فلكها أنصار الجماعة فجروا المساجد وأفرغوها من محتواها وجعلوها مكانا لتخزين السلاح وخلاياهم الأمنية والعسكرية ملفات كثيرة وقضايا كبيرة على طاولة الدكتور محمد عيضة شبيبة، وزير الأوقاف والإرشاد باليمن، الذى تولى الوزارة منذ فترة قريبة، لكنه وجد العديد من التحديات أبرزها الفساد الذى ظهر فى جميع قطاعات الوزارة خصوصا قطاع الحج والعمرة، فضلا عن سيطرة جماعة الحوثيين على المساجد باليمن، وهدمهم لأهم المساجد التراثية منها مسجد الصحابة بصنعاء. أمام ذلك قام الدكتور عيضة بطباعة كتب تبرز جرائم جماعة الحوثيين، أيضا تم إعداد ملف تتعاون فيه كل الوزارات لمكافحة جرائم هذه الجماعة، التى أصبح من الصعب الحوار معها، على حد تعبيره، فى هذا الحوار الذى أجريناه معه فى القاهرة. • خلال توصيات مؤتمر حوار الأديان والثقافات الذى شاركتم فيه، تم الإعلان عن مركز عالمى للحوار مقره القاهرة، فهل تشاركون فيه؟ أى عمل أو نشاط أو مشروع يدعو للحوار نحن فى الجمهورية اليمنية سنكون فيه بإذن الله، ونكون من أول المبادرين إليه، لأن الحوار ضرورة وليس نافلة، وهو ثقافة وليس تكتيكا، وهو كالماء والهواء لا نستطيع أن نعيش بدونه فى هذه الحياة ، وهذا الكون المتعدد فيه المذاهب والديانات والثقافات. • تعملون فى ظل ظروف صعبة وتحديات كثيرة تواجهكم، ألم تكن هناك آلية للحوار مع جماعة الحوثيين؟ الحوثيون جماعة مسلحة تعتقد أنها تملك الحق المطلق، وترى أنه لا حوار مع الآخر بل على الآخر أن يسير فى فلكها، وإلا فهم مخالفون لله ولرسوله، ومن ثم فعقيدتها منحرفة ومتشبعة بأفكار رجعية، ولا تؤمن بالحوار فقد جلسنا أكثر من تسعة أشهر، ونحن نتحاور وهى تتمرد على مخرجات الحوار، وتستخدم السلاح والقوة، فلا جدوى مع هذه الجماعة، ويئسنا من عنجهيتها. • وكيف تتصدون لهذا الفكر؟ هذه الجماعة المسلحة التى خرجت على المجتمع والدولة وأفسدت الحرث والنسل، لديها أفكار عنصرية وسلالية، تزعم أن قادتها هم أبناء الرسول وهم أكبر الخلق، وأفضل الناس ويجب على اليمنيين اتباعهم اتباعا مطلقا، وبسبب هذا الفكر استطاعت أن تؤثر على البسطاء والسذج، فحملوا السلاح ليقتلوا إخوانهم من أبناء الشعب اليمنى. دورنا فى وزارة الأوقاف أن نخرج هذا الفكر الفاسد المنحرف العنصرى من رؤوس هؤلاء البسطاء والسذج، ونغرس الفكر المعتدل، فكر التعايش والمحبة والمساواة، وهذا ما نعمل عليه فى ندوات ودورات كثيرة، لكنهم لا يؤمنون بالانتخابات ولا بالصندوق، ولا يهمهم رأى الشعب اليمنى، فحملوا السلاح واستحلوا الدم والأرض، وفجروا المساجد وخربوا الأرض، ودورنا أن نصحح الأفكار المغلوطة، فالمعركة فى المقام الأول معركة فكرية. • لكن المعركة صعبة فى ظل سيطرة هذه الجماعة على عدد كبير من المساجد والمدارس؟ لم يستولوا على المساجد بل استولوا على كل شيء فى صنعاء، وتعاملوا مع المساجد بعدة أنماط، فالبعيد منها عن الرأى العالمى فجروه والقريب أفرغوه من محتواه وجعلوه مكانا لتخزين السلاح وخلاياهم الأمنية والعسكرية، ومساجد أخرى سيطروا على منابرها بأفكارهم العنصرية وعاثوا فسادا فى الأرض. • قلت فى تصريح سابق إنكم بصدد طباعة كتب لكشف حقيقة هذه الجماعة؟ فعلا طبعنا هذه الكتب ونعمل على طباعة كتب أكثر، ونأمل من وزارة الأوقاف فى مصر، لما لها من دور كبير وجهد مشكور، أن تتحفنا ببعض من منشوراتها القيمة، فقد اطلعت على عدة كتب، منها ما ألفه معالى وزير الأوقاف المصرى، كتب قيمة تدعو للاعتدال وثقافة التعايش وحب الوطن، ونأمل أن نتعاون مع وزارة الأوقاف المصرية. • وماذا عن الملف الخاص بشأن توثيق جرائم الحوثيين؟ نعمل عليه كمنظومة متكاملة فى الدولة تشارك فيه عدة وزارات معنية، منها وزارة الخارجية، ونعمل عليه لمقاضاة هذه الجماعة وحفظ حقوق الناس التى أهدروها، ولتعريف الآخرين بجرائم هذه الجماعة، وبالتالى الأراضى التى لا تزال تحت سيطرتها، وهى تعبث وتنهب دون وجه حق، وبهذا الملف نعيد لكل ذى حق حقه. • ماذا فعلتم بخصوص مسجد الصحابة الأثرى الذى دمرته هذه الجماعة ؟ هذه الجماعة تعمل طيلة الوقت ضد أى رمز دينى يتعارض مع مشروعها، كأنها تريد أن تجعل بلادنا بلا هوية وبلا رسالة وبلا تاريخ، إلا من كان تحت عباءتهم، خربت مسجدا أثريا قديما مبنيا من عهد الصحابة، وبالتالى هذه جريمة فى حق التراث وفى حق هويتنا كيمنيين، ولن نسكت على هذا الأمر. • ما جهودكم تجاه الشباب، خصوصا أن عددا من الواعظين التابعين لوزارة الأوقاف استقطبتهم جماعة الحوثى؟ هذه الجماعة تسجن وتعتقل من لم يسمع لها وينفذ ما تريد، فالناس تحت القهر والتشريد والعنف يغضون الطرف عن هذه الجماعة، نحن أمام مليشيا لا تقيم حرمة لأحد، بل تقتل دون هوادة. وهى ليست عدوا لفئة أو طائفة معينة فقط، بل عدو لنا كعرب وكمسلمين، هم يريدون تدمير المملكة العربية السعودية والمنطقة بالكامل. • رغم هذه التحديات الكبيرة، فإنك لا تزال متفائلا وقلت الأيام المقبلة تحمل انفراجة؟ نعم، لأنه وبفضل الله هناك هزائم متلاحقة لهذه الميليشيا وتقدم لنا، وإخواننا فى التحالف أدركوا خطورة هذه الجماعة وبإذن الله ستكون هناك انفراجات متتالية أكبر، وسأذكرك بذلك. • ما الإستراتيجية العامة لوزارة الأوقاف؟ لدينا ست قطاعات بالوزارة، أهمها قطاع الأوقاف والإرشاد وهو لحفظ أموال الوزارة وأموال الواقفين، وهو قطاع إذا أحسن استغلاله فهو قطاع استثمارى سيدر على الدولة وعلى الوزارة مشاريع ضخمة وهائلة ودخلا كبيرا. ولدينا قطاع المرأة، نحن نعتبر المرأة كل المجتمع، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقى "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق" فالاهتمام بالمرأة معناه الاهتمام بالمجتمع، فهى من تعلم الأجيال القيم، وتغرس فى نفوسهم التسامح ولا تحضهم على حمل السلاح لقتل الآخرين. • وماذا عن قطاع الحج والعمرة؟ نحن نعمل جاهدين على إصلاح كل القطاعات وتفعيل دورها، والفساد نكافحه بقدر الإمكان. أما عن فساد قطاع الحج والعمرة، فهذا الأمر ستتم مراجعته جيدا، خصوصا أننى توليت حقيبة هذه الوزارة منذ فترة قريبة، وعندى خطة لتطوير كافة القطاعات ومعالجة مواطن الفساد. • هل تم استرداد أراضى الأوقاف؟ تم استرداد بعض الأراضى، والبعض الآخر لا تزال قضاياه منظورة ونسعى لاستردادها. • سمعت أنكم فى اليمن تسعون لصياغة قانون تعدد الزوجات؟ ضحك قائلا: ليس قانونا، لكننا فى اليمن نؤمن بتعدد الزوجات فهى مسألة شرعية ولا نحرم ما أحله الله، طالما يتعلق بالضوابط الشرعية وبالأمور التى تتحرى العقل وعدم الميل لواحدة دون أخرى. • أفهم من كلام سيادتك أنك ممكن تتزوج مثنى وثلاث ورباع؟ ضحك قائلا : ولماذا هذا الفخ إذن؟ • لننتقل إلى وثيقة "الأخوة الإنسانية" ما دوركم فيها ؟ وثيقة الأخوة الإنسانية تهدف لنشر ثقافة السلام والمحبة والتعايش بين الشعوب، وفى الحقيقة كلنا إخوة فى الوطن والدين والإنسانية. • توليت الوزارة فى ظل ظروف عصيبة، إضافة إلى انتشار فيروس كورونا؟ الحمد لله الذى لم يجمع علينا عسرين فى اليمن، فأعداد الإصابات بفيروس كورونا فى اليمن قليلة مقارنة بالدول الأخرى، المساجد لم تغلق فى رمضان ووزارة الصحة تمدنا بعدد الإصابات، لكن عندنا ما هو أخطر من فيروس كورونا وهم جماعة الحوثيين. • وماذا عن تجديد الخطاب الدينى؟ المشكلة فى بعض الخطابات الرعناء والأساليب الخشنة والمفاهيم المتحجرة، لابد أن نجتهد جميعا فى القضاء على هذا الأمر، لأن القضية عامة فى تجديد الخطاب وعقلانيته، والخطاب المؤثر وخطاب التسامح. ونحن نتعاون مع وزارة الأوقاف والأزهر الشريف وهم ينظروا لليمن على أنه يمر بمرحلة خطيرة، ونأمل فى أن نقيم خطابا مشتركا لتأهيل الخطباء والدعاة عندنا لينشروا ثقافة التسامح والحب.