نسعى لأن يكون طالب العلم جزءا من مشروع «المفتى المواطن» اعتلاء المرأة منبر الإفتاء مقصد شرعى.. والخطاب الدينى متجدد بنفسه مع كل زمان ومكان الفتوى لا تؤخذ من وسائل التواصل بل من المفتي المعتمد من قبل الدولة الأممالمتحدة اعتمدت «وثيقة الأخوة الإنسانية» يشيد الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد مدير دار الإفتاء فى دائرة الشئون الإسلامية والعمل الخيرى بدبى وأبوظبي، بجهود مصر فى مكافحة الإرهاب المتطرف، مؤكدا دورها الرائد فى مختلف مجالات الثقافة والفكر، واصفًا الجماعات الإرهابية بأن لديها أيديولوجيات ورواسب فى أذهانها لا يمكن إزالتها إلا بالفكر والحوار البناء، وهو من أسس الإسلام الصحيح والهدف منه إيصال رسالة السلام للعالم كله، موضحا أن دولة الإمارات لديها العديد من المؤسسات التى تهتم بالحوار منها، «مجلس حكماء المسلمين». الدكتور أحمد الحداد هو أيضًا أحد أعضاء الهيئة التأسيسية لمجلس حكماء المسلمين، خبير مجمع الفقه الإسلامى التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى، ومن أوائل المفتيين فى دبى الذين نادوا بإطلاق مشروع المفتى المواطن، الذى بدأ تطبيقه بالفعل على أرض الواقع، كما نادى باعتلاء المرأة منبر الإفتاء، وهو ما تسبب فى إحداث سجال كبير فى المجتمع الإماراتى."الأهرام العربى" التقت مفتى دبى بالقاهرة، وكان هذا الحوار: • ما أهمية الحوار فى نبذ ثقافة العنف والفكر المتشدد.. وهل يمكن التوصل لصيغة للقضاء على هذا الفكر العقيم؟ أحسنت، سؤال مهم، هذه الجماعات الإرهابية لا يمكن أن تعالج أفكارها إلا بالفكرة فهى جماعة ذات فكر متشدد، والفكر لا يحارب إلا بالفكر، فلديها قناعات وأيديولوجيات ورواسب فى أذهانها كيف تزال هذه الرواسب؟ّ لا يمكن إزالتها إلا بالفكر والحوار البناء كمثل هذا الحوار والملتقى الذى أقامه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بتنظيم من وزارة الأوقاف وبرعاية الرئيس السيسي، أضف إلى أن هؤلاء الذين يتبنون الفكر الداعشى لديهم نصوص يستدلون بها لابد أن تتم معالجتها بالحوار البناء، وسيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنه وأرضاه عندما قام الخوارج على الإمام على وكفروه كيف حاورهم؟! حاورهم بالكلام الطيب وأقام عليهم الحجة، فرجع منهم الثلثان وبقى منهم الثلث، وقاتلهم سيدنا على حتى أفناهم، المهم هذا الحوار يؤتى بثمار طيبة، وينجح نجاح المقاصدية التى يدعو لها الإسلام من السلم والمسالمة والمحبة للآخرين. ومؤتمر حوار الأديان والثقافات بالقاهرة، جاء لإحياء رسالة الإسلام فى الدعوة إلى الله بالكلمة الحسنة، والجدال بالتى هى أحسن، ونشكر وزارة الأوقاف على دعوتنا لمشاركتها فعالياتها الدينية، وندعو الله أن ينفع به الناس أجمعين وتقام مثل هذه المؤتمرات متوالية بين الحين والآخر فى كل الدول. • هل يتم تطبيق محاور وتوصيات هذا المؤتمر على أرض الواقع.. أم مجرد مؤتمر تم عقده فقط؟ لا... فهذا المؤتمر نتج عنه توصيات وبيانات يتم تفعيلها فى الواقع، وهذا الواقع ينعكس أمنا وسلاما على المسلمين أجمعين بقدر إخلاص نيات الدعاة الذين سمعوا إلى مثل هذا الحوار، وأكدوا على أن الحوار أساس من أسس الإسلام، لابد من إحيائه بين الشعوب فى مختلف العالم، ونحن نهدف فى الحوار إلى إيصال رسالة الإسلام، وهذا ما نسعى إليه من خلال المؤتمرات الدينية وغيرها، وما تقيمه دولة الإمارات العربية المتحدة من إنشاء مؤسسات رسمية ومجلس حكماء المسلمين، أثرت تأثيرا بالغا فى توضيح صورة الإسلام، واحترام كل الأديان والرسائل السماوية. • شددتم على وجود مجلس اتحادى للإفتاء فى دولة الإمارات.. فما الهدف منه إذن؟ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعى يعتبر مجلس إفتاء وليس مختصا بالحوار بل المختص بالحوار عندنا مجلس حكماء المسلمين ومنتدى السلم، وهو مجلس يسأل فى القضايا العامة والخاصة التى تحتاج إلى حكم الشرع فى بعض المسائل النازلة وهو متخصص فى هذا الجانب وليس الحوار، ويترأسه الشيخ عبدالله الأبى، هذا الرجل العلامة والإمام المجتهد الذى له باع كبير فى الفكر وسائر المعارف الإسلامية. • اقترحتم مشروع المفتى المواطن فى دبى.. كيف يتم تدريب المواطنين على هذا الأمر؟ من خلال خريجى كلية الشريعة حيث تقام لهم مناهج يدرسون من خلالها، إذا تمكنوا منذ ذلك وعندنا مفتيين ومفتيات يقومون بالفتوى كما عندنا واعظات، ونحن نسعى لإيجاد جيل من العلماء المواطنين القادرين على القيام بأمانة الفتوى للمسلمين، ونسعى لأن يكون طالب العلم جزءا من هذا المشروع، خصوصا وأن المشايخ الفضلاء الموجودين حاليا تقادم بهم السن فكان لزاما علينا إيجاد خلف صالح يقوم بالمهمة وليس أجدر من أن نعد كوادر وطنية مؤهلة للإفتاء، لحاجة المجتمع إلى ذلك، وأبناء البلد هم أدرى بأعرافه وهموم أهله. • لكن إعداد "المفتى المواطن" أمر بالغ الصعوبة.. فضلا عن أن المجتمع الإماراتى يحتوى أجناسا عديدة؟ نعم سؤال جاء فى محله، وأوضح لك أن المفتى يختلف عن الداعية، فهو يخبر عن الأحكام الشرعية التى يتضمنها الشرع الإسلامى وليس مجرد حافظ لكتاب الله أو واعظ، لذلك هو يقدم الفتوى نقلا عن الأئمة مستشهدا بالأدلة، المفتى سابقا كان يجتهد فى الفتوى، اليوم تشعبت العلوم الإسلامية والمعرفية وتأتى الفتوى نتاجاً للتشاور، ويشترط فى المفتى أن يكون حافظا لآيات الأحكام وليس كل القرآن الكريم، حتى يكون لديه الدليل فى النصوص الشرعية، الذى يرجع له ليستدل به، ونحن لن نترك الأمر بل نقوم بتدريبهم وتعريفهم بمنهج إفتائى تم اعتماده أخيرا، ومن أكثر الأمور التى تحتاج للفتوى عندنا ما يتعلق بالأسرة من نكاح وطلاق وحقوق زوجية ثم فقه العبادات والمعاملات خصوصا المعاملات المالية. • ناديت باعتلاء المرأة منبر الإفتاء وأحدث ذلك سجالا فى الشارع الإماراتى تباينت فيه الآراء ما بين مؤيد ومعارض، فكيف تعاملت مع هذا الأمر؟ فعلا دار جدل واسع النطاق لكنى أرى أن هذا مقصد شرعى، الله عز وجل يقول: "المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"، والمرأة مفتية وداعية وقاضية، تعرف جيدا البت فى قضايا الأحوال الأسرية ومن ذلك جاء هذا الجانب الدعوى والإفتائى، خصوصا أن المرأة اعتلت جميع الجوانب منها الشرطى والعسكرى. • ما تعليق فضيلتكم على "هوجة" فتاوى وسائل التواصل الاجتماعى التى تزايدت معدلاتها أخيرا بشكل لافت للنظر؟ وسائل التواصل الاجتماعى لا يجوز أن يؤخذ منها فتوى لأنه يدخل فيه من بأهله، ومن ليس بأهله.. الفتوى لا تؤخذ من وسائل التواصل، بل تؤخذ من المفتيين المعتمدين من قبل الدولة، والذين يؤخذ قولهم حجة على الغير، أما التواصل الاجتماعى فهى ثقافات، وقد يكون من غير متخصصين وتكون مغرضة أحيانا، ولا يجوز أن تكون الفتوى بهذه السهولة من "تويتر" أو "فيسبوك". • طالبت بتشريع إعلامى يضبط إصدار الفتوى ويجرم من ليس أهلا لها؟ طبعا لا يجوز إصدار فتوى إلا من عالم له صلة بعلوم الدين وله صفة نظامية من قبل الدولة وولى الأمر، فولى أمر الدولة من مهامه أن يعين المفتيين الذين يرشدون الناس على الخير والرشاد ليمنعوا الفساد عن الناس. • نود التعرف على جهودكم فى تجديد الخطاب الدينى؟ الخطاب الدينى متجدد بنفسه مع كل زمان ومكان، فخطابنا فى العصور القديمة غير خطابنا الآن، نحن اليوم نخاطب الشرق والغرب ومن يعرف ومن لا يعرف، نخاطب الناس بأن إسلامنا عالمى ودين حضارة، ومحبة للآخرين. • شاهدنا فى الآونة الأخيرة محاولات الإساءة لرسول الله محمد.. ما جهود العالم الإسلامى فى التعامل معها؟ هذا بسبب عدم إيصال الحوار إليهم، معنى أنهم جهلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما جهلوه أساءوا إليه، وهم فى الحقيقة يسيئون إلى أنفسهم، لذلك مجلس حكماء المسلمين أقام دعوى قضائية فى فرنسا لمحاربة مثل هذا الاستفزاز الدينى لأكثر من 7 مليارات مسلم، إن صح التعبير ما يفعلونه تدنى فى الأخلاق وعدم النظر فى عواقب الأمور التى تنتجها مثل هذه الرسوم السيئة التى تسيء للأديان، والأمم جميعها تقدس الأديان السماوية. • "وثيقة الأخوة الإنسانية" هل تم تطبيقها على أرض الواقع؟ هذا ما نسعى إليه جاهدين، بابا الفاتيكان اعتمدها وكذلك الأممالمتحدة، وقد وقعت عليها جميع الطوائف من كاثوليك وبروتستانت ومسيحيين وبوذيين، كذلك أقامت دولة الإمارات المجمع الإبراهيمى الذى يضم الكنيسة والمعبد من أجل تحقيق أحد أهداف الوثيقة، كما نثمن زيارة بابا الفاتيكان للعراق وربما تكون الزيارة الأولى من نوعها وجاءت فى وقت هم فى أشد الحاجة إليها من قداسته، فهى امتداد لوثيقة الأخوة الإنسانية التى أعدت عام 2019، ونشكره على هذه الزيارة التى سعى فيها للتأليف بين طوائف العراق التى تتناحر منذ أكثر من 10 سنوات. • من أشهر الفتاوى التى أطلقتها فتوى تجرم التعامل مع البورصات العالمية؟ البورصة العالمية لها أحكامها قد تكون صائبة وغير صائبة وكل إنسان عليه أن يتعامل معها وفق الشريعة الإسلامية، والبورصة فيها الحلال وفيها الحرام، وما ينفع الناس وما يضرهم وعلى كل من يتعامل فى البورصة أن يتعامل بعلم وفهم. • كيف تثمن تجربة مصر فى مكافحة الإرهاب؟ مصر رائدة فى هذا المجال وكل مجالات الثقافة، ومؤتمر حوار الأديان والثقافات أثرى تجربة مصر من أجل كسر شوكة الإرهاب وإيصال رسالة سماحة الإسلام إلى طوائف المختلفة، مصر عانت من الفوضى التى خلفتها الجماعات الإرهابية، لذلك كان لابد أن تكسر هذه الفوضى بمثل هذا الحوار البناء لابد أن تحفظ دماء شهدائها من الشرطة والجيش الذين وقفوا على قلب رجل واحد لمكافحة هذا العدو الظلامي.