هل يحصل المتعافي من فيروس كورونا على اللقاح أم لا؟ سؤال راود كثيرًا من المتعافين بفيروس كورونا، بعد أن اعتقدوا أن من تعافى من مرض كوفيد-19 لا يحتاج إلى تطعيم، فالمناعة التي يطورها الجسم بعد الإصابة بالفيروس ما هي إلا مؤقتة ولابد من تعزيزها بالتطعيم، وهذا ما توصل إليه فريق أمريكي من مركز سيدار سيناء، إلى إجابة بإجراء تجارب على لقاحي "فايزر - بيونتك". ونظرًا لندرة اللقاحات، اعتمدت "السياسة التطعيمية" المتبعة في عدد من دول العالم على استثناء شريحة المتعافين مبدئيا ومؤقتا، مراهنة على أن طاقة هؤلاء المناعية باقية ل"أشهر" إلى حين توفر مزيد من اللقاحات، ولكن هناك إجماع بين الخبراء أن المتعافين من فيروس كورونا المستجد، طوروا مناعة عالية ضد الفيروس، وبحسب دراسة نمساوية فإن خطر الإصابة بالفيروس التاجي مجدداً ينخفض إلى غاية الشهر الخامس بعد الإصابة، ومعدل المناعة يكون بحدود 91% وهي نسبة توازي نسبة الحماية التي تقدمها بعض اللقاحات كلقاح فايزر- بيونتيك. مليار و 460 ألف جرعة وبهذا الصدد يحدثنا الدكتور عبد العظيم الجمال أستاذ المناعة والميكروبيولوجي بجامعة قناة السويس، مع شدة وطأة وانتشار الموجة الثالثة من وباء Covid-19, تتسابق دول العالم في تلقيح أكبر عدد ممكن من مواطنيها ولكن يظهر جليا العجز في توفير عدد كاف من جرعات اللقاح لتلقيح كل المواطنين، وقد بلغ عدد جرعات اللقاح التي تم استخدامها حول العالم إلى ما يقرب من مليار و460 ألف جرعة، وحيث إن عدد سكان العالم يتقارب من 8 مليارات نسمة فنحن ما زلنا بحاجة إلى مليارات الجرعات من اللقاحات لتطعيم جميع المواطنين حول العالم، متسائلا: هل المتعافون من الإصابة بوباء كورونا بحاجة إلى التلقيح أيضا؟، فالمتعافون من الوباء عادة ما يكتسبوا مناعة أولية ضد الفيروس، لكنها تبقى أولية وتستمر لفترة قصيرة أي أنها تختفي مع الوقت، على الرغم من ذلك وبسبب قلة عدد جرعات اللقاحات المتاحة، اعتمدت السياسة التطعيمية المتبعة في عدد من دول العالم على استثناء المتعافين مؤقتا من التلقيح، اعتمادًا على المناعة المكتسبة لديهم ضد الفيروس والتي قد تستمر لعدة أشهر. ماذا عن مناعة المتعافين من وباء Covid-19؟ ويشيرعبد العظيم، أن الكثير من خبراء المناعة حول العالم، أكدوا أن المتعافين من فيروس كورونا تتكون لديهم مناعة عالية ضد الفيروس، ووفقًا لدراسة أجريت في النمسا، فإن خطر الإصابة بالفيروس مرة أخرى يقل حتى الشهر الخامس بعد التعافي من الفيروس، حيث يكون معدل المناعة المكتسبة مازال قويا ويقارب ال 90%، وهي نسبة تتقارب مع المناعة المكتسبة من بعض اللقاحات المعتمدة مثل لقاح فايزر- بيونتيك الشهير، منوهًا بأن المناعة المكتسبة من العدوى تختلف من شخص لآخر، ومع الوقت يقل إنتاج الأجسام المضادة لدى المتعافين، بسبب انخفاض "المناعة الخلطية" التي تقاوم وتمنع تسلل الفيروسات إلى الخلايا. الاستجابة المناعية المكتسبة من العدوى وتابع: أن العلماء المختصين أكدوا أن الاستجابة المناعية المكتسبة من العدوى تقل بسرعة و تكون ضعيفة جدا كلما كانت الإصابة والعدوى خفيفة وبأعراض بسيطة، لافتًا أن الجهاز المناعي يعتمد على "الخلايا الليمفاوية التائية"، T-Lymphocyes: وهي خلايا تستحضر المعلومات المخزنة من العدوى الأولى، وذلك لا يقتصر فقط على تجربتها مع "بروتين سبايك" المتواجد على سطح فيروس كورونا، والذي يمنح الفيروس الشكل التاجي وهو المسئول عن تنفيذ عملية ارتباط الفيروس بالخلايا البشرية وغزوها بينما تستحضر "الخلايا الليمفاوية التائية"، أيضاً تجربتها السابقة مع الطبقات الأخرى السطحية لفيروس كورونا لتسارع في مقاومته والتغلب عليه. رد الفعل المناعي واستكمل: فنظرا لقلة جرعات اللقاح المتاحة عالميا، ولتجنب رد الفعل المناعي المفرط لدى المتعافين من الفيروس، ينصح الأطباء المتعافين بأخذ اللقاح بعد حوالي ستة أشهر من الإصابة بالعدوى، حيث أكدت خبيرة الفيروسات الألمانية الشهيرة زاندرا سيساك في لقاء خاص بمحطة NDR أن ردد الفعل لدى المتعافين بعد أخذ اللقاح عادة ما يكون قويا جدا وخطيرا مقارنة بالباقين، لأن الجسم تعرف فيما سبق على الفيروس وبالتالي فإن رد الفعل المناعي يكون قويًا. جرعة واحدة تكفي واستطرد: خبراء مناعة آخرون أكدوا أيضا، أن جرعة واحدة من اللقاح تكفي لتلقيح المتعافين و ليس جرعتين كما في حالة غير المصابين بالفيروس، علماً بأن غالبية اللقاحات المطروحة هي من جرعتين، باستثناء لقاح "جونسون أند جونسون" الذي يعتمد على جرعة واحدة، وقد أكد معهد روبرت كوخ الألماني الشهير أن جميع اللقاحات المصرح بها في أوروبا يمكن للمتعافين الاستفادة منها و استخدامها دون قيود. تكرار العدوى ومن جانبه يرى الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن تكرار العدوى بفيروس كورونا محتمل، وربما يسبب مضاعفات طبية خطيرة، وأن أخذ اللقاح قد يوفر بعض المناعة من تكرار العدوى بالفيروس المسبب ل"كوفيد 19"، لكن مدة استمرار هذه الحماية غير معروفة، لذلك من الأفضل لمن أصيبوا سابقًا بكوفيد 19 أن يأخذوا اللقاح، موضحًا في حالة العدوى الحديثة ب"كوفيد 19"، يؤجل التطعيم لمدة 90 يومًا. وأكد أن تركز تجارب لقاحات كورونا على الأشخاص الذين لم يتعرضوا للإصابة بالفيروس من قبل، لذلك ليس معروفا بعد كيف يمكن أن يتفاعل المتعافي من الوباء مع اللقاح، مؤكدًا أن لا دليل على أن اللقاح غير آمن للأشخاص المتعافين من كورونا، فضلا عن أن اللقاح يحفز إنتاج أجسام مناعية مضادة بمستويات عالية في الجسد، بما يساعد على الحماية من كورونا لفترة أطول. المناعة ضد عدوى فيروس كورونا تختلف بين الأفراد وأكد بدران، أن المناعة ضد عدوى فيروس كورونا تستمر من 3- 6 شهور ، ونادرا 8 شهور بعد الشفاء من المرض، كما أن المصابين يكتسبون أجساما مضادة وخلايا ذاكرة وخلايا تائية وخلايا مناعية قاتلة للفيروسات وحتى الخلايا المريضة، لافتًا إلى أن هذا الفيروس غامض ومحير، ولا أمان له، فبينما يمكن للبعض اكتساب مناعة ضده، نجد بعض المصابين لا يكتسبون مناعة مطلقا، أو يكتسبون مناعة قصيرة الأمد، أو تكون لديهم مناعة مكتسبة لكن غير كافية للحماية، ومازالت "التدابير الوقائية" هي الحل للحماية من أي سلالة حالية أو مستجدة لفيروس كورونا. كم تطول المناعة المكتسبة من العدوى بفيروس كوفيد -19 ؟ وعن مدة المناعة المكتسبة من العدوى بعد الإصابة بالفيروس، يقول الدكتور مجدي بدران، إن المناعة المكتسبة من العدوى بالفيروس قصيرة الأمد، قد تستمر بضعة أسابيع وغالبا ما تختفي بعد خمسة أو ستة أشهر، وهذا يفسر لنا تكرار العدوى بالفيروس مرتين أو ثلاث مرات، مشيرًا أن 90% من المتعافين من فيروس كوفيد-19 لديهم مستويات معتدلة إلى عالية من الأجسام المضادة، وتصل نسبة المرضى الذي لديهم مستويات منخفضة من مضادات الأجسام المناعية، و 22.7% لديهم مستويات معتدلة و70.4 % لديهم مستويات عالية.