أساطير كثيرة تدور حول القطط التي قدسها المصريون القدماء وجعلوا لها إلهة اسمها "باستيت"، وأيضًا في اليابان القديمة التي حصلت على اسم "إينيكو"، وعلى مر تاريخ الدولتين استخد الناس القط لحراسة صوامع الغلال والأرز مع الفئران، وكان لا يخلو احتفال الحصاد من وجود القط، ورغم أن القط الفرعوني "مياو" سمعته عالمية إلا أن المصريين في العصر الحديث يفضلون اقتناء القط الشيرازي، في حين أصدر باحث ياباني اسمه "إيوازاكي إيجي" كتابًا يبحث في تاريخ القطط ببلاده والأساطير المرتبطة بها جاء بعنوان "وانيكو نو أشيئاتو" أو "تتبع القطط اليابانية"، ويتحدث عن الروابط العميقة بين الناس والقطط في اليابان، كما ورد في الموروث التقليدي عن القطط في جميع أنحاء البلاد. أساطير القطط باليابان القديمة يقول إيوازاكي في كتابه إنه عندما بحث بالوثائق القديمة فوجئ بعدد الأماكن التي ورد بها ذكر أساطير عن القطط، ومع ذلك فإن الإنترنت مليء بالمعلومات المجتزئة والمغلوطة، مضيفًا أنه "قرر ترك سجل دقيق للأجيال القادمة، ولهذا السبب بدأت جولتي". حيث بدأ زيارة المواقع التاريخية ذات الصلة بالقطط بعد فترة وجيزة من حصوله على الدكتوراه. وأمضى أسبوعًا في التجول في الأضرحة والمعابد ذات الصلة بالقطط التي تعرف عليها من الإنترنت أو من الكتب الإرشادية. ومنذ ذلك الحين، زار 100 موقع من هذا القبيل في جميع أنحاء اليابان. وعن تفاصيل نتائج بحثه يقول إن "محافظة نيغاتا على وجه الخصوص، والتي تضم أكبر عدد من المزارات في اليابان، بها الكثير من التراث الشعبي للقطط. إنها أكبر منتج للأرز في اليابان، لذا قد يكون لخطر الفئران علاقة بهذا الأمر. على سبيل المثال، يُعرف ضريح نانبو جينجا في ناغائوكا أيضًا باسم نيكوماتا غونغين، مع إشارة نيكو في الاسم إلى القطط. يرحب تمثال حجري لقط بالزوار، وعندما كانت زراعة الحرير أكثر شيوعًا، جاء الناس إلى هنا للصلاة من أجل حماية ديدان القز ومحاصيل الأرز من الفئران. ويوجد في جميع أنحاء اليابان تراث مشابه، لكن بعض المناطق بها تركيز أكبر بكثير من الأخرى". ويضيف الباحث الياباني أن "إحدى الأساطير الأكثر شيوعًا في منطقة توهوكو هي أسطورة نيكو دانكا، أو قطة المعبد. وتدور أحداث القصة على النحو التالي، في أحد الأيام كان لدى راهب في معبد فقير قطة. ثم في ذات يوم، اختفت القطة. وجاءت القطة إلى الراهب في المنام وقالت: ليس بعيدًا عن هنا، توجد جنازة في منزل رجل ثري. سوف أتسبب في بعض المشاكل هناك. قل هذه التعويذة، وسوف أتوقف. عندما تفعل ذلك، ستدفع لك عائلة الرجل الغني أجورًا جيدة، وسيزدهر المعبد. وكما وعدت القطة، أصبحت القوى الروحية للراهب مشهورة، وازدهر المعبد". ويشرح إيوازاكي أن مساعدة القطط للبشر هي موضوع شائع في مثل هذه الحكايات، مؤكدًا أن محافظة ناغانو بها وفرة من الأساطير المرتبطة بالكارانيكو، أو القطط الصينية. وتلك التي بقيت في المنطقة المحيطة بضريح كارانيكو جينجا مشهورة بشكل خاص. وتقول الأسطورة أن شخصًا ما استعار قط كارانيكو لأحد الجيران للتخلص من جرذ وحشي. وكانت القطة كبيرة بما يكفي لمحاربة الجرذ العملاق حتى الموت". # حكايات مصرية في مصر القديمة كان للقط حكايات أيضًا، فكان اسمه المتعارف عليه "مياو" وهو اسم صوت القط لدي جميع شعوب الأرض، ما يعني أن المصريون كانوا سباقين في استئناس القط وتقديسه، حيث تعايش مع البشر وظل رفيقه طيلة الزمان. وبحسب عدد من المؤرخين، فإن المصري القديم، كانت له علاقته الخاصة جدًا بالحيوانات، وبخاصة القطط، الأمر الذي مثل قتل قطة في مصر القديمة بأنه يستوجب عقوبته الموت، حتى لو كان هذا القتل خاطئ! ويحكي المؤرخ Diodorus Siculus عن قصة رجل روماني قتل قطة في مصر بالخطأ، فانقض عليه الناس وقتلوه، رغم أن الملك شخصيًا تدخل محاولًا إنقاذه (خوفًا من احتمالية انهيار العلاقات الدبلوماسية مع روما والدخول في حرب معها) ولكن الناس لم تبال لا بمخاوف الملك ولا باحتمالية الحرب. وفي مصر منذ القدم لطالما زخر الفلكلور الشعبي بالقصص التي قد يراها البعض غريبة فيما يؤمن بها البعض الآخر، وإحدى تلك القصص هي عن أرواح التوائم التي تتجسد ليلاً في شكل قطة بلا ذيل متجولة في الشوارع للبحث عن الطعام، ويبدو ذلك أمراً لا يصدق بالفعل. ورغم أن رجال الدين أفتوا بأنها مجرد بدعة وخرافة، وقد وردت الفتوى في أكثر من موضع، إلا أن هناك من يؤمن بتلك الحكايات حد اليقين خاصة في صعيد مصر. وفي دراسة علمية قدمتها الدكتورة نهلة إمام الباحثة في الفلكلور والمعتقدات الشعبية بأكاديمية الفنون، قالت إن هذا المعتقد من المعتقدات الكاسحة في صعيد مصر، كما أنه يسري في شمال السودان أيضاً حيث يسود اعتقاد بتحول التوائم إلى «كدايس» أو «قطط». وطالبت إمام في دراستها بإلقاء الضوء على مثل تلك الظواهر، حيث تعتبر دراستها هي الوحيدة في هذا الشأن، مضيفة في دراستها أن الطفل المتحول ينجذب أكثر لرائحة أنواع معينة من الطعام التي لابد أن يحصل على جزء منها وإلا وقع مريضًا. وتضيف الدكتورة نهلة إمام أنه من خصائص هذا الاعتقاد أن أحد الطفلين فقط هو الذي يتحول ليلاً، ويحاول إغراء توأمه بالخروج، إلا أنه قلما يفعل، ويقع على الأم دور كبير في إعداد الطعام الشهي للتوأم قبل النوم، والتشديد عليهما بعدم الخروج ليلاً، مشيرة إلى أن معظم عينات الدراسة ذكروا أنهم يتحدثون لغة القطط، ويفهمون بعضهم البعض، حتى إن بعض التوائم يخططون للالتقاء ليلاً ويحددون لون القط الذي ستلبسه الروح، ويتجولون ليلاً في مجموعات تحوي ذكوراً وإناثاً بالطبع من القطط، على عكس المتبع في صعيد مصر. القطط فى الأمثال الشعبية وظل القط يلعب دورًا فى حياة المصريين، حيث استخدم فى الأمثال الشعبية، مثل "زى القط بسبع أرواح"، والتى تطلق على الشخص الذى لم ييأس ولا يعوقه أى شىء حتى إصابته بجسده. ومثال "زى القطط ياكل وينكر" الذى يطلق على الشخص الناكر للجميل والمعروف، ومثال آخر "إن غاب القط إلعب يافار" الذى يذكر عند استغلال البعض غياب الشخص رئيس العمل بعدم تنفيذ الوجبات. أساطير ياسابورو القديمة ونيكوماتا نعود للأساطير اليابانية حيث يقول الباحث إيوازاكي إيجي، إن "واحدة من أشهر الأرواح في نيغاتا هي ياسابورو با، أو ياسابورو المرأة العجوز، وهي شيطان آكل للإنسان اتخذ شكل امرأة عجوز. وفي منطقة توهوكو، كان الناس منذ فترة طويلة يحاولون تخويف أطفالهم حتى يكفوا عن شقاوة الأطفال المعتادة بقصص يوكي أونّا، أو امرأة الثلج التي تأتي لأخذ الأطفال الذين يصدرون ضوضاء في الليل، ولكن في نيغاتا كانت التهديدات تدور حول ياسابورو با بدلًا من ذلك. وتقول الأساطير إنها كانت أم حداد رئيسي كان يعمل في ضريح ياهيكو في شمال نيغاتا، ولكن عندما خسر ابنها منافسة مع نجار، حوّلها غضبها إلى شيطان". ووفقًا للباحث تربط أسطورة أخرى هذا الشيطان الوحشي بالإلهة ميوتارا تين، التي يتم تكريمها في المعبد القريب هوكوئين. وتروي القصة أنه كانت هناك امرأة عجوز في جزيرة سادو تحب القطط. وذات يوم، عندما كانت تتدحرج على الرمال وتلعب مع قطة، تحولت إلى باكينيكو، أو وحش في هيئة قطة، وتوجهت نحو جبل ياهيكو. وعندما وصلت إلى هناك، جلبت الدمار للقرويين الذين حاولوا قتلها. وفي النهاية، بدأ الناس يعبدون المرأة العجوز باسم ميوتارا تين لأنه يمكن نطق الحرف الذي يعني قطة ميو أيضًا. ويضيف أن هناك بعض الأساطير المدعومة بالسجلات الرسمية، في قرية ناكانوماتا بمحافظة نيغاتا، موضحًا أن "هناك قصة شهيرة عن قروي قوي، أوشيكي كيتشيجورو، الذي كان قادرًا على هزيمة قطط يوكاي أو وحوش في هيئة قطط تسمى نيكوماتا. وفي الواقع، تصف وثيقة رسمية من عام 1683 الإبادة، ذاكرة أن القطة الواحدة تضاهي حجم العجل، وتم الاحتفاظ بالسيف الذي استخدمه أوشيكي في متحف محلي". ويقول إيوازاكي إن هذه القصة قد تكون مرتبطة أيضًا بأسطورة نيكوماتا تُروى في المنطقة المحيطة بجبل فوجي، وأن "هناك أسطورة مرتبطة بجبل نيكوماتا في وادي كوروبي بمحافظة توياما. اسمها فوجي غونغن، وهو مظهر من مظاهر بوذا كإله شنتو، الذي كان غاضبًا من نيكوماتا وأخرجه من جبل فوجي، لذلك جاء للعيش على جبل نيكوماتا. وبدأ يسبب المتاعب، حتى أقدم على التهام السكان المحليين. وتقول القصة أن مجموعة من الصيادين حاصروا مخبأ القط على الجبل وحاولوا القضاء عليه، لكنه استطاع الهرب منهم بطريقة ما. ويمكن أن تكون هذه النيكوماتا قد هربت إلى نيغاتا وبدأت في أكل الناس في ناكانوماتا حتى هزمها أوشيكي. وكلما تعمقت في البحث، وجدت روابط أكثر بين القصص التي يتم سردها في كل منطقة. ولا يزال البحث لم ينته بعد، لكني أحب إثارة كشف الألغاز الحقيقية". قطط عصر إيدو لكن يبدو أن أساطير القطط منقسمة بين أولئك الذين يساعدون ويعيدون الخدمات لأصحابها مثل نيكو دانكا، والوحوش مثل نيكوماتا التي تهاجم الناس. كانت فكرة القطط الوحشية شائعة بشكل خاص في عصر إيدو (1603-1868م). وعنها يقول الباحث إن "هناك أشياء يمكن أن نستنتجها من الأدلة الغذائية". وتتطلب القطط تناول سعرات حرارية يومية تعادل حوالي عشرة فئران. كما تحتاج القطط إلى الكثير من البروتين وتشعر سريعًا بالجوع. وإذا جاعت بدرجة كافية، فسوف تقدم على أكل أي نوع من اللحوم. وفي عصر ما قبل الحداثة، ربما كان الناس خائفين بعد مشاهدة قطط تتضور جوعًا تأكل جثثًا بشرية، وربما كان هذا هو أصل أساطير القطط الوحشية". وهناك طرق أخرى لظهور أساطير القطط الشيطانية وفقًا لكتاب الباحث الياباني، نظرًا لأن القطط حيوانات آكلة للحوم بشكل طبيعي، فهي ليست مغرمة بشكل خاص بالنشويات مثل الأرز، الذي كان الطعام الأساسي التقليدي في الأيام التي كان فيها تناول اللحوم أمرًا مستهجنًا لأسباب دينية باليابان القديمة. ويقول إنه "في فترة إيدو، كان الناس يستخدمون زيت السمك في الفوانيس، ومن المحتمل أن تكون رؤية القطط وهي تقف على أرجلها الخلفية في الظلام وهي تلعق الزيت من الفوانيس قد تسبب في إثارة بعض الخوف أيضًا". كما كان هناك وقت خلال فترة إيدو أصبحت فيه القطط ذات قيمة كبيرة، وأنه "في المناطق ذات مزارع الحرير المزدهرة، تم تداول القطط كأدوات قيمة للحفاظ على ديدان القز في مأمن من الفئران. هناك سجلات تُظهر أن الحصان كان يساوي واحدًا من العملات الذهبية القياسية، بينما كانت القطط تساوي في بعض الأحيان 5 عملات". تماثيل قطط جلب الحظ وأصبحت تماثيل مانيكي نيكو أو "قطط جلب الحظ" وكفوفها المرفوعة لجذب الناس وتحقيق الازدهار للأعمال التجارية لأول مرة شائعة خلال فترة إيدو أيضًا، ولكن لا يوجد تفسير واحد محدد لأصلها. ويشتهر معبد غوتوكوجي، وهو معبد في حي سيتاغايا بطوكيو، بصلته بتقليد مانيكي نيكو. وكان ذات يوم معبدًا فقيرًا يُعرف باسم كوتوكوئين. ثم، منذ فترة طويلة، وجه قط الراهب الأساسي بالمعبد الراهب إئي ناووتاكا، وهو إقطاعي مهم من شوغون توكوغاوا، وجذبه هو وحزبه من الصقور إلى المعبد. وبعد فترة وجيزة، ضربت عاصفة رعدية عنيفة. وشعر الراهب بالسرور لتجنب الكارثة. وحماية المعبد لعائلته ليزدهر تحت رعايته. ويوجد في المعبد اليوم قاعة تسمى شوفوكودين حيث يقدم المصلون تماثيل قرابين في هيئة مانيكي نيكو المبتسمة، والتي يمكن رؤيتها هناك بأعداد كبيرة. حكايات القط "مياو" مع ملوك مصر القديمة ظهر القط المصري "مياو" في لوحة بردي تعود تاريخها لعام 1100 قبل الميلاد يظهر بها "رع" علي شكل قط مرقط يقطع رأس ثعبان الشر "عبب"، وفي عام 1580 عثر علي نص من بردية غير مكتملة مذكور بها " أنا القط الذي حاربت بالقرب من الشجرة المقدسة في هليوبوليس في الليلة التي تم فيها تدمير خصومي". ويختص "مياو" بخصائص فريدة تميزه عن جميع أنواع القطط المعروفة منذ القدم حتى وقتنا الحالي وهذا ما لفت إنتباه أجدادنا إليه، وفي مقبرة تم اكتشافها في مصر الوسطي عثر بها علي عدد 80000 قط "مياو" محنط عام 1888. وتذكر المصادر التاريخية أن تحتمس الإبن الأكبر للملك إمنمحات الثالث والملكة "تي" من الأسرة 18، كان شديد التعلق بالقطط المصرية، حيث امتلك مجموعة من قطط "المياو" كان أبرزها وأحبهم إليه قط يدعي " تا مياو " وكما رافقه في حياته فقد عثر عليه في مقبرته محنطًا إلي جانب الأمير الصغير في تابوت مزخرف. وقد توصل الأثريون لوجود مدينة مقدسة للقطط اسمها "بوباستيس" شرق مدينة الزقازيق الحالية بمحافظة الشرقية، حيث اكتشفت أطلال من الجرانيت الأحمر لمدينة مقدسة خصصت لعبادة الإلهة "باستيت". وحديثًا ظهر القط مياو لأول مرة في الدول الأوروبية بأعداد كبيرة أخذت من موطنها الأصلي مصر قبل الحرب العالمية، ومثله تماما مثل الآثار التي سرقت خلال هذه الحقبة، فكما لم يعرف المصريين قيمة المحافظة علي آثار الماضي، فقد رأي الأوروبيين في روح هذا القط قلبا ينبض بالحياة "العنخ" وصوتا رخواً ما زال ينطق متنغماً بإسم الحضارة المصرية التي لم يبقي منها سوي شواهد صماء. وللأسف قتل العديد من قط المياو المصري أثناء أحداث الحرب العالمية وما تبقي منها تم تهجيره إلي إيطاليا آن ذاك. وتذكر المراجع التاريخية أن الأميرة الروسية "ناتالي تروبيتسكوي" التي تم نفيها في روما قد حصلت علي أحد هذه القطط وأسمته "بابا" وفي عام 1956 انتقل هذا القط بصحبتها إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية واثنين آخرين من قطط المياو، وتذكر المصادر أن الأميرة استطاعت الحصول علي عدد من فصيلة القط مياو عبر السفارة المصرية. بعدها وبوقت قصير وبمساعدة الأميرة الروسية تم تسجيل فصيلة المياو في جمعية محبي القطط 1968، ومن ثم انضمت الفصيلة إلي جمعية القطط الكندية. وفي عام 1972 فاز قط المياو البرونزي المملوك للأميرة ببطولة القطط الكندية كأول قط مصري وذلك لذكائه وسرعة البديهة التي يملكها التي تفوق كل أنواع القطط الأليفة المعروفة. وحاليًا يبلغ سعر قط المياو المصري ما يعادل حوالي 20 ألف جنيه في الدول الأوروبية كحيوان مستأنس وبذلك فهو ثاني أغلي قط في العالم.