حسن تربية الأطفال هو المسئولية الأولى للأبوين، لأن ذلك هو اللبنة الأولى لبناء المجتمع واستقراره، و من أهم جوانب هذه التربية إعداد الفتاة لتصبح أما صالحة، لأنها بدورها ستضحى مسئولة عن مستقبل الأسرة، ومن ثم صلاح المجتمع، وفى ظل العديد من السلوكيات الخاطئة والأحداث المفجعة التى تشهدها الحياة المعاصرة من جانب بعض الفتيات و الشباب لاسيما على التطبيقات الحديثة مثل التيك توك وغيرها، وفى ظل أيضا العديد من حالات الإهمال والتسيب التى ارتكبتها أخيرا بعض الأمهات تجاه أطفالهن ما نتج عنه الكثير من الكوارث العائلية كوفاة الصغار، فى ظل ذلك كله أصبح من الضرورى العودة إلى التمسك بالتعاليم الدينية والقيم المجتمعية النبيلة فى التربية بالنسبة للذكور والإناث على السواء، وفى عيد الأم نتناول تربية " أمهات المستقبل" منذ نعومة أظافرهن كى نستعيد استقرار الأسرة ودفئها . حول ذلك يقول د. عاصم عبد المجيد حجازى أستاذ علم النفس التربوى المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة إنه من المهم الانتباه جيدا إلى أن تماسك الأسرة يعتمد بشكل كبير على الأم التى تمثل عمود البيت وقوامه وتمثل لأبنائها الحماية والدفء والحنان والعطف والمشورة والنصيحة، وإلا لن يتمتع الأبناء بالنمو النفسى السليم . من هنا كانت أهمية إعداد الفتاة لتكون فى المستقبل أما قادرة على القيام بمهمتها السامية فى رعاية أسرتها وفى الوقت نفسه قادرة على تحقيق ذاتها وخدمة مجتمعها من دون أن يطغى أى من الجانبين على الآخر. ويضيف د. عاصم حجازى قائلا إلا أن إعداد الفتاة لهذه المسئولية العظيمة ليس بالأمر الهين، ويحتاج إلى بذل الجهد والمتابعة المستمرة . وأول ما ينبغى على الأسرة أن تقوم به هو أن تعمل على تحديد الهدف وتوضيحه للفتاة، فالإنسان لا يتعلم جيدا فى ظل عدم وجود أهداف واضحة، ولذلك يجب على الأم أن توضح لابنتها أهمية أن تكون فتاة صالحة قادرة على خدمة أسرتها بكفاءة وفى الوقت ذاته قادرة على إثبات وجودها فى المجتمع، ذلك أن وضوح الهدف بهذا الشكل للفتاة يساعدها على تحديد مسارها وتعديله كلما ابتعدت عن هذا الهدف، كما أن وضوح الهدف يساعد فى تقوية الدوافع لدى الفتاة لكى تتعلم. ويضيف د.حجازى ضرورة توضيح المعايير والأدوار المطلوب من الفتاة القيام بها؛ لكى تكون أما مثالية وربة أسرة ناجحة وقادرة على تحقيق أهدافها وتحقيق النجاحات فى ميادين العمل والحياة، ومن الضرورى أن تدرك الأم أن السبب فى وجود أمهات غير قادرات على القيام بواجبهن تجاه أسرهن والمجتمع هو عدم إدراكهن للمعايير الصحيحة وعدم معرفتهن بالأدوار المطلوبة منهن بكل وضوح، وهو ما يؤكد أهمية توضيح هذه المعايير وتحديد الأدوار بكل دقة ويسهم أيضا فى تقوية الدافع لدى الفتاة إدراكها لأهمية الدور العظيم الذى تقوم به فى المجتمع. وإلى جانب تقوية الدافع تنشأ أيضا الثقة بالنفس ومفهوم الذات الإيجابية، والتفاؤل والإقبال على الحياة والعمل، والنمو النفسى السليم، كما أن «النمذجة» والتربية بالقدوة تلعب دورا بارزا فى المساعدة على إعداد الفتاة للقيام بدورها فى المستقبل بكفاءة ، وتبدأ القدوة من الأم ، ويجب على الأم أيضا أن تعمل على استغلال الروابط العاطفية القوية التى تربطها بأبنائها وبصفة خاصة الفتيات فى الكشف عن مشاعرهن وتوجيهها فى الاتجاه الصحيح، وحثهن على أن يتحملن المسئولية بكفاءة، وفى سبيل تحقيق ذلك يجب أن تعمل الأم على وجود حوار مفتوح وقناة اتصال دائمة مع ابنتها وأن تشركها فى التخطيط لمستقبل الأسرة، كما أن الممارسة تعمل على تدعيم السلوك وتقويته وخلق الاتجاهات الإيجابية وتنميتها، ولهذا فإن على الأم أن تعمل على إشراك الفتاة فى القيام ببعض شئون المنزل وإشراكها فى القرارات التى تتخذها الأسرة والاستماع لرأيها بكل اهتمام . ولا يقل أهمية عن ذلك بحسب د. حجازى أن تتقصى الأم أيضا أخبار ابنتها فى العمل والدراسة وتعمل على مساعدتها على الوصول إلى حل للمشكلات التى ربما تواجهها ، وتجاوز العقبات التى ربما تقابلها، ولكن يجب أن تحرص الأم على عدم تقديم نصائح جاهزة وحلول سريعة للمشكلات بل يجب أن تساعد ابنتها على التفكير فى المشكلة والاختيار من بين بدائل عدة ، وتناقشها فى كل بديل تقترحه إلى أن تصل فى النهاية إلى القرار الصحيح بعد أن تكون قد بذلت مجهودا فى التفكير واختبار البدائل وتعرفت على أوجه القوة والضعف فى كل خيار من الخيارات المتاحة. ومن الأمور المهمة التى يجب على الأم أن تحرص عليها أن تدرب ابنتها على الصمود النفسى وكفاءة المواجهة والتى تشير إلى التوافق الإيجابى مع ظروف الحياة الصعبة والضغوط وذلك لكى تستطيع أن تقوم بأهم أدوار الأم فى المستقبل . والأم هى مصدر الفتاة للحصول على المعلومات المتعلقة ببناء الأسرة والمحافظة عليها ، ولذلك يجب أن تحرص الأم على توضيح الأسس التى تقوم عليها الأسرة والتى تنبنى على التعاون وليس على التنافس ، وعلى التضحية والإيثار وليس على الأنانية وحب الذات، وعلى الاحترام والتقدير وعلى وجود أهداف مشتركة مع احترام كل طرف من الأطراف للأهداف الخاصة بالطرف الآخر وتقديم الدعم والمساندة.