ظاهرة قد تكون هي الأكثر انتشارًا هذه الأيام، قنوات على اليوتيوب، وفيديوهات تنتشر على معظم صفحات السوشال ميديا، وكتب تستعرض سير فقهاء ورجال الدين، كلها في خط واحد، تشويه سمعة الآخرين سواء من هم على قيد الحياة، أو من رحلوا. وقد أثار دهشتي بعض من يصدرون كتبًا تهدف إلى النبش في سير بعض رجال الدين، فيلتقطون لهم بعض الزلل أو الأخطاء التي وقعوا فيها، ويتعاملون معهم كأنهم رسل، أو أنبياء، ويفسرون ما جاء في تصريحاتهم، أو خطبهم، أو كتبهم، بشكل مقطوع ومجتزأ، دون الرجوع إلى تصحيح هذه الأخطاء منهم أنفسهم، أو اعترافهم بأنهم قالوها نتيجة ظروف ما مروا بها، فقد اعترف مثلا الشيخ الشعراوي بأنه أخطأ في رؤيته لنكسة 1967، وله تصريحات يؤكد فيها أنه لم يقصد الشماتة فيما حدث آنذاك من هزيمة، لأنه لا يوجد إنسان يشمت في وطنه الذي يعيش على أرضه. ما يبث من بعض الباحثين عن شهرة، أو من يكتبون، أو يصدرون كتبا بغية التشهير ببعض رجال الدين، عليهم أن يعيدوا قراءة كل ما كتبه الشيخ الغزالي مثلا، أو أن يتعاملوا مع ما قاله هؤلاء الدعاة، على أنهم كانوا بشرًا، ولم يقل أحدهم إنه شاهد رؤية وهو يصعد إلى السماء، بل كانوا بسطاء لم نشاهد لهم قصورًا كبعض رجال الأعمال، أو حتى بعض الإعلاميين، لم يسكن الشيخ الغزالي قصرًا، ولم يسكن الشيخ الشعراوي في فيلا، بل كل كان يهمه بناء مسجد، وله حادثة معروفة، عندما شعر بأن الغرور يتسرب إليه ذهب لغسل حمامات مسجد سيدنا الحسين. وشاهد الشيخ محمد عبدالحليم الحديدي، وهو أحد تلاميذه الموقف فأخذ بيده، ليكشف له عما حدث. ظل الشعراوي طيلة حياته في قمة التواضع، وإن كان ما حدث في فترة توظيف الأموال من إباحة، فقد راجع نفسه، ولم يصر على رأيه، وليس حقيقة إنه كان شريكًا في شركات، وعلينا أن نتمعن في أن هؤلاء بشر وليسوا ملائكة، وأن سيرتهم طيبة، وأن نتأمل سير الأنبياء والرسل، والحكم التي صدرت منهم لنتعلم أن البشر ليسوا معصومين من الخطأ، حكمة السيد المسيح المعروفة "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر" التي قالها سيدنا عيسى عليه السلام في حق امرأة اتهمت في خطيئة، فما بالك بنا كبشر ليس لنا سلطان على أحد، فهل كل ما يهمنا أن نبحث عن شهرة أو أن نحقق تريند، وتوزيع، على حساب سمعة من رقدوا في التراب، ومن يحتاجون منا إلى الدعاء بالرحمة، فلهم ما لهم وعليهم ما عليهم مثل من يكتب أو يسجل أو يشوه في صورهم، قد يكون "عليه ما عليه" فقط، وليس له ما له، فلنتق الله في سير الناس، ولن أسرد هنا أحاديث، أو آيات من القرآن الكريم، فقط أقول كفى تشويهًا في سير رجال الله، خصوصًا من أحبهم الناس كافة، ولم يصنفوا ضمن فصيل، كما يسرد هؤلاء في مؤلفاتهم، هناك بعض من يلقبون حاليًا بالدعاة يجنحون بآراء ليس فيها من الدين شيء، ومع ذلك لم نرى كتبًا أو قنوات تهاجمهم أو تردعهم فيما يفتون فيه دون دليل.. فلما كبار العلماء ممن رحلوا تحت سيوف الباحثين عن "التريند"؟!