خدمة اجتماعية بني سويف تنظم ملتقى متلازمة الإصلاح والتنمية    مجمع البحوث الإسلامية عن منتدى مرصد الأزهر «اسمع واتكلم»: يتيح المجال للشباب أن يتكلم    المنيا.. انتظام امتحانات الفصل الدراسي الثاني لصفوف النقل بدون شكاوى    محافظ أسيوط: تخصيص خطوط ساخنة لتلقي شكاوى المواطنين بشأن منظومة التصالح    هايد بارك العقارية للتطوير تطرح Lagoon Town على لاجون بمساحة 22 ألف متر مربع بمشروع Seashore رأس الحكمة    إطلاق المرحلة الثانية لمشروع التمكين الاقتصادي للمرأة بالفيوم    شياع السوداني: يجب زيادة الجهود لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة    معبر رفح وإدارته.. سيناريوهات عديدة وسلسلة تعقيدات على الأرض    بيان عاجل من الزمالك بشأن حكم الفار في نهائي الكونفدرالية    حبس 4 أشخاص لاتهامهم بالتنقيب عن الآثار في المعصرة    المتحف المصري بالتحرير يعرض 3 قطع لاحتفالات المصريين القدماء بأعياد الربيع    متحفا نجيب محفوظ وأم كلثوم مجانا بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف    افتتاح قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى دمياط العام    روسيا تؤكد ضرب مواقع عسكرية وشبكة الطاقة الأوكرانية "ردا" على هجمات كييف    تأجيل محاكمة متهم ب"أحداث وسط البلد" إلى 22 يونيو المقبل    خان شقيقه بمعاشرة زوجته ثم أنهى حياته بمساعدتها في كفر الشيخ    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    رئيس نادي خيتافي يكشف مصير ميسون جرينوود في الموسم المقبل    أفضل دعاء للأبناء بالنجاح والتوفيق في الامتحانات.. رددها دائما    أخبار الأهلي : اليوم ..حفل تأبين العامري فاروق بالأهلي بحضور كبار مسؤولي الرياضة    تعذيب حتى الموت| قرار جديد بشأن المتهم بإنهاء حياة صغيرة السلام    بعد حلف اليمين الدستوري.. الصين تهنئ بوتين بتنصيبه رئيسا لروسيا للمرة الخامسة    صادرات السيارات بكوريا الجنوبية تقفز 10.3% خلال أبريل الماضي    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    فصائل فلسطينية: سنتعامل مع إفرازات أي مخطط للوصاية على معبر رفح كما نتعامل مع الاحتلال    باتور... سيارة حصرية جديدة من بنتلي    علاء مبارك ينتقد مركز "تكوين الفكر العربي".. بين الهدف المعلن والتحفظ على العقيدة    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    أصالة تحذف صورها مع زوجها فائق حسن.. وتثير شكوك الانفصال    البنك المركزي يصدر تعليمات منظمة للتعامل مع الشكاوي بالبنوك    30 جنيهًا للعبوة 800 جرام.. «التموين» تطرح زيت طعام مدعمًا على البطاقات من أول مايو    الإفتاء تكشف محظورات الإحرام في مناسك الحج.. منها حلق الشعر ولبس المخيط    وزير الخارجية الإيراني: طهران والقاهرة تتجهان نحو إعادة علاقاتهما الدبلوماسية إلي طبيعتها    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    رئيس جامعة القاهرة ينعى الدكتور إبراهيم درويش أستاذ العلوم السياسية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    نائب يسخر من تخفيف أحمال الكهرباء: الحكومة عاملة عرض ساعتين بدل ساعة    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    لبلبة و سلمي الشماع أبرز الحضور في ختام مهرجان بردية للسينما    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنتوني هوبكنز: سنتحرر في الحياة عندما نكتشف أننا لسنا مهمين
نشر في بوابة الأهرام يوم 03 - 03 - 2021

أنطوني هوبكنز: دخلت التمثيل بالصدفة ويبدو أنني ذاهب إلى «الميتافيزيقيا»
«أهم درس في التمثيل تعلمته من لورانس أوليفييه.. أجعل كل شيء بسيطًا»
«السيناريو هو خارطة طريق الفن والإبداع»
يبدو الممثل الكبير أنطوني هوبكنز راضيًا كمتصوف، ويظهر هذا الرضا في ملامحه خارج الأدوار السينمائية، رغم أنه ليس متدينًا لكن ربما ذلك ما منحه عمراً فوق عمره.

لا يشعر هوبكنز بثقل العمر، وهو في رحابة العالم الافتراضي منذ عام بسبب الكورونا، وكانت آخر حواراته الإعلامية دلالة على ذلك، والتي تمت عبر "تطبيق زووم"، وقد حكى فيه لجمهوره عن آخر أدواره في فيلم "الأب" الذي رشح لجائزة الجولدن جلوب 2021. لم يفز الفيلم بالجائزة، لكن لا يبدو أن هذا يهم هوبكنز الذي يكمل مشواره الفني وهو في الثالثة والثمانين بحيوية الشباب التي تشتعل كلما تقدم في العمر.

"كان يجب أن أكون الآن في بورت تالبوت، مسقط رأسه في ويلز ببريطانيا، إما ميتاً أو أعمل في مخبز أبي، ولكن لسبب ما لا أعرفه، أنا هنا. لا شيء من ذلك يبدو منطقيًا، ولكنني أنظر إليه الآن وأقول لنفسي نحن بخير يا فتى". هكذا قال بطل صمت الحملان - The Silence of the Lambs الفائز بأوسكار 1992 عن دور هانيبال ليكتر، والذي تم ترشيحه ل3 جوائز أخرى، عن دوره في Remains of the Day (1993) و Nixon (1995) وAmistad (1997.

في العام 1968، قدم أنطوني هوبكنز أول أدواره السينمائية الجادة عندما لعب دور الابن المتعطش للسلطة لبيتر أوتول وكاثرين هيبورن في فيلم "الأسد في الشتاء". ومر نصف قرن من السينما والإبداع ليرتبط اسم هوبكنز عبرها بالأدوار المتميزة - ألفريد هيتشكوك، والبابا بنديكتوس السادس عشر في فيلم الباباوان، والملك لير الذي لعبه مرتين، وجون كوينسي آدامز، وبابلو بيكاسو، وغيرهم.

لا يزال هوبكنز يعيش بعمق سنوات الأسد في الشتاء. لكنه، كما تقول صحيفة ذي نيويوركر في مقدمة حوارها معه - لا يزأر على حسابه على موقع إنستجرام، وإنما يمتع متابعيه البالغ عددهم مليونين ونصف المليون متابع بمقطوعات موسيقية لشوبان، يعزفها من منزله في باسيفيك باليساديس، حيث يخضع للحجر المنزلي الاختياري منذ العام الماضي. وفي الحجر الذي يفرضه على نفسه منذ بدء جائحة كورونا، يمارس هوبكنز هواياته: الرسم والقراءة، ويلعب مع قطته. ومن يدري ربما أغرته تلك الحياة الهادئة الجديدة بالاستمرار فيها حتى بعد أن حصل مؤخرا على لقاح كوفيد 19 الجديد.

ولا يزال بإمكان هوبكنز أن يخطف الأضواء على الشاشة، ويثير الجدل كما فعل في فيلمه الأخير "الأب"، الذي أخرجه الفرنسي الكاتب الفرنسي فلوريان زيلر، عن مسرحية له بالاسم نفسه، ويقوم هوبكنز ببطولته بشخصية رجل عجوز يعاني الخرف، وهو عالق بين العدوانية والتشوش، رافضا محاولات ابنته "أوليفيا كولمان" لرعايته واحتوائه.

وقد قدم هوبكنز في الفيلم كالعادة واحدًا من أفضل أدواره، حيث يتأرجح بين الغضب والتشوش والعجز والتحدي وهي الحالة التي يجيد فيها هوبكنز التحرك في الأداء، كما فعل في أفلام كثيرة. وقد ساعده سيناريو زيلر في صنع نوع من المتاهة التي تأخذ المشاهد داخل وعي الأب المشوش؛ حيث الشخصيات تختفي فجأة أو تتغير الوجوه، تتغير الإعدادات، لنشعر بالارتباك معه.

كما هو الحال دائمًا، فإن هوبكنز بارع في مشاهد "التأمل" على الشاشة؛ يمكنك أن ترى شخصيته وهو يقلب الأفكار، أو يقاوم الأفكار التي تقتحمه عنوة. ربما لذلك هو الآن في طليعة قائمة المرشحين لأفضل ممثل في الأوسكار، بعد عام من ترشيحه عن دوره في فيلم "The Two Popes"، وبعد ثلاثة عقود من دوره الحائز على جائزة الأوسكار في "Silence of the Lambs".

في عام الكورونا لم يقدم هوبكنز سوى هذا الفيلم، وهذا وضع غريب بالنسبة له. لكن الفيلم- الذي يدور حول لعبة الزمن، كان على حد قوله تجربة جيدة.. "فقد كان لدي الكثير من السطور لأحفظها. وهي عملية تحافظ على ذهني حاضرًا. ولم أعمل شيئا منذ فيلم "الأب"، وفي الواقع، كنت محبوسًا لمدة عام كامل. لكنني تلقيت التطعيم الأسبوع الماضي، ولدي لقاح آخر قادم. لذلك أعزف على البيانو وأرسم وأقرأ كثيرًا".

الموسيقى والرسم
الموسيقى في حياة هوبكنز غرام الطفولة. بدأت علاقته بها وهو في الخامسة "جعلتني أمي أذهب لدروس الموسيقى فاستمرت علاقتي بها. والآن أحاول عزف مقطوعات صعبة لرحمانينوف وشوبان وسكريبين. ليس لدي طموح للعزف في قاعة كارنيجي أو أي شيء من هذا القبيل، لكني أفعل ذلك من أجل سعادتي فقط. ولديّ بيانو من طراز Bösendorfer، وعندما افكر في الغزف أختبئ بعيدًا في قبو منزلي، حتى لا أزعج أحدا".

لكن هوبكنز تلقى إعجابًا كبيرًا عندما قاد المايسترو الهولندي الشهير أندريه ريو أوركستراه لعزف مقطوعة هوبكنز "واللحن يمضي"، في أكبر قاعات الموسيقى الأوروبية.

أما الرسم فقد كان هواية متقطعة، إلا أن زوجته أعادته إليها منذ بضع سنوات، لأنها وجدت بعض رسوماته القديمة وأعجبت بموهبته وقدرته الفنية، وطلبت منه العودة لهوايته القديمة. وقد عاد بالفعل ودشن معرضا للوحاته وبدأ يبيعها لأنه اكتشف أن لألوانه وخطوطه جمهورا كبيرا، كما يقول في صحيفة ذي نيويوركر.

يتذكر هوبكنز يوم حضر ستان وينستون، مبتكر كل شخصيات الوحوش في فيلم "Jurassic Park"، إلى الاستوديو الخاص به وشاهد لوحاته معلقة، فقال: "من رسم هذه اللوحات؟" فقطب النجم السينمائي جبينه وقال بخجل :"أنا". فقال له وينستون: "لماذا تكشر هكذا؟" فرد عليه "لأني لم أدرس الرسم" فقال له: "لا تدرس. فقط ارسم. فلديك ما ترسمه ولديك الموهبة .. "وقد وجدت أن هذه فلسفة جيدة في الحياة. لا تفكر كثيرًا في الأمر. بل أفعله"

بهجة الإنستجرام
هوبكنز الذي يشيع البهجة على الانستجرام ليس هو هوبكنز الشاب الذي كان مليئًا بالعضب في المسرح كما في السينما يقول عن علاقته بالسوشيال ميديا:

"بدأ الأمر مع مارك والبيرج. كنت أعمل في أكسفورد على فيلم مايكل باي "Transformers: The Last Knight". وقال: "أريدك أن تنشر تغريدة على Twitter". لم أكن أعرف ما الذي كان يتحدث عنه. فأنا غافل قليلاً عن هذه الأمور. لذلك أرسلت له تغريدة، وهكذا بدأت قصتي مع السوشيال ميديا، وشجعتني زوجتي على القيام بذلك، خاصة في هذه الأوقات العصيبة.

وفي فترة الجائحة الملايين من الناس لا يستطيعون الخروج من بيوتهم. ولذلك أحاول نشر تغريدات مبهجة. نظرًا لأننا مرتبكون مثل باقي البشر، يمكننا أن نجد طريقة للخروج من هذا. أنا أفضل أن أعيش بتفاؤل".

أنا ممثل
عندما قدم هوبكنز دور بابا الفاتيكان سأله مذيع البي بي سي، كيف لممثل ملحد أن يقدم دور رمز عالمي للإيمان، فرد ببساطة: "لأن السيناريو مكتوب بعناية وجعل الأمر سهلا علي. كما أن خبرتي أفادتني . وأنا ممثل ألعب كل الادوار". وعندما سأله محرر النيويوركر عن دوره في فيلم الأب رد تقريبا باجابة قريبة نفى فيها وجود خبرة سابقة له مع الخرف.

"لم يعان أحد في عائلتي من الخرف مطلقًا. فقد توفي والدي بسبب أمراض القلب. وماتت والدتي من الشيخوخة، في التاسعة والثمانين. لم أشهد سوى لحظة واحدة من الخرف، في والد زوجة أحد الأصدقاء. كان على الأسرة من حوله التأقلم والتحلي بالصبر. يحاولون الإجابة على أسئلته. ولا يحاولون مناقضته. كان يعتقد أن المحيط الهادئ هو نهر هدسون، واعتقد أن ابنته هي زوجته. وذات ليلة وهم يطعموه وجبة العشاء أمام التليفزيون ، مات في سلام .

ولكن لكي أجيب عن سؤالك: إذا اتبعت سيناريو رائعًا، فإن اللغة هي خريطة الطريق، وبالتالي لا يتعين عليك التصرف. أتذكر اليوم الأول مع أوليفيا كولمان، أول مشهد لنا معًا، دخلت الغرفة وقالت، "ما الذي يحدث؟ ماذا حدث؟ " عن المرأة التي طردتها. أقول، "ماذا تقصدين، ماذا حدث "؟

يتابع: "وعندما تعمل مع ممثلة مثل أوليفيا، فيكون الأمر سهلاً للغاية. التمثيل غير مطلوب. وأعتقد، لأنني أبلغ من العمر ثلاثة وثمانين عامًا، فأنا أقرب إلى ذلك العمر، ذلك العمر الخطير الذي يمكن أن يحدث فيه الخرف.

وقد كان سيناريو الفيلم ذكيًا جدًا في دفع الجمهور إلى هذه اللحظات التي لا يعرف فيها الأب مكان وجوده أو من يتحدث معه".

كل ما كان هوبكنر يفعله طوال الفيلم هو محاولة التأقلم مع حالة الإنكار التي يعيشها الأب.. في مشهد في النهاية حيث ينهار الأب ويتراجع إلى مرحلة الطفولة، وينادي والدته.. في مثل هذه المشاهد تكمن "الصعوبة" .

وعندما سأله المحرر: قلت إن هذا كان فيلمًا سهلًا، لكن هذا يبدو صعبًا في رأيي! ابتسم هوبكنز وقال:

"أنا أمارس التمثيل منذ أكثر من نصف قرن ومع مرور السنين، صار التمثيل أسهل. عندما تكون أصغر سنًا، فأنت تريد أن تصبح "الشخص الذي تمثله" أو تتقمص الشخصية. ولذلك أقول لكل الفنانين الشباب "فقط اجعل الأمر بسيطًا قدر الإمكان"، وإذا شعرت أن عليك أن تفعل ذلك على الطريقة المنهجية التي تعلمتها من ستانيسلافسكي، أو لي ستراسبيرج، فلا بأس.. فقد تدربت بهذه الطريقة المنهجية، ومع مرور السنين أدخلت في مجموعة مهاراتي طريقة سريعة للقيام بذلك. أي، لتبسيط الأمر، وجعله سلسًا.. أتعرف على النص وبمجرد أن أحفظه، فإن الأمر يصبح ركوب السيارة، وبعد سنوات من الخبرة. يصبح تلقائيًا. وقد تلقيت نصيحة حول ذلك من قبل رجلين لامعين هما جون ديكستر، المخرج العظيم، ولورنس أوليفيه الممثل العظيم اللذين قالا لي "فقط اجعل الأمر بسيطًا."

الملك لير
ولكن هوبكنر يبسط الأمور أكثر مما هي في الواقع، فقد أجاد الأداء الخالي من الزخرفة أو الانفعال المبالغ فيه.. مثلا في فيلم "بقية النهار" وفي "الملك لير" الذي قدمه وهو شاب وقدمه وهو في الثمانين من العمر.. وعن ذلك يقول:

"لعبت دور لير قبل ثلاثين عامًا، وكنت من الناحية الفنية على ما يرام. لكنني كنت صغيرًا جدًا. وفي المرة الثانية كنت في الثمانين من عمري عندما لعبت الدور، لذلك كان الأمر سهلاً بالنسبة لي. اعتقدت أنني سألعب دوره كجندي عجوز قاس لا يحب - أو أن الحب يحرجه. لا يحب ابنتيه الكبريين. ويحب ابنة واحدة لكنه يعاملها على أنها صبي. كانت خلفيتي في ذلك أن زوجتي -في النص- ماتت وهي تلد ابنتي كورديليا، لذلك أعاملها كفتى صغير وأجعلها تخشوشن، بدلاً من معاملتها كفتاة صغيرة. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها إظهار الحب لها. ولكن اكتشفت أن هذا ليس حبا بل فقر عاطفي".

ويذكر لير هوبكنز بأسرته فقد كان والده خبازًا جادًا في حياته.. لم يكن قاسيًا لكنه لم يكن عاطفيًا مع أحد فقد أنهكته الحياة وأصابت قلبه بالتضخم من فرط الإجهاد الذي كان عليه أن يعيشه ليكسب قوت يومه .."لقد ولدت قبل الحرب بقليل، وبعد ذلك مررنا بسنوات الكساد، لكن والدي كان دائمًا يقاوم. هناك الكثير من والدي ومن جدي في داخلي وأيضًا في الملك لير لكن جدي كان قاسيًا. وقد كان رجلاً رائعًا وخبازًا متميزًا، وفاز بالكثير من الكؤوس الفضية في صنع الكعك”.

بطولة بالصدفة
ويتذكر هوبكنز فشله في صنع الكعك وفشله في المدرسة..."لم أكن جيدًا في ذلك. ولم أستطع عمل أي شيء بشكل صحيح عندما كنت طفلاً. في المدرسة، كان يُنظر إلي على أني مجرد دمية.

وقد دخلت مجال التمثيل بالصدفة، كانت هناك منحة دراسية إلى مدرسة التمثيل المحلية، لم أكن قد مثلت من قبل. كان ذلك في العام 1955. لكني تركت كلية كارديف للموسيقى والدراما، والتحقت بالجيش.

وبعد الجيش التحق هوبكنز بالأكاديمية الملكية، وتخرج فيها في العام 1963، ثم التحق بالمسرح الوطني. وقد تم اختباره أمام لورانس أوليفيه "كنت شابًا مغرورًا ومتعجرفًا. واعتقدت أنني لا أريد التسكع وسط الكومبارس لبقية حياتي في لباس ضيق مجعد ممسكًا بحربة. وقلت للمخرج، ماذا علي أن أفعل لأحصل على أدوار هنا؟" فقال : "توني، لقد انضممت إلينا للتو." وابتسمت. وأعتقد أنه ذهب إلى أوليفيه وقالت ، "يبدو أن هذا الطفل الصغير يريد دورا.-" لذا أعطوني دورًا في "Juno and the Paycock" . ثم أعطاني دور أندريه في فيلم Three Sisters. وطلب مني أن أتدرب".

وفي لحظة يبتسم الحظ لهوبكنز فقد تعرض السير لورانس أوليفيه لوعكة صحية وتغيب عن المسرحية التي كان يؤديها فقالت مديرة المسرح لهوبكنز استعد لأداء دور السير لأنه مريض فصرخ في وجهها هل تمزحين معي. وكان يحفظ الدور من فرط متابعته الدقيقة لأداء أوليفيه على المسرح "كنت أصغر منه كثيرًا - لكنني حضرت البروفات وحفظت دوره وكنت أعرف بطريقة ما كيف أفعل ذلك. كنت مقلدًا جيدًا، على ما أعتقد. وقد نلت ترحيبًا حارًا في أربع ليال أديت فيها الدور بدلا عن لورانس أوليفيه".

الهروب إلى هوليوود
وبينما كان عصر المسرح البريطاني - أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات رائعًا، يقدم ممثلين كبارًا مثل إيان ماكيلين وجودي دينش ويغري شابًا مثل أنطوني بالبقاء والعمل، إلا أنه فر من شكسبير إلى هوليوود.

وعندما يروي هوبكنز القصة يأخذ منها جانبًا آخر غير فكرة الهروب فهو يصف ما حدث بالتحرر، "أعتقد أنني جررت نفسي بعيدًا عن الماضي، ففي سنوات تلمذتي في المدرسة، حيث لم أكن ذكيًا بما يكفي لأنجح في أي شيء. وكان لدي نوع من الغريزة البدائية في التمثيل، لكني لم أكن متعلمًا، ولم أكن أمتلك الثقة في نفسي. قال الناس إنني ممثل شكسبيري. لكنني لم أشعر بأنني كنت مناسبًا لهذا المسار. وكنت نافد الصبر مع المخرجين، لأنه إذا كانت لديك شكوك في نفسك، فسوف يلتقطها الآخرون وسيهاجمونك.

وقد عانيت من ذلك قليلًا. حيث كان المخرج يتحدث معي كطفل، فأثور غضبًا كالبركان. وأتذكر أنني في يناير من العام 1973 ، كنت ألعب دورًا في مسرحية "الكراهية" من إخراج جون دكستر. وكان يتعمد أن يضايقني وذات يوم قلت له، "عليك اللعنة" وغادرت. فقال لي "لن تعمل أبدًا مرة أخرى"، فقلت، "لا أكترث"، كنت مصمما ألا يخيفني صراخ مخرج مهما كان.

ورغم ذلك فعندما ذهب هوبكنز إلى نيويورك تلقى اتصالًا من زوجته تخبره أن المخرج دكستر يريده معه في عرض وعندما قابله سأله دكستر لماذا هربت فقال: "لأنك لعين"، فرد عليه المخرج: "أنت ممثل أفضل بكثير مما تعتقد. توقف عن كل هذا الهراء"، ولذلك ذهبت إلى نيويورك، وكانت أفضل الأوقات وأسوأها بطريقة ما. فقد غرقت في الخمر. ثم خرجت إلى لوس أنجلوس عام 1975، وبقيت هناك معظم حياتي.

فلسفة الحياة
يمر الناس في الحياة بتقلبات مزاجية كبيرة بين الشباب والشيخوخة، لكن هوبكنز يبدو رغم مرحه على تويتر وانستجرام ميالاً إلى الحزن حيث يقول:
"مع مرور السنين، كنت أفكر أنه ليس هناك ما يدعو للغضب. أنت محظوظ لأنك على قيد الحياة. كان غضب الشباب مجرد شعور بانعدام الأمن وبالخوف وبالطموح. أو جنون عظمة في غير محله، على الأرجح. عندما تكون صغيرًا يكون الأمر مربكًا، وأنا أرى أطفالًا صغارًا هذه الأيام، وهم يحاولون أن يكونوا رائعين، لكن يمكنك أن ترى تحت القناع أنهم ليسوا كذلك لأنهم خائفون. مثل أي شخص آخر. والاعتراف بأننا خائفون هو حرية رائعة.

في البداية نظن أن كل شيء مهم للغاية، لكننا في النهاية نكتشف أنه لا شيء مهم. كله دخان، أحيانًا أنظر إلى حياتي وأتساءل: هل كان كل ذلك حلمًا؟ كل شخص أعرفه مات الآن. رحل والداي، وأتعجب هل كانا موجودين بالفعل؟ يبدو أنني ذاهب إلى الميتافيزيقيا، والماضي بالنسبة لي غير مفهوم".

ويعود هوبكنز إلى الواقع الآن ويقول لمحاوره: "انظر إلى هذه اللحظة التي نعيشها. لقد جعلنا الوباء قلقين، لأننا اعتقدنا أننا نعرف كل شيء واكتشفنا أننا لا نعرف. نحن في قبضة ميكروب صغير غير مرئي. عندما نمر بهذا، من الأفضل أن نستيقظ ونقول، دعونا نتجمع معًا، ونرى ما يمكننا القيام به كمجتمع، بدلاً من كل هذا الاستهجان والتذمر ومهاجمة الجميع، إنها مجرد مضيعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.