مع اقتراب الموسم الدرامى فى شهر رمضان المقبل، بدأت تتضح ملامح الخريطة الدرامية حيث يشهد الموسم المقبل مشاركة أكثر من مسلسل يصل عدد حلقاته إلى 15 حلقة فى ظاهرة درامية مستحدثة فى ظاهرها، ولكن فى جوهرها ليست بجديدة على الدراما، فقد بدأت مع التليفزيون المصرى لكبار الكتاب ولكنها حديثة العهد لغيابها منذ عشرات السنوات على منظومة القائمين على الأعمال الدرامية. ومن بين الأعمال الدرامية التى تندرج تحت هذه الظاهرة فى الماراثون الرمضانى المقبل، مسلسل «بين السماء والأرض» المأخوذ عن رواية الأديب العالمى نجيب محفوظ ومعالجة درامية وتليفزيونية للسيناريست إسلام حافظ، ويشارك فى بطولته هانى سلامة ودرة وأحمد بدير، وعدد من النجوم، وإخراج ماندو العدل. مسلسل «كوفيد 25» بطولة يوسف الشريف، وبذلك يخرج أيضا عن المعتاد فى أعماله الرمضانية بشكل عام ويشاركه البطولة مى سليم، أيتن عامر، ميدو عادل، وإخراج أحمد نادر جلال، مسلسل «شقة 6» بطولة روبي، وسيد رجب، وصلاح عبد الله، وملك قورة وحمزة العيلي. كما دخلت القائمة الأعمال الكوميدية أيضا التى سيتم تناولها فى 15 حلقة حيث تعاقد الفنان على ربيع على مسلسل «الأب المثالي» تأليف محمد محمدى وأحمد محيي، وإخراج معتز التوني، وكذلك دنيا سمير غانم التى تقدم مسلسل يحمل اسم «المدينة» تأليف هشام جمال وعمرو وهبة، وإخراج هشام جمال، ومع هذا التنوع فى الأعمال التى تدور فى 15 حلقة فقط هل تنجح الدراما فى فرض شكل جديد فى رمضان المقبل ليقضى بدوره على ظاهرة التطويل التى عانت منها الدراما التليفزيونية لفترة، لتصبح الحلقات التليفزيونية على قدر فكرة العمل فقط. وتقول الناقدة ماجدة موريس إنها ظاهرة صحية فى الأعمال الدرامية وإن كانت ليست بجديدة، وتعود إلى بدايات الدراما التليفزيونية حيث بدأ التليفزيون المصرى أوائل إنتاجه بمسلسلات لا يتجاوز 7 حلقات فقط وأطلق عليها سباعية، ثم تطورت مع الموسم الدرامى الرمضانى لتصبح 15 حلقة أى تعرض حتى نصف الشهر لتتبادل معها أعمال أخرى مما كان يثير المتعة والتنوع إلى جانب تكثيف الأحداث دون أن يشعر المشاهد بالملل، وقدم هذه النوعية كبار الكتاب وحققت نجاحا جماهيريا واسعا، بل كانت باكورة لانطلاق نجوم لمعوا فى سماء الفن وخلقوا قاعدة جماهيرية لهم، ومن هنا أصبحت الشاشة التليفزيونية نافذة حقيقة للمواهب. وأضافت أن القنوات التليفزيونية نجحت فى الفترة الأخيرة فى تقديم الأعمال الدرامية القصيرة والتى أثبتت نجاحها وتم اختصار أحداثها ليس فى 15 حلقة بل فى 10 حلقات وارتبط الجمهور بها ومنها مسلسل «إلا أنا» الذى قدم حكايات منفصلة تتناول أحداثها فى الحلقات العشرة بل نجح فى تناول قضايا اجتماعية شائكة وطرح الكثير من المشكلات المسكوت عنها منها قصة «لازم أعيش» والذى تناول مشكلة التنمر وجسدتها ببراعة الفنانة الشابة جميلة عوض، و«الأمل» عن الفتاة التى تعول أسرتها وتصر على تحقيق حلمها، وتطور من ذاتها وقدمتها حنان مطاوع، ومشكلة وفاة الوالدين وتولى العمة أو الخالة رعاية الأبناء وقدمتها درة، وغيرها من القضايا التى لم تطرح من قبل فى الأعمال التى كانت تصل إلى 30 حلقة ، وهذا يؤكد أن العبرة الحقيقة ليس فى الكم ولكن فى الكيف. بينما أكد المؤلف مجدى صابر أن اتجاه صناع الدراما لتقديم أعمال درامية بحلقات قصيرة هو بلا شك اتجاه إيجابى بكل المقاييس منها القضاء على الملل والتطويل الذى يؤدى إلى نفور المشاهد من العمل أو متابعته خاصة فى ظل الاعتماد على ورش عمل للكتابة تضم شباب المبدعين الذين قد ينقصهم الخبرة فى مجال الكتابة والتأليف فى بداية حياتهم، ومن ثم لا يملكون حرفية الخطوط الدرامية التى قد تستغرق نسيج درامى يمتد لأكثر من ثلاثين حلقة أحيانا وبالتالى فإن تقديم أعمال لا تستغرق أكثر من 15 حلقة ستقدم بشكل درامى أكثر دقة وإثارة وملئ بالأحداث مما يجذب المشاهد. وأضاف أن مثل هذه الخطوة ستعود بالنفع أيضا على الجهة المنتجة التى يمكنها أن تقدم أكثر من عمل وبتكاليف أقل مع التنوع والتعدد فى الموضوعات والنجوم، موضحا أن الدراما التليفزيونية بدأت بهذا العدد وربما أقل، وسبب عودتها مرة أخرى هو المسلسلات التى تعرض على المنصات الالكترونية والتى يصل عددها إلى 8 حلقات مدة كل منها 50 دقيقة فقط، وبالتالى حينما يتم عرضها على الشاشة سنجدها تصل إلى 15 حلقة مدة كل منها 25 دقيقة ومع الإعلانات نجدها نفس مدة الحلقات العادية ولكن لا تزيد عن 15 حلقة وهو نتيجة طبيعية ومطلوب. ويرى د.محمد المرسى أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة أن بداية الأعمال الدرامية كانت عبارة عن حلقات لا تتجاوز ال 13 حلقة بشكل موجز وعميق الفكرة، ولكن مع ارتباط الأعمال الدرامية بالموسم الرمضانى وجد القائمون على صناعة الدراما وخاصة الجهات الإنتاجية والوكالات الإعلانية أن تصل عدد الحلقات إلى ثلاثين حلقة لتغطية أيام شهر رمضان، وأصبح أسلوب متبعا، ولكن للأسف مع غياب كبار الكتاب وافتقار الأفكار أصبح العمل مليئا بالمشاهد الزائدة التى إذا ما تم حذفها لن تخل بالمعنى بل على العكس يتم إضافة أحداث قد تشوه الفكرة الأساسية وتهدم البناء الدرامى وتؤدى إلى تشتت المشاهد. وأشار إلى أن دخول الإعلانات كفاصل أرهق المشاهد وجعله يعزف عن العمل الذى تصل أحداثه الفعلية إلى 25 دقيقة فقط وربما أقل بينما الأعمال القصيرة ثرية بأحداثها وغنية فى حبكتها مما يجعلها تجذب أكبر قاعدة جماهيرية، ومن ثم نجحت الأعمال الدرامية الأخيرة ليس فى ربط المشاهد بالعمل بل بالشاشة الصغيرة وعادت روح الالتفاف حول الشاشة وانتظار المسلسل مرة أخري. وأوضح أن قصر عدد حلقات المسلسل ليس مفيدا فقط لجذب المشاهد بل لجميع عناصر العمل بداية من المؤلف الذى لا يرهقه افتعال أحداث بهدف التطويل، والممثل الذى ترهقه الشخصية بنفس الحوار وانفعالاتها، بينما العمل المكثف والحوار الجيد يجعله يُخرج أفضل ما لديه من طاقات إبداعية، وفى النهاية المخرج الذى يمتلك الرؤية فى العرض، كل هذه العوامل مجتمعة تساعد على الإنتاج الغزير وإعطاء فرص أكبر للفنانين والكتاب والمخرجين بسرعة دوران عجلة العمل، وتقديم عدد أكبر ونجاح كما وكيفا، وفى النهاية الفائز هو المشاهد.