«ترويض الpku الشرس» الحل الوحيد للمواجهة.. «حيرة وكعب داير» بين أطباء الأطفال والعظام والعلاج الطبيعى والمخ والأعصاب و التخاطب.. و«نهاية» المطاف هى نفسها «البداية». صرخات «دينا» و«علي» و«هدير» و«نورين» و«نورهان» وغيرهم الكثير، أطفال وكبار كُتِبَ عليهم التعايش مع الpku، مرض لا يتم تشخيصه بسهولة، وتلك هى أكبر أزماته وأصعبها لأنه لحين اكتشافه والوصول لسبب مشكلة الطفل المُصاب به يكون قد تسبب فى تدمير الكثير مما يصعب بل يستحيل إعادته أو إصلاحه. أعراض غريبة تختلف من مُصاب لآخر، وهى أيضاً من أسباب تأخر تشخيصه؛ حيث يذهب البعض إلى أطباء الأطفال كما هو معتاد وقد يرى البعض حاجة طفله لطبيب مخ وأعصاب نظراً لحدوث تشنجات وتأخر فى التطور الطبيعى للنمو خاصة أنه معدل سريع ويسهل ملاحظته فى الشهور الأولي، وهناك من يلجأ لتخصص العلاج الطبيعى أو العظام بسبب حالة ضمور العضلات أو عدم تمكن الطفل من الاستناد والجلوس حتى بلوغ الشهر الثامن أو التاسع وأحياناً أكثر من ذلك، وقد يشاء القدر كما حدث مع نسبة كبيرة وُلِدت قبل عينة الكعب الكاشفة للمرض عند الولادة، أن يأتى التشخيص متأخراً بصورة كبيرة فيكون عدم التواصل أو الاستجابة للآخرين وفرط الحركة وبعض علامات التأخر العقلى ويتجه الأهل لأطباء ومتخصصى التخاطب. كل هؤلاء الأطباء المنتمين لتخصصات مختلفة قد لا يفكرون فى احتمال إصابة أصحاب هذه الحالات بأحد أنواع الأمراض الوراثية، وهو ما أشارت إليه معظم الأمهات وأيدتهم فيه طبيبة أمراض وراثية، مؤكدة أن معظم الأسر الذين يأتون إليها يكونون قد خاضوا رحلة طويلة بين الأطباء حتى من نفس التخصص للتأكد من نفس التشخيص حتى تأتى نصيحة أحدهم «صدفة» بطلب تحليل أمراض وراثية، الأمر الذى يتسبب فى نتائج كارثية خاصة للحالات التى تكون قد وصلت لمرحلة متأخرة بالفعل. وللوصول إلى صورة أكثر تعبيراً ودقة عن أحوال أطفال الpku وأسرهم، استعانت بمقولة إحدى الأمهات كانت تحاول من خلالها توجيه إحدى المعلمات فى مدرسة طفلتها لعدم التزامها بالحمية الغذائية التى تلتزم بها الأم وتصر عليها داخل المدرسة حيث قالت لها: «سندوتش الجبنة اللى فاكرين إنى حارمه بنتى منه وبتحاولى تقدميه ليها فى السر كنوع من الشفقة عليها ده ممكن يسبب لها إعاقة عقلية وحركية وضمور وحاجات كتير الله أعلم بيها، إحنا محدش حاسس بينا علشان محدش يعرف عننا حاجة أصلاً، إحنا فى مأساة»، تلك الواقعة التى تتذكرها الطبيبة بعد مواساة طويلة للأم التى تشعر رغماً عنها بحرمان ابنتها وتتمنى تلبية احتياجاتها وإسعادها ولكنها تقف مكتوفة الأيدى خوفاً عليها من سوء العاقبة. لذلك فإن التشخيص المبكر سواء بنتيجة عينة الكعب للمواليد أو أصحاب الحظ الأفضل الذين أجروا تحليل الأمراض الوراثية فى مرحلة مبكرة من المرض قبل أن يترك آثاره العميقة ويتوغل، يساعد فى الوقاية من نتائجه، وأهمها ضمور الجمجمة والدماغ وظهور بقع إكزيما على الجلد وضعف البنية وتأخر فى النطق والمشى والحركة لأنه انخفاض فى معدل النمو بشكل عام مما ينتج عنه عدم تواصل مع الآخرين وأحيانًا سلوكيات عنيفة معهم، وتشنجات قد تصل لحد الصرع والإعاقة العقلية. ولكن رغم صعوبة الاحتمالات والأفكار التى تدور بمخيلة الأسر عن أطفالهم وتطور المرض معهم إلا أن تضافر الجهود وزيادة التوعية ليس فقط فى نطاق المجموعات المُصابة وذويهم؛ بل للجميع، لأنهم فى النهاية جزء مهم فى رحلة التعايش من خلال مساعدة الأسرة فى الالتزام بالحمية الغذائية وعدم خرقها فى أى مكان يتواجد فيه الطفل دونهما، لذلك فإن علاج الpku هو التعايش والتأقلم من جانب أسرة المريض، والالتزام والمساندة من جانب المجتمع والجهات المعنية والقادرة على تقديم ما يلزم لهم، وأخيراً الدعم الذى تحتاجه كل أسرة لديها طفل أو أكثر PKU من الدولة ممثلة فى وزارة الصحة لأن دعم العلاج بالغذاء لا يقل أهمية ولا تكلفة عن العلاج بالدواء، بل قد يفوقه بمراحل مثلما هو الحال مع مرضى الPKU أو بالأحرى أسرهم الذين يحتاجون لتدبير ميزانية خاصة لطفلهم المُصاب لتغطية كل احتياجاته الشهرية من بدائل غذائية خالية من الفينيل آلانين، ويزداد الأمر صعوبة فى حالة إصابة أكثر من طفل، بل وتزداد حدة الأعباء والضغوطات إذا كانت الأسرة من أصحاب الدخول البسيطة أو المتوسطة، وب«حسبة بسيطة» لاحتياجات مريض PKU كفيلة بتقدير حجم العناء الذى تتكبده كل أسرة طوال العمر.